لولا الضوء لما كان للون تأثير ولولا الأمكنة لما علقت المشاهد والصور في ذهن المتلقي الفضولي الباحث بشغف مندفع في أعمال الفنانة الأمريكية دايزي مارجريت، فهي التي ارتحلت بين لوحاتها بأنوثة ميزتها وعبر ألوانها اخترقت جماليات الشرق من خلال السفر نحو دول جنوب المتوسط وهي تحمل زادها الفني المتنوع وأسلوبها الانطباعي الذي قدّمته بتأملات مستشرقة حملها الحنين الداخلي لعوالم الأحلام والخيال وقصص الف ليلة وليلة لتكتشف عناصرها البصرية وخصوصياتها داخل الفكرة وتفاصيلها ومشاهدها وعاداتها، فتحملها وتحتضن انبهارها فتنقلها بكامل اندفاعها وروحها في كل عمل وكل منجزكانت تنفذه أو تحتفظ به في دفاترها ليكون شاهدا على مرورها الشغوف وتحمّلها أعباء الترحال بين القارات لتحمل ألوانها وتضمّخها برغبة أنثى تسعى لترك بصماتها وأثرها على منحنيات الضوء وظلاله في تفاعل اللون الأزرق مع تأملاتها الشرقية الصاخبة.
هي Daisy Marguerite Hughes فنانة انطباعية أمريكية (1883-1968) تعلّمت الرسم أكاديميا وشغفت به واختصت فيه، فقد تتلمذت على يد كبار الفنانين الأمريكيين أمثال “جورج المار براون” الذي أضاف لها الكثير من المعارف الفنية التي ارتكزت على الفنون في فرنسا وكذلك أستاذها “رالف جوهنوت” حيث صاغ لها تكوينات اللون ومثيراته البصرية عند رسم المشاهد الخارجية والطبيعية في الأسلوب الانطباعي.
انخرطت في عدة جمعيات فنية نسوية وعبّرت من خلال أعمالها عن كيانها وكينونته وحضورها المؤثر في تاريخ الفن النسوي في العالم والفن الأمريكي بالخصوص، فهي لم تترك بين الأزمنة تماسا إلا وكانت فيه روحها تتداخل وتتكاثف بين اتجاهات عالمين مليئين بالتناقض، عالم الفن الذكوري والفن النسائي، حتى تبحث لها عن مكانة وحضور وتأثير، وكذلك بين عالمين اختلفا أيضا من حيث الجغرافيا والثقافة والأفكار والمجتمع، فكانت الصورة التي حملتها عن الشرق مبنية على انطباعات ما تناقله تيار أوائل المستشرقين وعلى البحث الذاتي الذي دفعها للتنقل بين الناس والأمكنة في كل تفصيل وكل منفذ بين كل منطقة وكل قرية ومدينة.
وقد وقعت مارجريت في عشق تونس فكانت لها بمثابة المرسم الواسع الذي فتح لها أبواب التجريب بين اللون والطبيعة وبين الألوان الزيتية والمائية، فكانت مثل فراشة تختار بحرية انتسابها للون مرة وهي تستدرجه نحو عمق الفراغ تفرّعا داخل المساحة تحت أقواسها في منحنيات الأزقة واكتظاظ الأسواق وبين الذاكرة وهي تتحوّل بها بصريا بين الشخوص والفضاءات وبين الطبيعة البحرية في سيدي بوسعيد والجبلية في وسط تونس وبين روحانيات القيروان وأسواق المدينة.
كانت دايزي تجيد الخروج من أبواب اللون إلى بوابات الضوء ومدارات المساحات وانتصار الذاكرة في تكوين أخيلتها المترابطة التي تتجادل مع الأزمنة وتتحوّل مع حركتها في الملامح وهي تتداخل مع العمارة وما يميّزها بين التقاليد والعادات بين الأزقة والأبواب بكل اختلافاتها من الأسواق إلى الساحات في الفضاءات العامة والخاصة.
*الأعمال المرفقة:
متحف فرحات الفن من أجل الإنسانية
Farhat Art Museum Collections
يقام في السادسة من مساء اليوم احتفال بأول إصدارات دار أم الدنيا للدراسات والنشر والتوزيع…
الرياض 13 أبريل 2022: أتاحت التأشيرة السياحية السعودية للحاصلين عليها أداء مناسك العمرة إلى جانب…
يحتاج التأمل في أعمال التشكيلي السوري محمد أسعد الملقّب بسموقان إلى يقظة شرسة تجعلنا قادرين…
في حلقة جديدة من برنامجه "تراثنا الشعري" استضاف بيت الشعر بالأقصر الأستاذ الدكتور محمد…
يقيم المركز الدولي للكتاب، خلف دار القضاء العالي، ندوته الشهرية لمناقشة أعمال (سلسلة سنابل) للأطفال،…