صاروخ “تسيركون” هدية الجيش الروسي لبوتين في عيد ميلاده الـ68
ماذا تعطي زعيماً عالمياً في عيد ميلاده الـ68؟ في روسيا النووية يبدو أن الهدية ستكون اختبار إطلاق صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت. فقد أفادت وسائل إعلام روسية رسمية أن الفرقاطة الأدميرال جورشكوف التابعة للأسطول الشمالي اختبرت بنجاح يوم الثلاثاء إطلاق صاروخ كروز تسيركون الأسرع من الصوت مضاد للسفن، في البحر الأبيض في القطب الشمالي الروسي، ونجح في إصابة هدفه.
وكان الهدف البحري على بعد 450 كيلومتراً في بحر بارنتس، فيما أُبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الإطلاق الناجح في عيد ميلاده الـ68، يوم الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020. وقال فاليري جيراسيموف، رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الروسي، لبوتين، إنها المرة الأولى التي ينجح فيها الصاروخ في ضرب هدف في البحر.
وعد بوتين يتحقق
روجت روسيا في السنوات الأخيرة لتطوير أسلحة جديدة مستقبلية تأمل أن تمنحها ميزة في أي سباق تسلح مع الولايات المتحدة، في وقت تتزايد فيه التوترات مع الغرب.
وكان بوتين الذي تعهد بزيادة الوجود العسكري الروسي في منطقة القطب الشمالي قد تحدث عن إمكانية وجود صواريخ تفوق سرعة الصوت في خطابات سابقة. وفي خطاب حالة الأمة أمام الجمعية الفيدرالية، في فبراير 2019، قال بوتين إن العمل على صاروخ تسيركون كان يسير كما هو مقرر. وادعى أن المنصة كانت قادرة على تطوير صاروخ بسرعة تبلغ حوالي 9 ماخ، ويمكن أن تتجاوز قدرتها على الضرب 1000 كيلومتر، علاوة على ذلك يمكن أن تضرب الأهداف البحرية والبرية.
فيما أشاد الرئيس الروسي بتجربة الإطلاق هذا الأسبوع، وكذلك بالجهود “الهائلة للعلماء والمصممين والعمال الموهوبين والمتخصصين العسكريين المشاركين في المشروع”.
وقال بوتين خلال اجتماع عبر الفيديو مع رئيس الأركان العامة جيراسيموف، كما أوردت وكالة تاس، إن العمل على نظام Tsirkon ومرحلة تنفيذ اختبار ناجح لهذا الصاروخ يعد حدثاً كبيراً، ليس فقط للقوات المسلحة ولكن لروسيا بأكملها، وإنه يعزز تجهيز قواتنا المسلحة -الجيش والأسطول- بأنظمة الأسلحة المتقدمة، التي ليس لها منافس في العالم، وهو ما يضمن بالتأكيد القدرة الدفاعية لدولتنا لسنوات عديدة قادمة.
وأضاف بوتين: “أود أن أهنئكم جميعاً على هذا العمل، وعلى نتائجه، وأعبر عن الأمل في أن يعمل جميع المتخصصين المشاركين في إعادة تجهيز الجيش الروسي في المستقبل بشكل فعال ومستمر كما فعلوا حتى الآن”.
ووصف الجيش الروسي الاختبار بأنه ناجح، وذكر أنه أصاب الهدف المقصود بدقة. وقال جيراسيموف لوسائل إعلام رسمية إن الصاروخ طار إلى مدى 450 كيلومتراً، وصعد إلى أقصى ارتفاع 28 كيلومتراً. مضيفاً أن رحلته استغرقت أربع دقائق ونصف. وقد اكتسب الصاروخ سرعة تفوق سرعة الصوت تفوق 8 ماخ [ثمانية أضعاف سرعة الصوت].
نهاية زمن “الحد من الأسلحة”
وتفتخر روسيا بتطوير عدد من الأسلحة “التي لا تقهر”، التي تتجاوز الأنظمة الحالية، وتشمل صواريخ Sarmat العابرة للقارات، وصواريخ Burevestnik كروز.
ودخلت أول صواريخ أفانجارد الروسية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت الخدمة، في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.
ولا يخلو البرنامج الروسي من المخاطر، فقد قُتل سبعة أشخاص في انفجار في موقع لاختبار الصواريخ، في أغسطس 2019. وربط خبراء غربيون الانفجار بالعمل في صواريخ Burevestnik.
وتأتي أحدث تجربة صاروخية في وقت تتصاعد فيه التوترات بشأن الحد من التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا. ومن المقرر أن تنتهي معاهدة ستارت الجديدة، وهي آخر اتفاقية أسلحة نووية كبرى بين البلدين، في فبراير/شباط المقبل. ومع ذلك فإن روسيا ليست وحدها في قعقعة السيوف أو إجراء اختبارات لهذه الأسلحة.
تقول مجلة National Interest الأمريكية، إن تجدد المنافسة بين القوى العظمى كالصين وروسيا والولايات المتحدة تدفع إلى زيادة الاستثمار والاهتمام بأنظمة الدفاع والصواريخ المتطورة من قبل جميع الأطراف، وقدر السوق العالمي قيمة هذا المجال بـ45.5 مليار دولار في عام 2019، وفقاً لشركة GlobalData.
وتضيف المجلة أن التقدم الروسي في الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت له أهمية استراتيجية، ويرجع ذلك جزئياً إلى الأهمية السياسية لقيادة الطريق في نشر التقنيات المتقدمة، ولكن أيضاً لأن هذه الأسلحة توفر مجموعة جديدة من التهديدات للخصوم، وفي حالة روسيا، تقدم درجة التهديد “غير المتكافئ”.
ما أهمية هذا الاختبار؟
قال بوتين سابقاً إنه لا يريد بدء سباق تسلح جديد مع الغرب، لكنه تحدث أيضاً عن أن الأسلحة النووية الروسية الحديثة “لا مثيل لها”، ولديها القدرة على ضرب أي مكان في العالم تقريباً.
ويقول خبراء للمجلة الأمريكية إن مفتاح فهم أهمية دخول هذه الأسلحة إلى الترسانة الروسية هو حقيقة أن تطوير الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت يُظهر رغبة روسيا في استخدام هذه الأسلحة، لزيادة نطاق الضربة بشكل ملحوظ للأسلحة التي ليس لها حالياً مضاد أو دفاع، لاسيما في المجال البحري.
في حين أن توقيت الاختبار لم يكن من المحتمل أن يتزامن مع عيد ميلاد بوتين فقط، فمن المؤكد أنه كان بمثابة تحذير لحلف الناتو، وربما كان إثبات إذا اختارت روسيا تصدير المنصة.
كما أن نشر مثل هذه الأسلحة سيوفر وسيلة مفيدة لتشكيل تهديد غير متكافئ لقوات من المستوى الأول، وبالتحديد أعضاء الناتو والصين، كما أن عرض الاختبار سيكون ذا أهمية تسويقية كبيرة للدول الأخرى، خاصة تلك التي تسعى روسيا إلى الإبقاء عليها في مجالها أو سوقها مثل الهند.