صراع بين البنتاجون والكونجرس بشأن صفقة “ضخمة” مع السعودية
في الوقت الذي يطير فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، تدرس وزارة الخارجية الأميركية الموافقة على صفقة أسلحة جديدة للسعوديين بأكثر من مليار دولار.
إلا أن هذا الأمر خلق صراعات حادة بين أركان النظام الأميركي، فهناك فريق ممثلاً بإدارة الرئيس الأميركي دونالد يحاول بشراسة التصدي لجهود فريق آخر من كلا الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) في الكونغرس، والذي يحاول من جهته وضع حد لدعم واشنطن للرياض بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
وفي الوقت الذي سيلتقي فيه بن سلمان مع ترامب ومسؤولين آخرين غداً الثلاثاء 20 مارس 2018، هرع كبار مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووزارة الخارجية إلى الكونغرس الأسبوع الماضي لتحذير أعضاء الكونغرس، في جلسة سرية مغلقة، من أنَّ الإجراء الذي يرغب مجلس الشيوخ في اتخاذه قد يُضر بالعلاقات مع السعودية على نحوٍ خطير.
طبيعة الجدل الدائر في النظام الأميركي
ويُصرَّ البنتاغون على أنَّ جميع مساعداته العسكرية هي مساعدات غير قتالية، مثل إرشاد القوات الجوية السعودية إلى تبنِّي طرقٍ للقصف من شأنها تقليل عدد القتلى المدنيين.
لكن في الوقت نفسه، تتودد شركة التعهُّد الدفاعي الأميركي رايثيون إلى كلٍ من أعضاء الكونغرس ووزارة الخارجية الأميركية من أجل السماح لها ببيع 60 ألف قطعة ذخيرة دقيقة التوجيه لكلٍ من السعودية والإمارات، العضو الآخر في الحملة الجوية على اليمن، في صفقاتٍ تُقدَّر بمليارات الدولارات.
أشار السيناتور مايك لي، السيناتور الجمهوري عن ولاية يوتا والذي شارك في طرح مشروع القرار، أمام المجلس الأسبوع الماضي إلى أنَّ “الحكومة الأميركية تزعم أنَّها غير منخرطة في الأعمال العدائية ما لم يُطلق العدو النار على أفراد القوات الأميركية الموجودين على الأرض”.
وأضاف: “إنَّها (الحكومة الأميركية) توسِّع الخيال، وتُمدِّد اللغة الإنكليزية إلى ما وراء نقطة الانهيار، عند إشارتها إلى أنَّ القوات العسكرية الأميركية غير منخرطة في الأعمال القتالية في اليمن”.
وعن القرار الذي يرغب مجلس الشيوخ اتخاذه، قالت إليزابيث وارن، السيناتورة الديمقراطية عن ولاية ماساتشوستس، إنَّ القرار سيسمح لعمليات مكافحة الإرهاب المدعومة أميركياً ضد تنظيم القاعدة في اليمن بالاستمرار، لكنَّه “يضمن ألَّا تمنح الولايات المتحدة السعوديين شيكاً على بياض لقصف اليمن وجعل الأزمة الإنسانية هناك أسوأ”، بحسب الصحيفة الأميركية.
جلسات نقاش حادة
وترصد الصحيفة الأميركية حدوث جلسات استماع وصفتها بالحادة للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، اتهم بعض أعضاء الكونغرس البنتاغون بالتواطؤ في حملة القصف الجانِحة التي تقودها السعودية.
في حين قالت السيناتورة الديمقراطية عن ولاية هاواي، مازي هيرونو: “إنَّنا نُمكِّن السعوديين من مواصلة معركتهم هناك”.
وردَّ الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة الأميركية الشرق الأوسط: “لسنا طرفاً في هذا الصراع”.
ما دفع مازي للرد مجدداً: “نحن نساعدهم، إنَّنا نمكَّن السعوديين من القيام بذلك”.
يقول مسؤولو البنتاغون إنَّ المستشارين الأميركيين لا يقدِّمون موافقةً مباشرةً أو غير مباشرة على اختيار أهداف القصف أو تنفيذ عمليات قصفها. لكنَّهم في المقابل يُقدِّمون المشورة في ما يتعلَّق بإجراءات الاستهداف وتسهيل عمليات فحص قائمة المباني التي “لا ينبغي قصفها”، مثل المساجد والأسواق. ومؤخراً، ساعدوا السعوديين في تحسين فعالية استخدامهم لأنظمة باتريوت المضادة للصواريخ.
ووصف تقريرٌ مُقدَّم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني الماضي “التدابير الوقائية” التي يتَّخذها التحالف بكونها “غير كافية وغير فعَّالة إلى حدٍ كبير”، وقال التقرير إنَّ “استخدام الأسلحة دقيقة التوجيه هوَ مؤشرٌ قوي أنَّ الأهداف المقصودة كانت هيَ بالفعل تلك التي تعرَّضت للقصف الجوي”.
الصفقة التي تريدها السعودية
وكشفت الصحفية الأميركية عن الصفقة التي تسعى المملكة لعقدها، حيث ترغب الرياض في شراء المزيد من الأسلحة الموجَّهة بدقة.
وقال ويليام هارتونغ، وهو مدير مشروع الأسلحة والأمن بمركز السياسة الدولية بواشنطن، إنَّ الصفقة ستكون “ضخمة بمعايير تجارة الذخائر بين الولايات المتحدة والسعودية، وستكون قطعاً بين أكبر الصفقات المعقودة بالنسبة لأنظمة الدفاع التي ستتضمنها على الأرجح، إن لم تكن الأكبر على الإطلاق”.