سوريا: تزايد عدد إصابات الفيروس وذعر بسبب فشل مكافحته في مختلف المدن
قرّر شخص ما، وهو يتضور جوعاً، في مدينة ووهان الصينية، أكل وجبة وطواط في حساء يشمل كل ما استخرج من أحشائه فأصاب الكوكب بشلل تام، رواية مبسطة يتداولها السوريون بطريقة فكاهية للربط بين مصدر الفيروس وكيفية انتشاره في محاولة للتخفيف من تأثير المشهد المأساوي الذي يلّف العالم بشكل عام وبلدهم بشكل خاص.
القضية في الواقع تبدو أكثر تعقيداً من هذه الصورة المبسطة، وبغض النظر عن ذلك، يجتاح سوريا اليوم ذعر في كل مكان، ضمن مناطق سيطرة النظام السوري وخارجه في المناطق الواقعة تحت نفوذ فصائل المعارضة شمال البلاد، حتى وصلت إجراءات الوقاية والحماية إلى درجة الإغلاق شبه الكامل في مؤسسات الدولة وقطاعات الحياة.
وبصرف النظر عن غياب الشفافية في الأرقام الرسمية وغير الرسمية، وعن واقع انتشار فيروس كورونا في عموم المحافظات، قالت مصادر رسمية لدى حكومة النظام السوري إن البلاد تشهد حالة انتشار بؤري للفيروس.
وكشفت معاون مدير مديرية الأمراض السارية، عاطف الطويل، في حديث مع إذاعة ميلودي إف إم» أمس، أن «سوريا تشهد حالة انتشار للفيروس محصور في العاصمة دمشق وريفها، بينما بعض المحافظات لم تسجل أي إصابات بعد» لافتاً إلى عدم إمكانية فرض حظر التجوال في المناطق الموبوءة بسبب انتشار الفيروس، فضلاً عن الوضع الاقتصادي الذي لا يسمح بذلك.
وقال إن الأوضاع لا تزال تحت السيطرة، مبيناً ضرورة وجود وعي بين الأهالي والالتزام بالتباعد المكاني، لمكافحة انتشار الفيروس، لا سيما في ظل انتخابات مجلس الشعب، واقتراب عيد الأضحى.
ووثقت مصادر غير رسمية إصابة أكثر من 1000 شخص شفي منهم نحو مئة، حيث تصدرت العاصمة دمشق وفق مركز جسور للدراسات قائمة المدن الموبوءة، تلاها ريف دمشق ثم حماة ودير الزور، حيث بلغ عدد الإصابات في هذه المحافظات جميعاً نحو 575 إصابة على الأقل.
وتظهر الإحصائيات غير الرسمية ارتفاع عدد إصابات «كورونا» في سوريا، بينها 42 حالة وفاة، في حين تحدثت الأرقام الرسمية حسب وزارة الصحة في حكومة النظام عن 496 حالة، حتى 17 تموز الجاري، فيما بلغ عدد الحالات المتعافية من الفيروس 144 إضافة لـ327 حالة نشطة، وبلغ عدد الوفيات نتيجة الفيروس 25 حالة، حسب المصدر.
وفي جميع الأحوال يؤكد الباحثون في مركز جسور للدراسات صعوبة أن تعبّر الاحصائيات الرسمية وغير الرسمية عن الواقع، إذ هناك احتمال أن تكون الإصابات أكبر من ذلك بكثير، بسبب صعوبة الكشف عن جميع الحالات في البلاد نتيجة تراجع أداء المنشآت الصحية والبنى التحتية، بالإضافة إلى حالة انعدام الشفافية لدى حكومة النظام السوري، والتي تسعى دوماً لعدم تسليط الضوء على الأزمات.
وتبدو الأعداد الحقيقية المصابة أكثر مما تم رصده حيث أن صعوبة الوصول للمعلومات الحقيقية سببها التخوفات الأمنية والتهديدات التي يتعرض لها الناس في سوريا.
وتزامن ارتفاع أعداد المصابين بالفيروس، مع فرض حجر صحي على مجموعة مدن وبلدات بريف العاصمة، عقب تسجيل عشرات الإصابات في المنطقة، كما علّقت وزارة التعليم العالي تدريب طلاب كليات الطب البشري في جميع المشافي الجامعية. وأصدرت تعميماً أعلنت إيقاف الدروس السريرية في جميع المشافي الجامعية لطلاب الطب البشري مؤقتًا، وإيقاف البرنامج التدريبي السريري لطالبات مدارس التمريض، على أن يعوض الفاقد التعليمي لاحقًا.
مصادر طبية من داخل العاصمة دمشق قالت لـ «القدس العربي» إن فيروس كورونا ينتشر بشكل واسع بين الأهالي في دمشق والمدن والبلدات المحيطة بها في الأرياف الشرقية والغربية، حيث تتعاظم نسبة المصابين في كل من مدن عربين والتل ومسرابا شرقاً، ومدينة «معضمية الشام» و«جديدة عرطوز» و«الجديدة» غرباً، فضلاً عن الحجر الذي فرض سابقاً على منين والسيدة زينب وصيدنايا.
وقالت مصادر محلية إن مدينة عربين في الغوطة الشرقية سجلت لوحدها قرابة 15 إصابة جديدة بالفيروس ، في ظل تعتيم إعلام النظام عن انتشار الفيروس في مناطق سيطرته، مشيرة إلى أن من بين المصابين أطباء ووجهاء من المدينة.
وكانت قد نعت «نقابة أطباء سوريا – فرع دمشق» الطبيب «غسان إبراهيم التكلة» من بلدة «مسرابا» متأثراً بالفيروس، وهو طبيب في قسم العناية المشددة في مشفى ابن النفيس في العاصمة دمشق.
وفي 22 آذار/ مارس 2020 أعلن النظام السوري عن تسجيل أوّل إصابة بفايروس كورونا بعد تكتم طويل، وحتى 30 من الشهر نفسه، ارتفع عدد الإصابات المعلن عنها إلى 10 مع تسجيل حالتي وفاة. ومنذ 14 آذار/ مارس 2020 أصدر النظام السوري جملة من الإجراءات للحد من تفاقم انتشار فيروس كورونا، أهمها، تعليق الدوام في المدارس العامة والخاصة لجميع المراحل، وفرض إجراءات لتقليل الازدحام والتجمعات، وإغلاق المحلات التجارية غير الضرورية.
كما سجلت الفرق الطبية إصابات جديدة في مناطق شمال غربي سوريا ووفقاً للمرصد السوري، فإن عدد الإصابات يسجل ارتفاعاً ملحوظاً، ومن بين المصابين أطباء وممرضون منهم 14 في إدلب وريفها، و4 مصابين في باقي المناطق.
على صعيد متصل، وجهت مديرية صحة إدلب عبر مديرها رسالة إلى قاطني الشمال السوري والمخيمات، بخصوص جائحة كورونا والإجراءات التي يجب اتخاذها للوقاية منها، ودعت للالتزام بتعليمات الحماية الشخصية والتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات.
وجهزت مديرية الصحة في إدلب ثلاثة مستشفيات لاستقبال الحالات المشتبه فيها مع وجود أربعة مراكز للحجر الصحي في كل من مدينة إدلب وسرمدا وكفرتخاريم في ريف إدلب، كما كانت «حكومة الإنقاذ» أصدرت تعميماً للحد من انتشار الفيروس في مناطق نفوذها.
ويتضمن التعميم منع التجمعات وتخفيف الازدحام، وإغلاق المسابح واقتصار عمل المطاعم على الطلبات الخارجية، وإغلاق الملاهي والحدائق العامة والخاصة، وإيقاف جميع النشاطات في الصالات والملاعب الرياضية.