هل يعيش ترامب أيامه الأخيرة رئيساً؟ 4 مشاهد تزيد احتمالات خسارته الانتخابات
نصف الولايات تشهد ارتفاعاً قياسياً في أعداد مصابي كورونا، والاتحاد الأوروبي يقول إنه قد يتخذ قراراً بمنع دخول الأمريكيين، بعد أيام قليلة من فضيحة التجمع الانتخابي في أوكلاهوما، لكن المشهد الرابع ربما يكون حاسماً، وهو انفضاض الجمهوريين من حوله، فهل بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفقد الثقة بالفوز؟
جمهوريون ضد ترامب
أمس الثلاثاء 23 يونيو/حزيران، نشرت رويترز تقريراً حول عشرات من الجمهوريين من مسؤولي الأمن القومي الأمريكي السابقين يعملون على تشكيل مجموعة ستقدم الدعم للمرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن، وذلك في إشارة أخرى على أن ترامب يخسر المزيد من النقاط من داخل المعسكر الجمهوري الذي لطالما تفاخر الرئيس بأنه أكثر سياسي يحظى بدعم مطلق بين حزبه.
وبعد أن انفجرت قنبلة مستشار الأمن القومي السابق لترامب جون بولتون من خلال كتابه الذي مثل إحراجاً كبيراً للرئيس، وشهد تبادلاً للشتائم والاتهامات وصلت لحد تأكيد بولتون علناً أن بقاء ترامب رئيساً لفترة ثانية “سيكون مزعجاً للغاية”، وهو ما يعني أن بولتون على الأرجح أحد أفراد المجموعة التي تحدث عنها تقرير رويترز.
الواقع أن قائمة المسؤولين الجمهوريين السابقين المعارضين الآن لترامب تضم مجموعة لا يستهان بها من السياسيين المؤثرين داخل الحزب وفي الحياة السياسية الأمريكية بشكل عام، ومنهم جون كيلي رئيس موظفي البيت الأبيض السابق في إدارة ترامب، وجيمس ماتيس وزير دفاعه السابق ودان كوتس مديره السابق للمخابرات الوطنية وريكس تيليريسون وزير خارجيته السابق.
رد ترامب على انتقادات بولتون ووصف مستشاره السابق للأمن القومي “بعديم الكفاءة والمجنون” وغيرها من الشتائم، وهو نفس الرد الذي يستخدمه الرئيس الجمهوري ضد المسؤولين السابقين في إدارته الذين يجرؤون على توجيه الانتقادات له، يطرح تساؤلاً منطقياً: لماذا قام ترامب بتوظيفهم إذن؟
كورونا يضرب بعنف
المشهد الثاني الذي يمثل إرباكاً لترامب يتعلق بمعركة وباء كورونا على الأراضي الأمريكية والتي تشهد منعطفاً خطيراً، حيث إنه في الوقت الذي أعلن فيه ترامب في مؤتمر انتخابي أمس الثلاثاء أن الفيروس “ينتهي ويتلاشى”، أظهرت الأرقام وشهادة خبير الأوبئة الأول أنطوني فوتشي موقفاً مغايراً تماماً.
واصلت أعداد المصابين بعدوى الوباء الارتفاع بصورة قياسية في نصف عدد الولايات خصوصاً في تكساس وفلوريدا وأريزونا وكلها ولايات رفعت إجراءات الإغلاق بشكل كامل، عكس تحذيرات مسؤولي الصحة، وعملاً بنصائح ترامب الذي لا زال مُصراً على أن السبب في ارتفاع أعداد المصابين الرسمية في البلاد هو أنها الدولة رقم واحد عالمياً في إجراء الفحوصات، مقترحاً تقليل الفحوصات.
لكن فوتشي وأمام الكونغرس قدم رؤية مغايرة تماماً لما يقوله ترامب، محذراً من أن البلاد “تشهد ارتفاعاً مقلقاً في سرعة تفشي العدوى”، والمزعج في ظهور فوتشي أمس الثلاثاء هو أن الرجل مسؤول في إدارة ترامب وكلامه تصريح رسمي، مما يؤكد سوء إدارة معركة الوباء وهو الاتهام الذي يلاحق ترامب ويعتبر أحد أسباب تراجع شعبيته بصورة لافتة قبل نحو خمسة أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية.
وتزداد قتامة المشهد بتحذير الاتحاد الأوروبي أنه قد يمنع القادمين من الولايات المتحدة من دخول دول الاتحاد، وذلك بعد أن وصلت أعداد الإصابة في أمريكا نحو مليونين ونصف المليون، وفقد أكثر من 123 ألفاً حياتهم بسبب الوباء، وسيمثل قرار مثل هذا إحراجاً كبيراً للرئيس الأمريكي بالطبع، ولا ننسى هنا أن ترامب نفسه كان قد اتخذ قرار دخول القادمين من الاتحاد الأوروبي إلى بلاده بشكل أحادي ومفاجئ أزعج أوروبا وعبر الاتحاد عن ذلك حينها.
فضيحة المقاعد الخالية
تأتي هذه المشاهد المربكة بصورة متتابعة تمثل إرباكاً غير متوقع للرئيس وتضعف ثقته بالفوز بفترة رئاسية ثانية كانت حتى بداية العام الجاري تبدو شبه محسومة لصالحه، في وقت كان يعول ترامب على مؤتمره الانتخابي الأول بعد رفع إجراءات الإغلاق بسبب كورونا ليمثل انطلاقة كان يحتاجها بشدة.
مساء السبت الماضي كان يفترض أن يمثل ضربة البداية الحقيقية لحملة استعادة ترامب زمام الأمور وذلك انطلاقاً من ولاية أوكلاهوما وتحديداً مدينة تولسا، حيث كان يفترض وجود 20 ألف ناخب داخل القاعة المغلقة وأكثر من 120 ألفاً آخرين خارجها، حيث تم إعداد مسرح ليلقي من فوقه ترامب خطاباً آخر بعد أن يُنهي خطابه داخل القاعة.
وأعلنت حملته الانتخابية قبلها بيومين تلقي مليون طلب لشراء تذاكر التجمع الانتخابي، لكن المفاجأة كانت أن غالبية مقاعد القاعة المغلقة كانت فارغة، حيث لم يحضر سوى 7200 شخص فقط، بينما لم يكن هناك أحداً بالخارج ما اضطر أعضاء حملة الرئيس لتفكيك المسرح الخارجي بينما كان يلقي خطابه في الداخل.
هذا المشهد الذي أطلقت عليه غالبية وسائل الإعلام الأمريكية “فضيحة تولسا” كان البداية في مشاهد تنمّ عن الارتباك طوال هذا الأسبوع، والذي توجته الأنباء عن اعتزام عدد كبير من المسؤولين الجمهوريين الإعلان رسمياً عن تأييد بايدن وربما يتم ذلك خلال الأسابيع المقبلة، حيث يخطط أعضاؤها لإطلاق حملة لصالح بايدن الذي يواجه ترامب في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني، بحسب مصادر تحدثت لرويترز، وأضافت أن الخطة تضم ما لا يقل عن 24 مسؤولاً خدموا تحت قيادة الرؤساء الجمهوريين السابقين رونالد ريغان وجورج بوش الأب وجورج بوش الابن، كما يجري الحديث مع عشرات آخرين للانضمام.
وقالت المصادر إن المجموعة ستدفع بأن استمرار ترامب أربعة أعوام أخرى في الرئاسة سيعرض الأمن القومي للولايات المتحدة للخطر، وأنه ينبغي للجمهوريين أن ينظروا لبايدن على أنه خيار أفضل رغم الخلافات السياسية.
ماذا لو أجريت الانتخابات اليوم؟
وبما أن المجمع الانتخابي في الولايات المتحدة الأمريكية هو الذي يقرر من الفائز بالرئاسة، وعلى من يفوز أن يحظى بتأييد 270 عضواً على الأقل من ذلك المجمع الذي يبلغ إجمالي أعضائه 538 يمثلون الولايات جميعها، أظهرت آخر استطلاعات الرأي أمس الثلاثاء 23 يونيو/حزيران أن الموقف بدأ بالفعل يخرج عن سيطرة الرئيس الجمهوري.
فبحسب المراكز المتخصصة في قراءة المشهد الانتخابي، يحظى بايدن بتأييد 248 عضواً في المجمع الانتخابي (قرروا بالفعل بشكل نهائي أو يميلون للتصويت للمرشح الديمقراطي) في مقابل 204 أعضاء قرروا بالفعل أو يميلون للتصويت لصالح ترامب، وهو ما يعني أن 458 عضواً قد حسموا أمرهم بالفعل أو اقتربوا من الحسم بالميل أكثر نحو أحد المرشحين.
هذا يعني أنه خلال الفترة المتبقية على موعد الانتخابات، يحتاج بايدن للفوز بتأييد 26% فقط من الأصوات المتأرجحة حتى الآن (ولايات ودوائر انتخابية)، بينما يحتاج ترامب للفوز بأكثر من 75% من تلك الأصوات المتأرجحة، أو بمعنى آخر لا يملك الرئيس فرصاً كبيرة لأن يرتكب أخطاء مؤثرة فيما تبقى من وقت، عكس بايدن الذي أصبح لا يحتاج لجهد مضاعف كي يفوز، بحسب المراقبين.
وبحسب نيت سيلفر أحد هؤلاء المتخصصين في قراءة التوجهات الانتخابية، فإنه على “افتراض أن الولايات المتأرجحة ستتبع نفس النمط التصويتي في انتخابات 2016 التي فاز بها ترامب، فهذا يعني أن بايدن متقدم في الولايات التي يبلغ مجموع أصواتها في المجمع الانتخابي 368 صوتاً مقابل تقدم ترامب في ولايات مجموع أصواتها في المجمع 170 فقط”.
هذا بالطبع لا يعني أن المعركة الانتخابية قد انتهت بالنسبة لترامب، حيث لا يزال هناك متسع من الوقت أمام الرئيس الجمهوري كي يعود إلى السباق، لكن لو أجريت الانتخابات اليوم لفاز بايدن بأغلبية ساحقة.