الجارديان: علاقات بريطانيا الخاصة مع أمريكا ستتأثر بإعادة انتخاب ترامب ونجاح بايدن
قال المحرر الدبلوماسي في صحيفة “الجارديان” باتريك وينتور إن المسؤولين البريطانيين السابقين خائفون من وضع بريطانيا وعلاقتها “الخاصة” مع الولايات المتحدة التي قد تنتهي حال إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب في شهر نوفمبر المقبل. وعبروا عن خوف مماثل حالة انتخب المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن الذي قد يقوم بتهميش المملكة المتحدة.
وقال وينتور إن التقييم الذي قدمه مسؤولون سابقون وخبراء محافظون في السياسة الخارجية ورد في سلسلة من حلقات النقاش السرية نظمت الشهر الماضي. ويخشى هؤلاء أن يختار بايدن أوروبا كشريك أساسي على حساب بريطانيا. وكشفت حلقات النقاش هذه عن قلق المسؤولين البريطانيين من أداء الرئيس ترامب في أزمة فيروس كورونا.
وتعكس آراء المسؤولين والدبلوماسيين السابقين نتائج الحوارات مع أنتوني بلينكين، مستشار السياسة الخارجية لبايدن. ويبحث الدبلوماسيون البريطانيون بدلا من ذلك عن تحالف مع ديمقراطيات قد يخفف من الاعتماد على الولايات المتحدة. وقال وزير التنمية والتطوير الدولي السابق المحافظ روري ستيوارت: “لو انتخب ترامب لأربع سنوات أخرى فسيكون هذا تحديا للنظام العالمي ولعلاقات بريطانيا مع الولايات المتحدة. ولو تحركنا بعيدا عن الولايات المتحدة وترامب فهذا يمثل تحديا وسنجد أنفسنا في وضع قامت فيه بنية وزارة الخارجية على العمل مع الولايات المتحدة ولوقت طويل”، و”لو ابتعدنا عن الولايات المتحدة فهذا يعني تحولا كبيرا في بنية الأمن القومي أكثر مما جربنا في الماضي، ومنذ أزمة السويس”.
وظلت بريطانيا تتعامل مع علاقتها مع الولايات المتحدة بأنها تحصيل حاصل وأي تغير يعني إعادة التفكير من داخل وزارة الخارجية “لأن من فيها لم يعرفوا ما هي السياسة المستقلة من قبل”. وقال جون سويرز المدير السابق للمخابرات الخارجية “أم أي 6” والسفير السابق في الأمم المتحدة: “بالنسبة لنا، يعتبر دونالد ترامب، بلا شك، من أصعب الرؤساء الأمريكيين للتعامل معه” و”هو لا يشعر أنه جزء من المجتمع العابر للأطلنطي، ولا يؤمن بالتحالفات ولا يؤمن بقيادة أمريكا للعالم. وشاهدنا هذا في الوباء الذي كان كأول أزمة بدون قيادة أمريكية. وهذه أول مرة نعيش التجربة”. وأضاف سويرز: “لو أعيد انتخابه للمرة الثانية ستصبح التغيرات التي رأيناها في السنوات الماضية مضمنة ومتحصنة، وبهذه الحالة فلن تكون بريطانيا الجسر بين الولايات المتحدة وأوروبا. وعلينا الترابط بقوة مع شركائنا الأوروبيين”.
وتحدث سويرز قبل تظاهرات “حياة السود مهمة” حيث قال إن فرص إعادة انتخاب ترامب هي 50-50 وإنه لو انتخب بايدن فلن تكون بريطانيا قادرة على البقاء في سرير الولايات المتحدة كما في السابق. ودعا إلى قوى متوسطة تجتمع معا لمواجهة صعود الصين والتغيرات المناخية. وكان المسؤولان يتحدثان في مركز جيوبوليتكس بجامعة كامبريدج. وفي إشارة عن ضيق الدبلوماسيين من ترامب، قال السفير البريطاني السابق في واشنطن السير بيتر ويستماكوت: “أحب القول إننا نتطلع في المستقبل لرؤية قيادة تتعامل مع المبادئ القديمة مثل المحاسبة واحترام القانون واستقلالية القضاء وقول الحقيقة واستقلال المؤسسات وبالتأكيد أهمية الصحافة الحرة” و”ربما لم يطلب هذا الرأي العام ولكنها أمور ليست منفصمة عن المبادئ التي يؤمن بها بايدن وإلا فإن فرصة احتفاظ العالم الغربي بالسلطة الأخلاقية ودعوة الآخرين للالتزام عندما يرتكبون أشياء سيئة ستختفي”.
ويرى وينتور أن النقاش في الدوائر الدبلوماسية البريطانية يدور حول ترامب وكونه يمثل تصعيدا لوضعية موجودة حول فك أمريكا علاقتها مع العالم من جهة. وفيما إن كان انتخاب بايدن يعلم مرحلة لوقف هذه الموجة من جهة أخرى. وأكد بلينكين للدبلوماسيين البريطانيين أن بايدن سيتعاون مع المؤسسات المتعددة الأطراف الدولية. وقال في كلمة أمام تشاتام هاوس بلندن إن القيادة الأمريكية ستعود “عندما ينظر بايدن إلى العالم فهناك شيء واحد يبرز، سواء أحببناه أم كرهناه، فالعالم لا ينظم نفسه بنفسه، وخلال الـ 75 عاما الماضية لعبت الولايات المتحدة دور القيادة في تنظيم العالم وأنشأت المؤسسات وكتبت القواعد وحددت الأعراف” و”إن لم نفعل هذا فسيحدث أمر أم أمران، إما أن يقوم طرف آخر بالمهمة ولكن ليس بالطريقة التي تخدم مصالحنا وقيمنا وقد لا يكون هناك أحد، وهذا هو الأسوأ. وسيكون لديك فراغ يملأ بأشياء حاقدة أكثر من الجيدة. ولهذا فمن مصلحة الولايات المتحدة القيادة وبتواضع”.
ويأمل عدد من الدبلوماسيين والسفراء السابقين أن تعود الولايات المتحدة إلى مقعد القيادة. وقال أحدهم: “أعتقد أنه لو كانت هناك قيادة برؤية دولية في الولايات المتحدة فسيتم عكس الكثير من الأشياء التي حدثت في السنوات الماضية. ولو حصلنا على أربع سنوات أخرى من هذه القيادة فإن الكثير من الروابط والإسمنت التي تربط أوروبا وأمريكا معا ستنهار وللأبد. ولو تغيرت الأمور في نوفمبر فبإمكاننا استعادة بعض الأمور لو كانت لدينا القيادة الحقيقية في أوروبا”. وقال نفس الدبلوماسي إن بايدن مثل باراك أوباما قبله يتعامل مع أوروبا وخاصة ألمانيا بالرابطة الأساسية مع ألمانيا: “لو انتخب جو بايدن للرئاسة فستركز الولايات المتحدة مرة أخرى على أوروبا وعلى ألمانيا وفرنسا وقد نشعر بالإهمال قليلا”. وقال إن بوريس جونسون قريب من ترامب أكثر من بقية القادة الأوروبيين.
وأضاف أن الحديث عن علاقة خاصة مبالغ فيه: “لو كنت صريحا وبقسوة فليست خاصة ومنذ وقت” و”لو أراد أوباما معرفة ما تريده أوروبا كان يتصل مع ميركل” المستشارة الألمانية. وقال سفير آخر من عهد توني بلير: “من الممكن أن تعود القيادة الأمريكية للمؤسسات المتعددة، ولم تنته بعد. وهذا ما يجعل انتخابات تشرين الأول/نوفمبر مهمة.
ولا أعتقد أن هذا سيحدث تحت قيادة ترامب. ومن السهل تخيل هذا تحت قيادة بايدن الذي سيحاول العودة للظروف السابقة والعالم المتعدد المتماسك”. وأعطى بلينكين انطباعا في خطابه بتشاتام هاوس أن إدارة بقيادة بايدن قد تحاول ترميم الاتفاقية النووية مع إيران التي خرج منها ترامب. وانتقد بشدة التصرفات الإيرانية في الشرق الأوسط، حيث أكد أن الاتفاقية كانت تهدف للحد من نشاطات إيران النووية وليس سلوكها بشكل عام. وانتقد بلينكين الصين وعدم الشفافية التي أظهرتها فيما يتعلق بوباء كورونا ودعاها لأن تكون مساهما مسؤولا. وهو تعبير استخدمه أول مرة المساعد لوزير الخارجية روبرت زيلينك عام 2005.