الجارديان: في أزمة كورونا.. بريطانيا تسير نحو مياه خطرة.. فهل جونسون على قدر المسؤولية؟
تساءلت صحيفة “الجارديان” عن خطة الحكومة البريطانية لمواجهة فيروس كورونا، قائلة إن بريطانيا تتوقع آلاف الوفيات بسبب المرض ولكن الرسائل المتناقضة تجعل من الوضع الخطير سيئا جدا.
وأضافت أن البيانات المتوفرة عن انتشار وباء كورونا في بريطانيا تكشف عن مسار مشابه لما حدث في إيطاليا بتأخر أسبوعين. ومع أن الفزع لن يساعد أي أحد، فإن الرد العقلاني لهذه المعلومات هو القلق الحقيقي. ففي يوم السبت توفي في إيطاليا 793 شخصا بشكل رفع الوفيات إلى 4825 وجعل إيطاليا تتجاوز الأعداد المسجلة في الصين التي بدأت منها الأزمة.
ويمكن ملاحظة أشكال التزايد المستمر للضحايا في كل دول أوروبا الغربية بما فيها إسبانيا. ولو تقدم المرض في بريطانيا فإن الباحثين العلميين يتوقعون زيادة عدد الوفيات من 281 إلى 5000 شخص.
وقادت هذه الحقائق الصادمة الحكومة البريطانية لتغيير سياستها من نهج “تخفيف” الأزمة إلى سياسة قاسية تقوم على “قمع” المرض. وبعدما أغلقت الحكومة المدارس والمطاعم والحانات، فإنها حتى يوم الأحد لم تذهب أبعد من هذا، مثل إغلاق المتاجر غير الضرورية. وبدلا من ذلك أعلن رئيس الوزراء عن برنامج حماية لـ1.5 مليون شخص عرضة للخطر، وإجبارهم على البقاء في بيوتهم لمدة 12 اسبوعا.
والمخاطر هي أن السياسة البريطانية التي لم تذهب أبعد مما اتخذته الحكومات الغربية من إجراءات ليست كافية خاصة في لندن التي تتركز فيها معظم الحالات. وعلى الأشخاص أن يتخذوا إجراءات أبعد من تلك التي اتخذتها الحكومة، مثل العمل من البيت إلا في حالة استحالة هذا، أو لأن الوظيفة مرتبطة بمكافحة فيروس كورونا.
وهذا يعني عدم التسوق إلا نادرا، وممارسة التباعد الاجتماعي والحفاظ على مسافة 6 أقدام من الآخرين واتباع قوانين النظافة، والتأكد من أن القيود التي يمارسها الشخص لا تؤثر على الجميع.
وتعاني العائلات في البيوت المزدحمة صعوبات كبيرة، نتيجة لإغلاق المدارس وبقية الأماكن. وستعاني العائلات من معيل واحد أو تعاني من أب عنيف بشكل كبير من الحجر. ويمكن للمتطوعين والمنظمات المساعدة (من خلال ترك المتنزهات لمن ليس لديهم حدائق في منازلهم والسؤال عن الأصدقاء من خلال الهاتف أو عبر الإنترنت).
وبعد تضييع أسابيع مهمة كان على الحكومة استخدامها للتحضير، فهي في وضع لملاحقة الأزمة. كما أن عدم شمل حزمة المساعدات التي أعلن عنها وزير المالية الأسبوع الماضي لمن يعملون بشكل حر أمر مثير للقلق، خاصة بعدما كشفت دراسة مسحية أن نصف هؤلاء سيواصلون العمل رغم إصابتهم بالفيروس.
وعليه فالبحث عن آلية لمساعدة هؤلاء الأشخاص على العمل هي أمر كان على الحكومة إعداده مسبقا، إلى جانب تحضير أجهزة التنفس ومعدات الفحص والملابس الواقية للطواقم الطبية.
وعلقت الصحيفة أن صورا للشوارع المزدحمة والمتنزهات العامة مثيرة للقلق، ودليل على أن الرأي العام لم يفهم أهمية ممارسة التباعد الإجتماعي. والأكثر قلقاً هي المسؤولية التي يتحملها بوريس جونسون. فما قاله الأسبوع الماضي من أنه سيوقف فيروس كورونا في بريطانيا والمدة التي وضعها بـ12 أسبوعا للتخلص منه كان غير مسؤول، في وقت يقول فيه الباحثون العلميون إن سياسات الحد من الفيروس قد تحتاج إلى عام.
واستمر جونسون في خطابه يوم الأحد والذي قاوم فيه إجراءات قوية مثل تلك التي اتخذها القادة الأجانب لحماية أرواح المواطنين. وفي ضوء تكهنات العلماء من أن عدد الإصابات سيرتفع في بريطانيا إلى 250.000 حالة فإن الأولوية هي حماية الأرواح.
وكان الإعلان يوم السبت عن الشراكة بين الصحة الوطنية والقطاع الخاصة خطوة مشجعة. ويجب تأخير التحقيق في سياسة الحكومة التي تبنتها من أجل تخفيف حدة انتشار الفيروس أو بناء مناعة جماعية للمواطنين لما بعد الأزمة. ولكن الأحكام على طريقة إدارة جونسون للأزمة يجب ألا يتم تجاهلها.
وتثير التقارير التي كشفت عن منح جونسون نصائح مستشاره دومينك كومينغز أولوية على آراء وزراء الحكومة القلق. ففي ديمقراطية من 70 مليون نسمة، لا تدار عملية القرار بهذه الطريقة. و”في الوقت الذي نسير فيه نحو مياه خطرة ومجهولة، فمن الصواب السؤال إن كان قائدها على قدرة المسؤولية”.