القداسة واللعنة في المشرق
إنه المشرق بجغرافيته ومجتمعاته البشرية التي ما زالت في حالة بحث عن الذات المسلوبة منذ آلاف السنين وحتى راهننا. لم يهدأ له بال، بل ويسعى بكل ما لديه من معارف متراكمة ليجرب شتى وسائل البحث للخروج من حالة التيه التي يعيشها. حالة من ضياع تلك الذات التي كانت يوماً ما تمثل شخصيته هو بالذات، لينشرها في الأطراف ومنها إلى أقصى الأماكن. وهي حالة من ضياع الهوية التي تثبت أنه وليد هذه الجغرافيا الأم “وادي الرافدين والنيل”، والتي منها بدأت الكلمة ومن بعدها معظم العلوم والمعارف الفلكية والانسانية. وهي حالة من ضياع مرجعية الزمكان، الذي منه بدأت عملية التحول الكبير في الفكر، والتي عَبَّر عنها بالرموز لتكون اللغة والكتابة من أكبر الثورات عبر التاريخ وحتى راهننا لا يضاهيها أية ثورة أخرى مهما عظمت.
إنه ضياع الجغرافيا والهروب منها، على أساس أنها الجحيم الذي لا يُطاق، هارباً نحو جنَّة الغرب، باحثاً عن ذاته التي لن يراها مطلقاً. وهو ضياع الذات والهوية ومرجعية الزمكان والجغرافيا. وكل ذلك معاً يؤدي -بكل تأكيد- إلى التشتت وانفصام الانسان عن ذاته واغترابه عنها. وهو ما نعايشه الآن بعد مرور آلاف السنين، مكررين ما عاشه أجدادنا على نفس المكان.
المكان أو البيئة التي يرتبط بها الانسان ارتباطاً عضوياً لأنه يعتبرها الأم التي ستحميه وترعاه وتغذيه وتؤمنه من كل سوء قد يواجهه على مرّ حياته. الأرض التي تكون المكان، جزء منه يكوّن البيئة التي يعيش عليها الانسان في لحظة زمنية معينة من هذا التاريخ الطويل. وارتباط المكان بالزمان هو الذي يعطي القيمة للانسان كي يرتبط بهما بشكل جدلي ديالكتيكي، والذي يتحول من الجزء إلى الكل وبالعكس، ما دام هذا الجزء الذي هو الانسان سيعود إلى الأرض التي وُلِدَ منها.
ربما يكون هذا الارتباط الزمكاني بالبيئة هو أول شيء يرتبط به الانسان عاطفياً وشعورياً، وعقلياً وتحليلياً، فيتحول مع مرور الزمن إلى ما يشبه حالة من القدسية التي تربط الانسان بالأرض الأم الكلية، ومنها ينظر إلى الأم الجزئية التي ولدته بيولوجياً على أنها مقدسة. هذه الأم، الكلية منها والجزئية، والتي يمكن أن نطلق عليهما معاً (البيئة)، تعتني بالانسان منذ ولادته من الأم الجزئية حتى عودته إلى الأم الكلية الأرض.
الأم ربما كانت عبر التاريخ من أول المقدسات التي ارتبط بها الانسان، لما قدمته من مأكل وملبس ومكان آمن يعيش عليه أي فرد ضمن أولى الخلايا المجتمعية التي تشكلت منذ آلاف السنين. وعملية حماية هذه الأم من أي أخطار، أكانت خارجية أم داخلية، كانت تُعَدّ من أهم المقدسات التي آمن بها الانسان منذ ما قبل عصر انشاء المدن. وإن المقدس كان مرتبطاً بشكل مباشر بمكانة الأم والمرأة ومقارباتها من وظيفتها في تنظيم الخلية الأولى أو المجتمع البدئي. وإن أي خلل في هذه الوظيفة كانت تتسبب بصَبّ اللعنة عليها، وربما كان يتم لفظها من المجتمع ذاك.
ربما كان الانتقال من المجتمع الزراعي إلى المجتمع الرعوي قد خلق معه أول صراع بين الانسان والإنسان. وكذلك الانتقال من مجتمعَي الريف والقرية نحو مجتمع المدينة هو بداية الصراع على السلطة التي بسطَها المجتمع الربوبي على المجتمع الأمومي. هذا الانقلاب الذي استمر آلاف السنين، خلق معه الكثير من السرديات التي تقص علينا ما حصل. وربما بمقدورنا أن نستشف ذلك من سردية (ملحمة الخليقة الأولى “أينوما ايليش”، وكيف أن الصراع كان على أشده على مكانة المرأة وإدارتها للكِلان (أصغر خلية تجمعية للانسان قبل التاريخ).
تقول هذه الملحمة أنه بمرور الوقت وتعاقب الأجيال تبدأ صراعات عنيفة ودموية للإطاحة بسيادة الأم وإزاحة ممثلاتها عن المكانة السامية التي كانت فيها. ويدير هذه الصراعات الشرسة المريعة أحفاد وأبناء من الذكور الذين يشتهون امتلاك زمام السلطة على العالم ذاك الوقت. وحسب قراءتنا لهذه الملحمة نرى أنه ينبغي تلفيق الكثير من التهم على الأم (المرأة) وشيطنتها لتسهيل قتلها. وهذا ما حصل بكل معنى الكلمة.
إذ لا يتم الوصول إلى قمة السلطة لدى هؤلاء بأسلوب واحد، بل تتنوع الوسائل والأساليب بين تلفيق تهمة للأم الكبرى أو وضع المرأة في مأزق مدمر أو بإعلان صراع دموي مباشر يؤدي في النهاية إلى تراجع الأمهات الأوليات إلى خلفية المشهد ونفيهن من الحضور الفاعل، وإنكار أدوارهن تارة، أو الإشارة إليها داخل دائرة هيمنة الآخر، الأول المهيمن تارات أُخَر..
وبذا تدهور عصر مجتمع الأمومة، وتبع اختفاءه ظهور ثقافة يميزها التطرف في مغالاته العنيفة، وانفراده وإضفائه الصفات السلبية على كل ما يمثل الأنوثة، سواء لدى الشخصيات الأسطورية أو الأدبية.. أو في نصوص الفن الشعبي مما يجعل أي حكم ناتج تحت ضغط هذه المؤثرات قابلا لإعادة النظر والتقويم. إذ كان الصراع حسب الملحمة بين تيامات الإلهة الأم على أشده مع مردوخ الذي كان يتطلع إلى الاستحواذ على السلطة من تيامات مهما كان الثمن.
وأصبح القتل من أجل السلطة من أقدس الاعمال، وأنيط بهذه الهالة القدسية. وراح الكل يساعد أنكي ليقتل أباه زوج تيامات. مقتل الأب بيد الابن كان أول جريمة ترتكب في هذه الملحمة. ويمكن عدّها الخطوة الأولى نحو السلطة الأبوية الذكورية، التي تكللت بمقتل الأم تيامات أيضاً على يد حفيدها الإله مردوخ حسب ما تقوله الملحمة.
بناء المدن المترامية على ضفاف نهري دجلة والفرات، وانتقال هذا النموذج من المدن على نهر النيل وكذلك النهر الأصفر، إنما يعني في مدلولاته أول عملية انتقال عبر التاريخ بهذا الحجم، إن انتقالاً ثقافياً أو عمرانياً. وما بناء المعابد لكل مدينة يتم انشاؤها على ضفاف تلك الأنهر إلا دليل على مدى تأثير الثقافة الأبوية البطرياركية المدنية والمدينية، والتي تشكلت بداية في ما بين النهرين، وبعدها اتخذت أشكالاً متعددة وآلهة مختلفة، وإن لم يختلف الجوهر البتة أينما كان. وبمقتل تيامات يمكننا القول أنه تم القضاء على عصر الآلهة الأم، والولوج تدريجياً نحو تربع الإله الرجل على عرش السلطة. وبذلك بدأت مرحلة العذابات والمأساة الانسانية، ولم تنتهِ حتى راهننا، والذي ما زلنا نبحث فيه عن الفردوس المفقود. هذا الفردوس الذي هو بكل تأكيد مرحلة الإلهة الأم، حينما كانت تدير شؤون المجتمع بعواطفها وحنانها ومحبتها وعطاءها.
لندخل بعد هذه العواطف الجياشة مرحلة غياب العاطفة واعتلاء عواطف القتل والجشع والأنا والفساد وبناء المعابد وظهور ظِل الآلهة على الأرض والمستمرة حتى راهننا. المجتمع القروي والريفي الذي أساسه تكون الزراعة، والتي كانت فيه الأم هي الحكيمة بهذه الأعمال، وتعرف متى وماذا وأين وكيف تزرع، وهي التي تُدرك أهمية هذا المنتج العظيم والمقدس مع الجهد والكد، تكون القدسية مختبئة بين عواطف الأم المعطاءة والمنتجة.
يقول السيد عبد الله أوجلان عن ذلك في كتابه “مرافعة أورفا”: (القدسية هي الهوية التي ترمز إلى أهم الأشياء والمواد التي تَمَكِّنُ سيرورةَ البشرية. وبما أن “الغذاء” هو أثمن مادة لأجل سيرورة البشرية، فمن المفهوم تماماً النظر إليه على أنه القداسة بعينِها. وفي هذا الشأن أيضاً نجد أنّ الدُّهاة السومريين أدركوا ماهية الأمر تماماً، وأطلقوا عليه الاسم بموجب ذلك). فالانتقال من المجتمع الريفي – القروي نحو المدينة ربما -حسب اعتقادي- هو اللعنة بحد ذاتها التي حلّت على الجميع. فالمدن لا تعتمد على الكد والجهد والانتاج بقدر اهتمامها بالحروب والصراع على السلطة وبناء المعابد للآلهة والكهنة البارعين في استغلال عامة الناس وتسخير جهودهم في خدمة تلك الآلهة غير المرئية بالأساس.
لذلك ولكي تتم عملية التأثير على العامة، كان لا بد من بناء تلك المعابد التي تأخذ شكل الجبل “الهرم” الذي كان يُعد بالأساس المكان الأقرب للسماء، وحشر المرأة فيه لخدمة الإله. بذلك تحولت المرأة من آلهة إلى خادمة عند الإله الرجل وكذلك ظِل الإله. وبالانتقال من نظام الإدارة الأمومي نحو النظام الأبوي أو البطريركي الذي يملك بيده ملكوت السماوات والأرض، خرجت علينا الكثير من المصطلحات والمعاني المعنية بوصف المقدس والملعون وفق هذا النظام المتشكل جديداً، والذي يبحث عن الاستمرارية من خلال الميثيولوجيا أولاً ومن بعده الدين، وذلك عبر الكهنة الذين لعبوا دوراً كبيراً في هذا النظام لينقلوا تعاليم وأوامر الإله لعامة البشر من العبيد، ليحثوهم على الطاعة العمياء له وإلا حلّت اللعنة عليهم كما حلّت من قبل على تيامات.
جَعَل القدامى للريح آلهة وللمطر آلهة وكذلك للحب والعدالة والخصب والجمال… الخ. وهي جميعها مقدسات تُبنى لها المعابد، وتُنحت لها التماثيل وتُرسم الصور وتقام الصلاة وتقدم القرابين لها من أجل أن تكون راضية عن الانسان المتعبد لها. وإذا خرج الإنسان عن هذه العبادة وطقوسها، حلّت عليه اللعنة في الدنيا، وذلك بقتله لأنه عصى أوامر الرب، وكذلك في الآخرة سيصلى ناراً تحرقه أبداً. بهذه الكلمات والأناشيد الميثيولوجية والدينية تمت السيطرة على عقول البشر، وراحت الآلهة تزج بهم في الحروب وتدمير المدن إرضاءً لها ولتكون كلمتها هي العُليا، بكلمة أخرى ليكون النفوذ والهيمنة لها فقط من دون رقيب أو ندّ.
ثنائية القداسة واللعنة التي ظهرت بشكلها الفظ مع ظهور أولى المدن، كان لها التأثير الكبير على شخصية الانسان وعلاقاته مع الآخرين من أمثاله، وكذلك من خلال تضرعه وتقربه إلى الآلهة. عالَمان باتا يحددان تلك الشخصية، وهي عالم الدنيا وعام الآخرة. عالم الآخرة الأبدي الذي يمنح العبد كل ما يشتهيه من ملذات يحلم بها في دنياه، وعالم دنيوي قصير كل ما فيه ملعون ومدنس، وما على العبد إلا أن يجتنبه ويصارع شهواته وملذاته الداخلية كي يرضى الرب عنه في الحياة أو العالم الآخر. وإن كل المدنس والملعون في العالم الدنيوي سببه المرأة التي أغوت آدم وأخرجته من تلك الجنة التي بات يحلم بها ويفني ذاته في عبادة الرب كي يعود إليها.
تستمر هذه الثنائيات من عالم التاريخ المقدس وعالم اللاتاريخ الملعون، عالم الحلال والحرام. وبذلك نرى الإنسان مقسماً بين هذه الثنائية المتحكمة، وقلما يستطيع الخيار فيها بشكل قاطع، نظراً للتحكم القاهر في سلوكه وفكره لدرجةٍ أصبح يعيش ازدواجية رهيبة تنعكس في سلوكه وفي بنيته الثقافية وتكوينه الإجتماعي والسياسي. وقد يصل الأمر إلى حالة محزنة نرى الإنسان فيها وكأنه طبقات يمارس في بعضها الحلال وبعضها الحرام، ويمارس شعائر القداسة دون أن تمنعه عن اقتراف الدناسة. مفهوم المقدس والمدنس / اللعنة هما من اختراع الإنسان عبر ثقافاته وتطوره الحضاري، وابتكرها الإنسان عبر تاريخه الطويل، وجعلها قيداً على فكره وحريته. كما جعلها أداة قمع وقهر واستغلال.
في مقال للأستاذة لونا الحسني (المقدّس والمدّنس) نشرته في 22 – 10 – 2016، تبدأ بتعريف المقدس. وتقول أن أول من قَسّم المعتقدات الدينية وصنفها جميعها إلى قسمي المقدس والمدنس هو إميل دوركهايم. ومن وجهة نظر غربية، لا يشمل المقدس فقط المعتقدات الدينية المرتبطة بإله شخصي في السماء، حيث يتسع المفهوم ليشمل أي معتقد اجتماعي أو مكان أو زمان أو حيوان أو أي شيء تنسب له قوة ومكانة عاليتين بالمقارنة مع كل ما هو مدنس أو دنيوي، وخصوصاً الإنسان. بطريقة أخرى فالمقدس هو أي شيء يتم عزله ويحاط بالعديد من أنواع التحريم، وهو ضد المدنس أو الدنيوي.
وهناك أيضاً من يربط المقدس بالطهارة والمدنس بالنجاسة. بدأ هذا المفهوم مع بدء الطوطمية، حيث أراد أفراد قبيلة الطوطم أن يحموه من كل ما هو نجس، فقاموا بعزله عن العموم وجعلوا شخصاً معيناً (في العادة رجلاً) مسؤولاً عن إبقاء هذا الطوطم نظيفاً. و في نهاية المطاف اكتسب هذا الطوطم والمسؤول عنه صفة القداسة.
بالرجوع إلى دوركهايم، نرى أنه لا يكفي أن يمتلك الشيء أو الشخص مكانة عالية كي يتصف بالمقدس، فمكانة العبد في النظم الاجتماعية التي مارست العبودية أقل من مكانة سيده، ولكن ذلك لا يجعل السيد مقدساً. باستطاعتنا أن نعرف المقدس تعريفاً أوضح و أشمل بعيداً عن المكانة والقوة. المقدس ببساطة هو كل ما بينه وبين المدنس أو الدنيوي عدم تجانس مطلق. من المهم أن نقول أن مفهوم المقدس لا ينطوي فقط على المعتقدات الدينية، فبإمكاننا أن نجد المقدس حولنا من تقديس البلدان أو الأعلام، كذلك تقديس الرؤساء والملوك. فالمساس بكل ما سبق قد يقود بالبعض إلى الموت.
المكان في القداسة ليس ذا أهمية كبيرة بقدر ما أن القدسية تكون للانسان أولاً وأخيراً، لأنه في النهاية كل هذه المصطلحات والمعاني تم ايجادها من أجل رقي الانسان الاخلاقي وابتعاده عن ما يغضب الإله وعن ارتكاب المعاصي وعن أن يصبح ملعوناً. وفي مقالٍ له تحت عنوان “الانسان هو المقدس”، يكتب عامر الحافي من الأردن أنه: ترتبط قداسة المكان المقدس بأخلاق المؤمنين به وسلوكهم. فعندما ينحرف الأَتباع ويَعتدُون، فإن المكان المقدّس يصبح ساحة للظلم والإجرام، كما قال المسيح لليهود: “يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إليها” [متَّى 23: 37]. وهذا الحط بالمقدَّس سبق للنبي إِرْمِيَا أن صرّح بما هو قريب منه في قوله لليهود: “هل صار هذا البيتُ الذي دُعيَ بِاسمي عليه مَغارةَ لُصوصٍ في أعينكم” [إرميا 7: 11].
إن الإنسان هو المقدَّس الأعظم الذي من أجله قُدِّست الأماكن، وشُرِّعت الشرائع والشعائر، وعندما تسقط قداسة الإنسان وحرمته، فإن مكانة المقدس وحرمته تُصبحان قَبْض الريح. وهذا ما قام به سيدنا ابراهيم بثورته ضد نمرود وتحطيمه الأصنام التي كانوا يتعبدونها من غير الرب. إنها ثورة حطّمت الكثير من المقدسات والأصنام التي كانت متواجدة في تلك المرحلة التي كان فيها الانسان يدّعي الربوبية والألوهية كما كان نمرود في أورفا. ربما فعلة سيدنا ابراهيم تلك لم تشفع له من غضب نمرود الإله بالرغم من سردية الدين بأن الله أمر النار بأن تكون “برداً وسلاماً”. بل كانت الهجرة نحو الجنوب هي المقصد ليتمم الفكرة التي كانت تؤرقه أو تم ايحاؤه بها من قبل الرب.
من أورفا بدأت الفكرة والثورة والهجرة من أجل الديانة التوحيدية كما سميت بعد ذلك. البدء كان من أورفا، المركز البدئي للقداسة، أي الزراعة والجهد والكد وارتباط الانسان بالأرض. سردية طويلة جداً تروي صراع القداسة واللعنة في المشرق، والتي لم تنتهِ فصولها حتى راهننا بالرغم من مرور آلاف السنين على ولادتها. وتبقى التفاسير تُغرق الانسان باجتهاداتها لمكيجتها وتقديمها ثانية للانسان الذي ما زال يبحث عن الفردوس المفقود الذي فقده مذ قتل تيامات. وما حواء إلا نسخة وإصدار مشوه للمرأة الخانعة الملعونة والمخلوقة من ضلع ذاك الرجل المقدس، حسب الميثيولوجيا القديمة والملاحم والأساطير وكذلك الأديان التي نهلت منها الكثير من السرديات والمصطلحات لإضفاء طابع القداسة على ذاتها واستمرارها لحين.