هل أصبح “كورونا” داعماً للنظام ضد الثورة في إيران؟
بيانات المصابين بفيروس كورونا في إيران تتزايد باستمرار. رسمياً، أكدت الحكومة على أن هناك 124 مصاباً حتى الآن، و4747 شخصاً اعتبروا حاملين للفيروس. قالت منظمة مجاهدي خلق، المعارضة التي تعمل خارج إيران، أمس، إن عدد الموتى قفز إلى أكثر من 1800 شخص وعشرات آلاف الأشخاص تم فحصهم. ومصادر حكومية أوضحت في نهاية الأسبوع بأن عدد المصابين قد يرتفع إلى 450 ألفاً، وأن كثيرين منهم قد يموتون بسبب المرض. إيران هي البؤرة الرئيسية في الشرق الأوسط لانطلاق المرض الذي تسبب بعزل الدولة بصورة أكبر مما طمحت إلى تحقيقه العقوبات الأمريكية. المواطنون الإيرانيون منعوا من الدخول إلى تركيا ودول الخليج، وتسري عليهم قيود مشددة أثناء الدخول إلى العراق. المدينة المقدسة قم التي فيها الكثير من الدورات الشيعية، تقع تحت حصار بإشراف الشرطة والجيش وحرس الثورة. جميع سكان المدينة الذين يريدون الخروج منها يجبرون على المرور عبر الحواجز التي وضعت على مداخل المدينة وإجراء فحوصات طبية في سيارة صحية عسكرية مغلقة قبل الحصول على إذن بالخروج.
هذه هي المدينة التي انطلق منها فيروس كورونا في كانون الثاني الماضي، ثم انتشر في أرجاء الدولة. خلال فترة قصيرة امتلأت مستشفيات المدينة، وحسب تقارير إيرانية.. لم يبق أي سرير شاغر لاستيعاب المرضى. وأعلنت الحكومة قبل بضعة أيام بأنها ستقيم 14 مستشفى ميدانياً لاستيعاب آلاف المرضى، لكنها تجد صعوبة في تجنيد القوة البشرية المهنية لتشغيلها، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
وعليها أيضاً التصادم مع رجال الشريعة الذين قالوا إن الفيروس “إرهاب بيولوجي” يتحكم أعداء الدولة، وطلبوا من المؤمنين الصلاة في المساجد لاجتثاث هذا الوباء الذي “استهدف الفصل بين المؤمنين والخالق، وعزل الدولة”. كثير من المؤمنين ينشرون أفلاماً قصيرة يظهرون فيها وهم يقبلون زخارف المساجد كوسيلة لمنع الإصابة، في الوقت الذي تحذر فيه السلطات من التجمعات الكبيرة. وقد تم إغلاق المدارس والجامعات.
إيران تعتبر الدولة التي أصيب فيها العدد الأكبر من أعضاء الحكومة وأبناء النخبة. 23 عضو برلمان على الأقل أصيبوا، واثنان ماتا. نائب وزير الصحة، المستشار الكبير للزعيم الأعلى علي خامنئي، ونائبان للرئيس حسن روحاني أصيبوا أيضاً. وفي نهاية الأسبوع توفي حسين شيخ الإسلام، الذي كان نائب وزير الخارجية ومستشار روحاني ورئيس البرلمان علي لاريجاني وخامنئي لشؤون الشرق الأوسط.
موت شيخ الإسلام أثار اهتماماً خاصاً بسبب أنه كان من بين المخططين والمنفذين للسيطرة على السفارة الأمريكية في طهران في تشرين الثاني 1979 واحتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين مدة 144 يوماً. في الوقت نفسه، كان هو الوجه المعروف في العالم لحركة الطلاب الذين سيطروا على السفارة والذي أبلغ بصورة منتظمة في مؤتمرات صحافية عن وضع الـ 52 دبلوماسياً وعن مطالب الطلاب.
إلى جانبه ظهرت معصومة ابتكار، نائبة الرئيس روحاني لشؤون النساء والبيئة، التي أصيبت هي أيضاً بالفيروس. شيخ الإسلام درس قبل الثورة في جامعة بيركلي في كاليفورنيا، وقد أوقف الدراسة من أجل المشاركة في الثورة، وقد كان خبير شؤون الشرق الأوسط في الحكومات الإيرانية المتعاقبة. وفي الثمانينيات هو وأربعة نشطاء إيرانيين، منهم: فريدون فردينزاد (الآن هو رئيس وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية)، وحسين دهقان، وأحمد وحيدي (كلاهما شغل منصب وزير الدفاع)، وعلي أكبر محتشمي، وضعوا البنية التحتية لإقامة منظمة حزب الله. وبعد فترة تم تعيين شيخ الإسلام سفيراً لإيران في دمشق، ومن هناك أشرف على نشاطات حزب الله. وقد عاد إلى إيران بعد ست سنوات من الخدمة في دمشق وكان مسؤولاً عن رسم سياسة إيران في الدول العربية إلى جانب قاسم سليماني. ويمكن التقدير بأن اسم شيخ الإسلام قد محي في نهاية الأسبوع من قائمة المطلوبين لأجهزة استخبارية كثيرة.
التقارير القليلة للنظام والمعلومات غير المؤكدة التي انتشرت في الشبكات الاجتماعية تبرهن على أن إيران تجد صعوبة في مواجهة انتشار الفيروس الذي تحول إلى مسألة سياسية مهددة. خبراء ومواطنون يتهمون النظام بإخفاء المعلومات ونقص في الأسرة والأدوية، ويتهمونه أيضاً بالفشل في منع انتشار الفيروس في بدايته. وقالوا إنه كان يمكن تقليص حجم الأضرار لو أن الحكومة عزلت مدينة قم وحذرت المواطنين في الوقت المناسب. لقد خشي النظام من تأثير هذا التحذير على عدد الناخبين الذين كانوا سيصلون إلى صناديق الاقتراع، الأمر الذي كان سيتسبب بالإضرار بصورة النظام والمس بشرعيته، التي تستند إلى نسبة التصويت المرتفعة.
ادعاء آخر وجه ضد قرار تصدير أكثر من مليون كمامة للصين، وهو الأمر الذي أدى إلى نقص الكمامات في الدولة. أما نقص الأدوية فيثير الخلافات: أمام ادعاءات النظام بأن العقوبات هي العامل المباشر للنقص، قال خبراء في إيران بأن سياسة “الصمود” في وجه العقوبات هي التي تسببت في العدد الكبير من الموتى. ولعل النظام الآن يشكر الفيروس الذي يمنع الجمهور من الخروج إلى الشارع.