الرئيس اللبناني يكلف حسان دياب بتشكيل الحكومة الجديدة
كلف الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الخميس، حسان دياب الذي شغل منصب وزير التربية والتعليم العالي سابقا، بتشكيل الحكومة الجديدة.
ووصل دياب إلى قصر بعبدا ليبلغ بقرار تكليفه، وجاء استدعاؤه بعد انتهاء الرئيس ميشال عون من الاستشارات النيابية الملزمة التي جرت الخميس.
وتعهد رئيس الوزراء المكلف، الذي تم اختياره بدعم من حزب الله، بتشكيل حكومة تعمل سريعا على إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية وطمأنة الناس الذين شاركوا في احتجاجات على مدى شهرين ضد النخبة السياسية.
وقال دياب من القصر الرئاسي “أيها اللبنانيون جهودنا جميعا يجب أن تتركز على وقف الانهيار واستعادة الثقة وعلى صون الوحدة الوطنية عبر تثبيت جسور التلاقي بين جميع فئات الشعب اللبناني”.
وعبر في كلمة أمام الصحافيين عقب لقائه عون عن أمله أن “تكون حكومة بمستوى تطلعات اللبنانيين: تُلامِسُ هواجسَهم وتُحقّقُ مطالبَهم وتُطمئِنُهم إلى مستقبلِهم وتَنقل البلد من حالة عدم التوازن التي يمرّ بها إلى مرحلة الاستقرار عبر خطة إصلاحية واقعية لا تبقى حبرا على ورق، وإنما تأخذ طريقها إلى التنفيذ سريعاً”.
وأضاف “سوف أعمل جاهدا لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن… وسأتوسع في المشاورات التي سأجريها لتشمل القوى والأحزاب السياسية، وأيضا الحراك الشعبي”.
وقال “إن المرحلة دقيقة جدا وحسّاسة، وتتطلّب جهدا استثنائيا وتضافرَ جميع القوى السياسية، في الحكومة وخارجها، فنحن نواجه أزمة وطنية لا تسمح بترف المعارك السياسية والشخصية، وإنما تحتاج إلى وحدة وطنية تُحصّن البلد وتُعطي دفعا لعملية الإنقاذ التي يجب أن تكون أولوية في حسابات الجميع”.
وخاطب المحتجين في الشوارع اللبنانية قائلا “على مدى 64 يوما، استمعت إلى أصواتكم التي تعبّر عن وجع مُزمن، وغضب من الحالة التي وصلنا إليها، وخصوصا من استفحال الفساد. وكنت أشعر أن انتفاضتكم تمثّلني كما تمثّل كل الذين يرغبون بقيام دولة حقيقية في لبنان، دولة العدالة والقانون الذي يطبّق على الجميع”.
تأييد 69 نائباً
ونال دياب خلال الاستشارات تأييد 69 نائباً، يمثلون بغالبيتهم حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون.
وغالباً ما يمتنع حزب الله، أبرز خصوم الحريري سياسياً، عن تسمية رئيس للحكومة خلال الاستشارات، إلا أن تسمية دياب بدت بمثابة دعم كامل له.
وأكد رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد للصحافيين بعد لقاء عون التعاون “بشكل كامل معه”، داعياً كافة القوى السياسية “لإبداء مثل هذا التعاون”.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأمريكية عماد سلامة أن “تحفظ الحريري والمستقبل عن تسمية حسان دياب يسحب الغطاء (السني) عن حكومة حزب الله”.
وتوقع أن حكومة مماثلة “ستعمق الأزمة وتدخل لبنان في نفق اقتصادي وسياسي مظلم”، مبدياً خشيته في الوقت ذاته من أن تنقل لبنان إلى “صراع سياسي طائفي”.
وفي لبنان، البلد القائم على المحاصصة الطائفية والسياسية، لا يمكن لأي فريق سياسي من لون واحد التفرّد بالحكم، وفق ما أظهرته تجارب سياسية سابقة.
ولا يعني تكليف رئيس للحكومة أن ولادتها ستكون سهلة في بلد يحتاج أحياناً إلى أشهر عدة للتوافق على تقاسم الحصص بين مكوناتها.
وتحت ضغط حراك شعبي بدأ في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، قدّم الحريري استقالته في 29 تشرين الأول/ أكتوبر، من دون تكليف رئيس جديد للحكومة، رغم مطالبة المتظاهرين ونداءات دولية بوجوب الاسراع في تشكيل حكومة إنقاذ.
مساعدات ملحة
وتأمل القوى السياسية أن يفتح تشكيل الحكومة الباب أمام تقديم المجتمع الدولي مساعدات ملحة يحتاجها لبنان لتفادي انهيار اقتصادي أكبر، في بلد يعيش ثلث سكانه تحت خط الفقر ورجّح البنك الدولي أن يرتفع الى نحو خمسين في المئة.
وقال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بعد تأييد كتلته تسمية دياب للصحافيين، إن الأولوية “لتشكيل حكومة تحظى بثقة اللبنانيين والمجلس النيابي وارتياح وقبول المجتمعين العربي والدولي… وتنقذ البلد من الهاوية الاقتصادية والمالية”.
وقد عارض المتظاهرون أسماء عدة تم تداولها لرئاسة الحكومة لقربها من الطبقة السياسية.
وتشهد البلاد انهياراً اقتصادياً ومالياً يُهدد اللبنانيين في وظائفهم ولقمة عيشهم مع أزمة سيولة حادة بدأت معالمها قبل أشهر، وتفاقمت مع شح الدولار وفرض المصارف قيوداً على حركة الأموال، تزامناً مع ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية.
وتعدّ الأزمة الاقتصادية الراهنة وليدة سنوات من الفساد والنمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية، وتراجع حجم الاستثمارات الخارجية، عدا عن تداعيات الانقسام السياسي الذي فاقمه النزاع في سوريا.