ما هو سر ليبرمان قبل الإنتحابات الثالثة؟
قبل لحظة من الموعد النهائي للانتخابات الثانية، كان يخيل مما يقوله المحللون أن افيغدور ليبرمان أصبح لغزاً لا حل له. ولكن هذا هو العائق في التحليلات، من اليسار أو اليمين. كي نفهم إنساناً لا يسير على الخط معك، يجب أن تخرج للحظة عن الموقف المعتاد. وعندما يفعل المرء هذا يكف ليبرمان عن أن يكون لغزاً ويتضح ما الذي يريد أن يحققه، وفقا لصحيفة “معاريف” العبرية.
في إسرائيل جمهور علماني كبير وقلق جداً، ففي كل أسبوع يطل معطى آخر يحاول السياسيون دفنه تحت أطنان من الدعاية. ولكن مشكلة السياسة مع السكان الأصوليين لا توشك على الاختفاء. ففي الأسبوع الماضي تعرضنا لتزييف أعداد الأصوليين المتجندين.
وهذا الأسبوع نشرت معطيات حول الدعم الحكومي للحضانات النهارية: عائلات طلاب الدين تحظى بربع الميزانية القطرية العامة للدعم الحكومي، رغم أنها تشكل 7 في المئة من السكان بتعابير أعداد العائلات، و12 في المئة من حيث عدد الأفراد. في 2013 جرت محاولات لاتباع إصلاح في جهاز الرفاه الاجتماعي، بحيث تحصل العائلات التي يعمل فيها الأبوان فقط على الامتيازات، وإلا فإن المخصصات تشجع البطالة بدلاً من أن تشجع على الخروج إلى العمل. ولكن هذا الإصلاح شطب عن جدول الأعمال، إذ إنه بعد سنة ونصف سقطت الحكومة في صالح حكومة تجمع اليمين، ذاك التجمع اليميني– الأصولي الذي يرغب ليبرمان في تفكيكه.
عند الخروج من هذه الوضعية يرى المرء من بين كل السياسيين الذين هم على لوحة اللعب، أن ليبرمان هو من أولئك الذين تذبذبوا أقل من غيرهم في الأشهر الأخيرة. فقد قال إن وجهته نحو حكومة وحدة ليبرالية، وهذا بالضبط ما فعله. والتذبذب الوحيد الذي قام به هو حين هدد بالتوجه إلى حكومة ضيقة والخروج ضد الطرف الذي لا يلبي مطالبه، ولكن لم ينجح التهديد في نهاية المطاف. وافق الليكود على الانفصال عن التجمع، أما “أزرق أبيض” فلم يوافق على إعطاء نتنياهو أولوية التناوب. فالأمر الوحيد الذي يمكن انتقاد ليبرمان فيه هو أن له ميلاً للتهديد بسلاح ليس له حقاً نية فيه استخدامه. وقد سبق لهذا أن حصل له مرة، مع إنذار الـ 48 ساعة الذي وعد بتوجيهه لإسماعيل هنية.
إن معظم الاتهامات التي توجه لليبرمان في هذه الأيام، توجه انطلاقاً من موقف ما، وهذا ما يجعل هذه الاتهامات مخطئة. فلو كان كل شيء هنا مناورة كي يصبح هو بنفسه رئيس الوزراء، لحقق ليبرمان هذا الهدف حتى لو دخل إلى حكومة ضيقة مع الليكود أو أيد حكومة إمكانية مع “أزرق أبيض”. فقد عرض الحزبان عليه تناوباً مقابل دعمه. وبالشكل ذاته، لو كان كل هدفه أن ينتقم من نتنياهو، لأمكنه أن يحقق نزوله عن المنصة من خلال التحالف مع غانتس أو من خلال تحقيق صفقة ما مع نائب آخر من الليكود، ولكنه لم يفعل. فما الذي يريده ليبرمان إذن؟
هناك حالة يريد فيها ببساطة ما يقول إنه يريده، بقدر ما يبدو هذا هاذياً. فهو يريد أن يقطع التماثل الضار بين اليمين والأصوليين، والذي لم يحقق سياسة يمينية في العقد الأخير، ولكنه حقق الكثير من الميزانيات للمدارس الدينية وللإكراه الديني. ليبرمان هو الوحيد الذي يقترح اليوم بديلاً لرجال اليمين العلمانيين والليبراليين، ممن هم غير مستعدين لأن يتخلوا عن أمور كثيرة لقاء القليل جداً. هذه هي قاعدته وهو يحاول أن يذكر القاعدة ما الذي يعني اليمين حقاً. هذا هو الحل للغز.
إذا أثبت ليبرمان شيئاً ما في سلوكه الثابت منذ أشهر طويلة فهو قوة التمسك الثابت بموضوع مؤلم حقاً، حتى لو كنت سياسياً تهكمياً. وإذا كان الليكود أثبت شيئاً ما في سلوكه، فهو عدم استعداده لحل المشكلة العميقة النابعة من التجمع الأصولي. وغير ذلك فلا الحلال الغالي جداً، ولا الميزانيات التي تشجع استمرار البطالة والعزلة، ولا دكاكين السبت في المناطق العلمانية، ولا التجنيد للجيش الإسرائيلي أو الخدمة الوطنية أو مجرد عادة العمل ودفع الضرائب.