رئيس “الأمن الإسرائيلي” الأسبق: حياة سكان غزة وأطفالها لا يجب أخذهما في الحسبان
تفويت الفرصة يستدعي قصة المحاولة الفاشلة للجيش والشاباك في تصفية جميع قيادة حماس بواسطة صاروخ واحد في أيلول 2003. “قطف شقائق النعمان” كان الاسم الذي أطلق على العملية.
وفي فيلم أجريت فيه مقابلات مع بوغي يعلون وغيورا آيلاند وإسرائيل زيف وغادي شمني ودان حلوتس ويوسي كوبرفاسر، الجنرالات في الاحتياط، وآفي ديختر كان في حينه رئيس الشاباك، ومنذ ذلك الحين هو سياسي تسبب بضرر كبير لإسرائيل بتقديمه لقانون القومية الزائد والفاشي، ودعمه لحكومة نتنياهو بصفته عضو كنيست من الليكود وكرئيس للجنة الخارجية والأمن. هذا الفيلم يقدم نظرة ممتعة لنمط تفكير ديختر في موضوع قتل مدنيين أبرياء أثناء الحرب ضد حماس في قطاع غزة، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
وقبل سنة على عملية “قطف شقائق النعمان” ألقت إسرائيل قنبلة بوزن طن على بيت كان فيه صلاح شحادة، وقتلت (لا توجد كلمة أخرى) 14 مدنياً، من بينهم 11 طفلاً. يوجد خط مستقيم يربط بين قتل هؤلاء الأطفال الأبرياء الطاهرين مثل جميع أطفال العالم وبين قتل تسعة أشخاص من أبناء عائلة السواركة بقصف لسلاح الجو في جولة القتال الأخيرة. أطلق على هذا الخط اسم “عفواً، لقد أخطأنا، لم نتعمد، لكن هذا حدث”. هذا حدث، وهذا يحدث، وهذا ما سيحدث.
ليس دان حلوتس هو الوحيد الذي شعر بـ “ضربة صغيرة في الجناح نتيجة إطلاق القذيفة”، كما قال في مقابلة معه في ملحق “هآرتس” في تعقيبه على قتل 14 مدنياً خلال عملية تصفية شحادة، بل كل الدولة شعرت بذلك، والشعب اليهودي في إسرائيل، عند رؤية أطفال فلسطينيين يقتلون في غزة. هذا لا يعني أحداً. العفو، كان خطأ، وهكذا. يعلون قال في الفيلم بأنه بعد تصفية شحادة نظر في المرآة وأحب ما شاهده. وهذا صحيح بالنسبة للجمهور كله في إسرائيل. لأن يديه ملطختان بدماء الأطفال الغزيين.
ولكن في اللحظة الأخيرة قرر يعلون عدم إلقاء قنبلة بوزن طن على المبنى الذي كانت فيه قيادة حماس خوفاً من قتل عدد كبير جداً من المدنيين الأبرياء معهم. “توجد أمور لدولة إسرائيل لا يمكنها السماح لنفسها بفعلها”، برر يعلون. “نحن دولة فيها قواعد سلوك كدولة في العالم الغربي وليس في العالم الإرهابي”، شرح حلوتس. وهؤلاء هم الأشخاص الذين شعروا بالرضا بعد تصفية شحادة. في نهاية المطاف تم اتخاذ قرار إلقاء قنبلة بوزن ربع طن فقط، وجميع قيادة حماس خرجت من المبنى بدون إصابات.
هذا الاعتبار الأخلاقي (والاعتبار المتعلق بصورة إسرائيل) أطلق عليه ديختر “اصطكاك الركب للحظة الأخيرة”. وأضاف باللغة العربية “ألف أم لمخربين تبكي ولا أمي تبكي”. قرار عدم إلقاء قنبلة بوزن طن أو نصف طن اعتبره “خطأ عملياتياً”، كان ثمنه حياة إسرائيليين كثيرين. بالنسبة له، حقه في قتل مدنيين وأطفال غزيين، أما حياتهم فلا قيمة لها. من يقتل مدنيين أبرياء بشكل متعمد؟ الإرهابي. يبدو ديختر في هذه الأثناء كمن تبنى “قواعد سلوك دولة في عالم الإرهاب”.