المعرض التشكيلي الشخصي الأول للفنان الكردي الفرنسي “ديلشاد كويستاني” في مصر
كتبت.. بشرى بن فاطمة
يقدم الفنان التشكيلي الكردي الفرنسي “ديلشاد كويستاني” معرضه الفني الشخصي الأول في مصر وذلك يوم الخميس 15 من شهر مارس في مركز كرمة بن هاني الثقافي بمتحف أحمد شوقي حيث سيعرض 30 لوحة تعكس مراحل تجربته المميزة بألوانها.
ومن المنتظر أن يفتتح المعرض الدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية بحضور السفير الفرنسي بالقاهرة ستيفان روماني وسيستمر المعرض حتى 24 من نفس الشهر.
ويعتبر ديلشاد كويستاني واحدا من أشهر التشكيليين المهتمين بالتدريج اللوني وخلق الألوان في تفاعلات حسية مع الخامات والمساحات المشكلة عليها في أسلوب تجريدي متجدد يخضعه للمنزع الصوفي في معاملته مع فكرة الطبيعة والحياة والانسان.
دلشاد كويستاني فنان تشكيلي كردي ولد في كركوك إقليم كردستان العراق سنة 1957 ومقيم في فرنسا ويحمل جنسيتها، كان منذ صغره مولعا بالفن بالغناء بالشعر والرسم والسينما وتناغم الفنون التي تعبر عن دهشة الفكرة التي لا تنفصل فيما بينها، فكثيرا ما جمّع ألوانه مع تعبير الفيديو إذ كان البطل الرئيسي لأكثر من فيلم قصير وطويل، حملته ازدواجية الانتماء الشرقي الغربي إلى التعبير أكثر عن اندماجه في الذات الإنسانية فالاختلاف لم يزده إلا تميزا في الثقافة والموروث الذي نما بالسفر والاكتشاف حيث لم يكن مجرد تنقل في الأمكنة بل كان اندماجا في الذات والانسان.
عن مشاركته في مصر يقول ديلشاد “أسعدتني المشاركة في بلد يحتوي أعرق وأقدم الحضارات ويقدر الفنون وخلودها فكرة وفعلا وإنجازا الدخول إلى مصر يعني التوغل في عمق التاريخ الصاخب بالمفاجآت الجميلة مصر تعني الحضارة وتعني شعبا محبا للتنوع شعبا مشبعا بالآداب والفنون مصر طه حسين وأحمد شوقي ورغم فرحي الشديد بالمشاركة أشعر بالخوف رغم تجاربي الكثيرة ومعارضي المتنوعة في مختلف دول العالم أنا ولوحاتي أمام امتحان صعب للدخول إلى التاريخ من أبواب الجمال الخالدة.”
الحديث عن فن ديلشاد يحيل على فلسفة عميقة البحث والتدرج والغوص في الذات والوجدان والذاكرة والروح وتقمص المخيال الملون في طبيعة لها قدرتها على منح اللون طاقة التوجه نحو الأعمق في فكرة الوجود.
فهو يدرك تماما قيمة الفلسفة الصوفية في مداعبات اللون والفكرة فيتعامل معه وكأنه اكتشاف داخلي لشعور متحرك يتوغل نحو الاعمق كراقص صوفي يدور مع توازنات الأرض والسماء بحثا عن النور المتسلل منها الذي يعيده إلى البدايات خلقا وتكوينا ليحلق أبعد في الروح بألوانه هادما مرارات الواقع ومفتّتا التناقضات في جدلية واعية تحاور الموت لتقتله وتمشي في جنازته بحثا عن الخلود وهو ما يمكّنه من ترويض العلامة بصريا بغموض مجرّد في تراكيبه اللونية الناعمة والمتداخلة والمتحولة في انفلاتات النور والعتمة التفجر والانحباس، الصخب والسكون لترويض التوترات المتواترة.
فالتأمل في لوحاته يحيل على استدراج داخلي ومغامرة ملونة تأخذ الروح إلى حواف الخطر وتنتشلها من السقوط فبين كل ضربة فرشاة وكل لون حركة قلق فزع غموض بحث ركض وتوقف سرعة وحذر احتراق ورماد وخضرة وحياة رغبة وارتياح أبجديات حسية تركب المفاهيم الذهنية بصريا في رؤى الوجود، تنازع روتينات البلادة والتيه في الفراغات المقصودة في فكرة البحث التي تحيل على الدهشة وهو ما يفضي إلى مسار تشكيلي عميق محفوف بالصبر والبحث المعمق في الذوات فهو يستعرض ألوانه من عمق أدبي حضاري يتشكل من قصائد الخيام إلى فلسفات الرومي إلى طبيعة كوردستان وأحلامها الملونة إلى مدن أوروبا وصخبها وانفتاحات الإنسانية في ذهنه.
للألوان تأثيراتها وانبعاثاتها في حركة ديلشاد التعبيرية فهو لا يعتبرها عنصرا للتزيين في اكتمال اللوحة بل هي أساسية الحضور الأول في إيقاعاتها بين الانكسار والتحرر تتماهى كاسرة تقاليد التكبيل ومنبعثة في مواسم الأرض بالجمال المفجر للحواس للموروث والذاكرة ليروض الضوء ويشرق في ألوان الطبيعة مع تماس الألوان الأخضر البرتقالي الأصفر الأزرق تمازجات ممتعة التفاعل على إيقاعاتها الزمنية التي يسافر بنا من خلالها إلى عالمه التجريدي حاملا فلسفة الكيان والكينونة بموسيقى تعزف اللون والضوء وتبحث بروح منطلقة عن رموز الكون والخلق في طاقة العناصر الطبيعية المتفاعلة مع الظلال.