كيف تبدو سياسة التصفيات ضد الفلسطينيين استعراضاً لعضلات قادة إسرائيل؟
إليكم اختباراً قصيراً للذاكرة، من يستطيع تسمية قائد المنطقة الجنوبية أو قائد المنطقة الشمالية، بسرعة ومن الذاكرة وبدون الاستعانة بـ “غوغل”. في استطلاع غير موثوق أجريته صباح أمس، فشل في الاختبار الأشخاص السبعة المستطلعين. ولكن من هو قائد اللواء الشمالي للجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا، هذا عرفوه جميعهم. هذا هو البطل الإسرائيلي الجديد الذي اقتحم بمرة واحدة الوعي، ليس بفضل أفعاله وعملياته ونضاله ضد قيادة الجهاد الإسلامي، بل بفضل صافرات الإنذار التي أزعجت نوم سكان تل أبيب وسكان غلاف غزة وأسدود وعسقلان ويفنه، وأيضاً بسبب يوم العطلة من العمل الذي منحه بموته لمئات آلاف المواطنين الإسرائيليين.
ولكن من الأفضل أن لا نصرخ فرحًا. المتحدث بلسان الجيش وعد المواطنين المذعورين بأنه “لن نعود إلى سياسة التصفيات“. وهو محق، لا لغياب من يستحق ذلك، بل لغياب السياسة، فثمة ارتجال ومحاسبات سياسية، وفي الأساس من المهم الإظهار للجمهور الإسرائيلي بأن هناك سيداً للبيت لا يتحمل عدم الأهلية حتى لو كان غارقاً في مستنقع قضائي مقرف، وفقا لصحيفة “هآرتس”.
هذا احتفال لمرة واحدة، نوع من احتفال نقل السلطة من وزير الدفاع السابق بنيامين نتنياهو إلى وزير الدفاع الجديد نفتالي بينيت. في أيلول كتب بينيت في صفحته في “فيسبوك” بأن “حماس كفت عن الخوف من إسرائيل. أمن إسرائيل سيعاد عن طريق رؤساء حماس الذين يتتم تصفيتهم وليس عن طريق المؤامرات الصحفية”. هذه الأقوال البليغة جاءت بعد إطلاق الصواريخ على أسدود التي جعلت نتنياهو يهرب عن المنصة. الآن يمكن لبينيت الذي لم يشارك في احتفال توزيع الميداليات الذي عقده نتنياهو، الاستهزاء من تعهد افيغدور ليبرمان الفارغ، بتصفية إسماعيل هنية خلال 48 ساعة. الهدف أنجز.
التصفيات المركزة ليست اختراعاً جديداً. عندما كانت “سياسة” أدت إلى القتل لكثير من رؤساء حماس مثل الشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وستين قائداً آخرين قادة ونشطاء في حماس والجهاد، الذين تمت “تصفيتهم” في العشرين سنة الماضية. هؤلاء لا يشملون رجال حزب الله وعلماء إيرانيين الذين لم تقلص تصفيتهم الاستعراضية التهديد الأمني الكبير على إسرائيل.
التهدئة النسبية الأخيرة مع غزة جاءت بفضل الاتفاقات والتفاهمات والدفعات المالية، إلى أن جاءت الانتخابات وحولت “حقائب الأموال” إلى شتائم وتعبير عن الضعف. وفي المقابل رفعت استخدام “التصفيات المركزة” إلى درجة الرمز للشجاعة السياسية. من لم يتعهد بتطبيق ذلك؟ يئير لبيد هو المؤيد المتحمس والواضح لجراحة القتل. بني غانتس من أتباع اليد الصلبة، ومثله بوغي يعلون. ولقد تحدثنا في السابق عن بينيت وليبرمان، ويبدو على هذا الاتفاق وحده يمكن تشكيل حكومة وحدة.
ولكن لا يوجد لأي واحد منهم سياسة منظمة فيما يتعلق بالقطاع، ليس قبل التصفيات المركزة وليس بعدها. ونأمل بأن لا يكون أي واحد منهم غبياً الى مستوى التقرير بأن التصفيات ستحل مشكلة اطلاق الصواريخ والطائرات الورقية الحارقة والبالونات المتفجرة. لو أنهم اعتقدوا ذلك لما كان هناك أي مجال لإلغاء استمرار سياسة التصفيات بجرة قلم. ولكن لا يوجد مثل استعراض العضلات ما يمكنه أن يمنح نقاطاً سياسية مهمة، في فترة يجب فيها على متهم بمخالفات جنائية ووزير دفاعه، أن يواجها ثلاثة جنرالات وربع جنرال.
يمكننا أن نتوقع من الآن بأن هذا الانتصار سيترجمه من قاموا بالتصفية إلى رواية سياسية مسمومة. مثلاً، هل كان لحكومة برئاسة غانتس وتأييد أحمد الطيبي وأيمن عودة أن تصفي أبو العطا؟ هل يوجد من يدور في ذهنه عزل رئيس حكومة جريء جداً؟ هذه هي البداية. في هذه الأثناء، يوصى بأن تبقى قرب الأماكن الآمنة. إذا لم يتم تشكيل حكومة وحدة وذهبنا إلى الانتخابات، فسيبرز نجم غزة أيضاً في الحملة الانتخابية الثال