بعد مقتل البغدادي.. أين يتواجد داعش وهل لديه خططه للعودة مجدداً؟
هل يؤدي مقتل أبو بكر البغدادي إلى انتهاء تنظيم داعش أو على الأقل تقليل كابوس الإرهاب الداعشي الذي انتشر في العالم، وما وضع داعش في المناطي كان ينشط بها، هل مازال قادراً على توجيه ضرباته؟
كان قتل أبو بكر بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» حدثاً مدوياً استغله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتفاخر بجهوده في مكافحة الإرهاب، ولكن حتى بعد التخلص من رأس الأفعى فمازالت ذيولها موجودة في العديد من مناطق العالم
هل يؤدي مقتل أبو بكر البغدادي إلى انتهاء تنظيم داعش أو إضعافه؟
رغم تراجع قدرات داعش حتى قبل مقتل البغدادي فإن التنظيم أثبت قدرة لا يستهان بها في تنفيذ هجماته.
والطابع الأيديولوجي والمؤسسي للتنظيم يجعل اغتيال البغدادي مجرد نكسة، ويظل القضاء على داعش عملاً مركباً لتصفية جيوبه المنتشرة في كثير من أماكن العالم، والأهم أنه يتطلب إزالة الظروف والمظالم التي خلقت التنظيم.
كيف غير التنظيم أساليبه في القتال؟
مقتل أبو بكر البغدادي في غارة ليلية قادتها القوات الأمريكية في سوريا يمثل ذروة هزيمة داعش التي قادتها القوات الأمريكية في سوريا فيما يمثل ضربة جديدة للتنظيم الذي سيطر يوماً على مساحة كبيرة من أراضي سوريا والعراق.
وبعد أن كان أنصار التنظيم المتطرف يواجهون في وقت من الأوقات جيوشاً، ويحاربون بدورهم بطريقة أقرب لجيش نظامي يغزو الدول ويحتل المدن، أصبحوا في السنوات الأخيرة يشنون هجمات على غرار حرب العصابات وعمليات انتحارية.
وفي بعض الحالات أعلن التنظيم مسؤوليته عن فظائع مثل تفجيرات سريلانكا في أبريل/نيسان والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 250 شخصاً.
ولا يتأكد على الدوام ضلوع التنظيم في الهجمات لكن حتى إذا كانت الصلة تتعلق بالأفكار العقائدية لا بالجوانب العملية فلا يزال التنظيم يعتبر مصدر تهديد أمني في العديد من الدول:
ما وضع داعش في المناطق التي كان ينشط بها؟
* العراق.. الخلايا النائمة تعود، فكم عدد أفرادها؟
بعد هزيمة التنظيم على أيدي قوات تدعمها الولايات المتحدة وإيران لجأ أفراده إلى أساليب حرب العصابات التي عرفوا بها من قبل.
وتنفذ قوات الأمن العراقية عمليات روتينية تستهدف فلول التنظيم بعد مرور أكثر من عامين على هزيمته.
وأعادت خلايا نائمة في محافظات من بينها ديالى وصلاح الدين والأنبار وكركوك ونينوى تنظيم صفوفها حيث شنت هجمات متكررة بما في ذلك عمليات خطف وتفجيرات تستهدف إضعاف حكومة بغداد.
ورغم أن الخلايا تعمل في الغالب في مناطق ريفية وتحرق محاصيل وتبتز المزارعين المحليين فقد لقي شخصان مصرعهما وأصيب 24 آخرين في فبراير/شباط عندما انفجرت سيارة ملغومة في الموصل التي كانت في وقت من الأوقات عاصمة التنظيم في العراق.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في يناير 2019، إن التنظيم يعود في العراق أسرع منه في سوريا. وقدر محللون في وقت سابق من العام الماضي أن له 2000 مقاتل نشط يعملون الآن في العراق.
* سوريا.. مازالوا يعملون بمناطق الأسد، وتركيا تقول إنها أسرت المئات
بعد سلسلة من الانتكاسات العسكرية الشديدة توارى التنظيم في الظلال وراح يشن تفجيرات انتحارية وينصب كمائن. ونفذ تفجيرات في مدن وبلدات في شمال سوريا في السنة الأخيرة كما استهدف القوات الأمريكية.
وقالت قوات كردية سورية سحقت التنظيم في مختلف أنحاء شمال سوريا وشرقها بمساعدة أمريكية إنها تعتقد أن الخلايا النائمة انتشرت في شرق سوريا. وحذرت من خطر الاحتفاظ بآلاف المقاتلين في سجون بمن فيهم أجانب من مختلف أنحاء العالم.
وسلطت الأضواء على هذا التحذير في الشهر الجاري عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا الأمر الذي فتح الباب أمام تركيا لشن هجوم يستهدف المقاتلين الأكراد قرب حدودها.
وتقول تركيا إنها أسرت حوالي 200 من المحتجزين من التنظيم الذين فروا من سجون في المنطقة التي هاجمتها ونقلتهم إلى سجون أخرى تحت سيطرة القوات التركية وحلفائها من المعارضة السورية.
وقال الرئيس رجب طيب أردوغان إنه سيتم تقديم أي أسرى من التنظيم للعدالة.
ولا يزال مقاتلو التنظيم يسيطرون على بعض المناطق في صحراء وسط سوريا النائية في أرض تسيطر على بقيتها الحكومة السورية.
*مصر.. هجماته الضخمة توقفت
لم تشهد مصر هجمات ضخمة خلال العام الأخير ولكن حوادث على نطاق أصغر استمرت ويشن الجيش حملة ضد الإسلاميين المتشددين في شبه جزيرة سيناء بصفة أساسية.
ويقول الجيش إنه قتل عدة مئات من المتشددين منذ شن حملة ضخمة في فبراير 2018، لدحر المقاتلين المرتبطين بتنظيم الدولة في سيناء.
وتم تفجير طائرة ركاب روسية بعد فترة وجيزة من إقلاعها من منتجع شرم الشيخ في 2015، مما أدى إلى مقتل كل من كانوا على متنها وعددهم 224 شخصاً. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن ذلك التفجير.
* السعودية.. موجود، ولكن الأمن ممسك بزمام الأمور
شن مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية تفجيرات دامية وإطلاق نار في السعودية ضد قوات الأمن والأقلية الشيعية بعد سحق السلطات تنظيم القاعدة قبل عشر سنوات.
ودعا البغدادي إلى شن هجمات على السعودية عندما انضمت إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في شن غارات جوية على تنظيمه. واستخدم البغدادي في خطبه عبارات مهينة لدى إشارته إلى الحكام السعوديين.
وقال كمران بخاري المدير في مركز السياسة الخارجية الذي مقره واشنطن في وقت سابق من العام الجاري إن تنظيم الدولة الإسلامية موجود في السعودية ولكن قوات الأمن وأجهزة المخابرات السعودية «تسيطر بشكل كبير على الأمور».
*اليمن.. القاعدة تتصدى له، ولكنها أخطر
أعلن مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية إنشاء فرع باليمن في أواخر 2014، بعد انزلاق هذه الدولة إلى أتون حرب أهلية بين حكومة عبد ربه منصور هادي التي تدعمها السعودية وحركة الحوثي المتحالفة مع إيران. ولكن التنظيم واجه بعد ذلك مقاومة شديدة من الفرع المحلي للقاعدة -تنظيم القاعدة في جزيرة العرب- ووقعت اشتباكات بين التنظيمين ولاسيما في محافظة البيضاء بجنوب اليمن. ويقاتل التنظيمان أيضاً الحوثيين الشيعة الذين يعتبرونهم كفاراً.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن عدة اغتيالات وتفجيرات في جنوب اليمن ولكنه لم يسيطر مطلقاً على أراض. ويعتقد خبراء إن تنظيم القاعدة الأقدم والذي له اتصالات أعمق بالقبائل يشكل تهديداً أكبر في اليمن الذي تمزقه الحرب.
*نيجيريا.. تبعية اسمية
شنت جماعة بوكو حرام النيجيرية هجمات في شمال شرق نيجيريا منذ 2009، في سعيها لإقامة الخلافة الإسلامية. وقتلت الجماعة أكثر من 30 ألف شخص وأجبرت مليونين آخرين على النزوح من ديارهم. وانقسمت تلك الجماعة في 2016 وبايعت جماعة منشقة عنها تنظيم الدولة الإسلامية.
وركز تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا على مهاجمة القواعد العسكرية خلال العام الماضي. وأصبح التنظيم القوة المسلحة المهيمنة في المنطقة.
ولم يتضح حجم الدعم الذي يقدمه تنظيم الدولة الإسلامية لفرعه في غرب إفريقيا ويقول خبراء أمنيون كثيرون إن هذه الصلة تتعلق بالاسم فقط بشكل أساسي وليس بتقديم تمويل ودعم لوجستي مباشر.
*أفغانستان.. تنظيم غامض وطالبان تقاتله
ظهر تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، التي اشتق اسمها من منطقة تاريخية تشمل معظم أفغانستان الحديثة وأجزاء من آسيا الوسطى، أواخر 2014 في إقليم ننكرهار بشرق أفغانستان حيث يوجد معقل له. وأعلن إنشاءه في يناير2015.
وبايعت قيادة تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان البغدادي لكن لم يتضح ما إذا كان للتنظيم علاقات مباشرة في مجال العمليات مع التنظيم الرئيسي.
وأعلن التنظيم شن هجمات على أهداف مدنية في مدن من بينها كابول وقاتل حركة طالبان الأفغانية من أجل السيطرة على عدد من المناطق الريفية. ويقول قادة أمريكيون إن عدد أفراده أقل من ألفين.
وهذا التنظيم غير مفهوم على نحو يذكر ويشك مسؤولون أفغان كثيرون في كابول في صحة إعلانات التنظيم مسؤوليته عن هجمات.
*سريلانكا.. لديه جماعتان محليتان
أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن تفجيرات وقعت في كنائس وفنادق في عيد القيامة في أبريل/نيسان وبثت وكالة أنباء أعماق التابعة للتنظيم مقطعاً مصوراً ظهر فيه ثمانية رجال يعلنون ولاءهم للتنظيم.
وقال التنظيم إن الرجال الذين ظهروا في المقطع المصور هم الذين نفذوا التفجيرات الانتحارية.
وأنحى مسؤولون سريلانكيون باللوم في التفجيرات على جماعتين إسلاميتين محليتين لهما صلة بتنظيم الدولة الإسلامية.
*إندونيسيا.. جماعة فضفاضة تؤيده
إندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان ويعتنق معظم الناس هناك الإسلام الوسطي.
ولكن إندونيسيا شهدت صعوداً للتشدد وقالت السلطات إنها تعتقد أن آلاف الإندونيسيين يعتبرون تنظيم الدولة الإسلامية مصدر إلهام لهم في الوقت الذي يُعتقد فيه أن نحو 500 إندونيسي ذهبوا إلى سوريا للانضمام للتنظيم.
قضت محكمة بإعدام رجل الدين أمان عبدالرحمن العام الماضي لتدبيره هجمات دامية. ويعتبر عبدالرحمن الزعيم العقائدي لجماعة أنصار الدولة وهي جماعة فضفاضة للمتعاطفين مع تنظيم الدولة الإسلامية في إندونيسيا.
وأدت تفجيرات انتحارية في سورابايا في مايو من العام الماضي إلى سقوط أكثر من 30 قتيلاً وتم الربط بين هذه التفجيرات وخلايا جماعة أنصار الدولة.
*الفلبين.. الغابات ملاذ آمن للفارين
تخشى الفلبين من إمكان أن يجد المتطرفون الفارون من العراق وسوريا ملاذاً آمناً في الأدغال والقرى النائية بمناطق المسلمين في مينداناو التي تشهد منذ فترة طويلة فوضى وتناحراً قبلياً وتمرداً انفصالياً وإسلامياً.
وبايع العديد من المنشقين عن جماعات مسلحة كثيرة في جنوب الفلبين تنظيم الدولة الإسلامية.
وكثيراً ما أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تفجيرات واشتباكات مع القوات الحكومية في مينداناو ولكن ذلك غالباً ما يكون محل شك.