الجرائم تتواصل في الداخل الفلسطيني و«المشتركة» تلجأ للاتحاد الأوروبي للضغط على إسرائيل
التقى النائبان أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة، ومنصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة ورئيس لجنة مناهضة العنف في «المشتركة»، سفراء الاتحاد الأوروبي في إسرائيل، لإطلاعهم على تقاعس حكومتها في قضية استفحال العنف والجريمة في الشارع العربي.
وسبق اللقاء مع السفراء اجتماع خاص للنائبين مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في تل أبيب السفير عمنوئيل غويفريت. وخلال اللقاء تحدث النائب أيمن عودة عن القائمة المشتركة، ووحدتها، والثقة الشعبية الكبيرة التي حازت عليها، ودورها ومواقفها السياسية الأخيرة، ومحاولاتها للتأثير في السياسة الاسرائيلية. كما استعرض المشهد السياسي الاسرائيلي، والتحديات التي يواجهها المجتمع العربي في ظل الخطاب العنصري والتحريضي من قبل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ومحاولات إقصاء النواب العرب عن دائرة التأثير ونزع الشرعية عن دورهم السياسي كممثلين للعرب في إسرائيل. كذلك تحدث النائب عودة عن عجز رئيس معسكر المعارضة بيني غانتس عن تقديم بديل ديمقراطي حقيقي لحكومة الليكود.
طلب مساعدة أوروبية
من جهته استثمر النائب منصور عباس اللقاء لتسليط الضوء على أوضاع المجتمع العربي والتحديات المختلفة أمامه، خصوصًا وباء العنف والجريمة. وقدم معطيات تفصيلية ومقارنة للعنف والجريمة وأسباب ذلك، وأهمها فشل الحكومة الإسرائيلية في توفير الأمن الشخصي وإهمال الشرطة وتقاعسها عن القيام بواجباتها. كما تحدث النائب منصور عباس عن سياسات حكومة الاحتلال التمييزية في مختلف المجالات الاقتصادية الاجتماعية وتوفير البنى التحتية والأرض والمسكن، وتأثيرها على مستويات العنف والجريمة في المجتمع العربي.
ووعد النائب منصور عباس بتقديم تقرير كامل للاتحاد الأوروبي حول ظاهرة استفحال العنف والجريمة بتشجيع إسرائيلي رسمي وطلب دعم السفراء وتوجههم المباشر للحكومة الاسرائيلية لتحقيق مطالب المجتمع العربي بتغيير سياساتها وتحمل مسؤولياتها واتخاذ قرار بخطة حكومية شاملة للتعامل مع وباء العنف والجريمة.
كما توجه النائب عن القائمة المشتركة الدكتور يوسف جبارين، برسالة مستعجلة إلى وزير الأمن الداخلي في إسرائيل جلعاد أردان، شرح فيها تفاصيل الاعتداء الذي قام به عدد من أفراد الشرطة على المشاركين في قافلة السيارات الاحتجاجية التي نظمتها لجنة المتابعة العليا ضد آفة العنف والجريمة يوم الخميس الماضي. وطالبه بفتح تحقيق ضد أفراد الشرطة الذين قاموا بالاعتداء البربري على الشابين مهند عزوني ومحمد رابي قبل اعتقالهما والتحقيق معهما بوحشية. كما دلل شريط فيديو فضح انقضاض نحو عشرة رجال شرطة على متظاهرين اثنين وأوسعوهما ضربا وركلا وتنكيلا.
وجاء في الرسالة ان أفراد الشرطة اعترضوا طريق السيارة التي قادها الشابان وبعد ان طلبوا منهما إظهار الهوية قاموا بالاعتداء عليهما في الشارع الرئيسي بشكل وحشي قبل اقتيادهما الى مركز الشرطة حيث تم التحقيق معهما. وأوضح جبارين انه تم توثيق عملية الاعتداء من خلال إحدى كاميرات شركة الأخبار الاسرائيلية كما ظهر في التقرير الّذي أعده الصحافي فرات نصار.
اعتداءات وحشية على متظاهرين
وأكد جبارين في توجهه أنه رأى شخصيًا آثار العنف الشرطي على جسدي الشابين مهند عزوني ومحمد رابي بعد أن التقاهما ليلة تحريرهما في مركز الشرطة مع رئيس مجلس جلجولية درويش رابي وعدد من المحامين، مطالبًا بمعاقبة أفراد الشرطة الّذين قاموا بهذا الاعتداء.
وقال في هذا السياق «العنف البوليسي تجاه المتظاهرين العرب يعكس عدائية افراد الشرطة تجاه المواطنين العرب، ومن المفارقة ان تتعامل الشرطة بعنف ضد متظاهرين يقومون بالاحتجاج السلمي ضد العنف وتخاذل الشرطة. سنتابع الموضوع مع طاقم المحامين أمام وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة».
وتتواصل جرائم القتل وإطلاق الرصاص من قبل مجرمين وأفراد عصابات إجرام. ووقعت في الأيام الأخيرة عدة إصابات بالرصاص في البلدات العربية وجريمة قتل شاب في بلدة عارة رغم تبليغ الشرطة مسبقا من قبل رئيس السلطة المحلية هناك المحامي مضر يونس بأن هناك تهديدات بالقتل لبعض المواطنين. كما أطلق مجرمان النار على مهندس شركة المياه في مدينة الطيبة ولاذا بالفرار وفي مدينة الرملة تم إطلاق النار على الشيخ علي الدنف رئيس الحركة الإسلامية وإمام المسجد في المدينة من قبل مجرم على خلفية خطبه ومواعظه ضد عصابات الإجرام، وما زال يمكث داخل المستشفى بعد إصابته بسبع رصاصات في جسده، حينما ركن سيارته قبال المسجد ليدخله قبيل صلاة الفجر.
وفي أعقاب التصعيد الخطير، الكمي والنوعي لأعمال الإجرام عبرت الحركة الإسلامية في الداخل عن صدمتها واستهجانها لهذه الهجمة المسعورة من قبل قطعان المجرمين العرب الذين يمضون في طريقهم المتوحشة، ويتصيدون الفرص للقتل والإفساد في الأرض.
وتابعت الحركة الإسلامية عقب جريمة محاولة اغتيال رئيس الحركة في مدينة الرملة «لقد تجرأت الأيدي الآثمة اليوم على القتل في قرية عارة، ومحاولات اغتيال في مدينة الرملة ورهط وحيفا، وسبقت ذلك حوادث قتل واعتداء في عدد من البلدات العربية. كما توسعت دائرة استهداف الضحايا في الفترة الأخيرة لتطال رؤساء سلطات محلية وموظفين كبارًا فيها.
وقالت إنه يتمّ استهداف عضو مجلس الشورى القطري ومسؤول الحركة الإسلامية في الرملة القيادي الشيخ علي الدنف الذي يقضي جهده ووقته في الدعوة إلى الله والأعمال الخيرية، كما يشهد له بالصلاح والاستقامة، مؤكدة إنّ جميع أعمال الإجرام مدانة ومستنكرة، وتستدعي منا جميعًا موقفًا موحدًا حازمًا، للتصدي لوباء العنف والجريمة، وتحمل المسؤولية الذاتية تجاه مجتمعنا، الذي لا يجد له ظهيرًا يرتكز عليه ويحتمي به.
الحركة الإسلامية
وأوضح رئيس الحركة الإسلامية الشيخ حماد أبو دعابس لـ «القدس العربي» أن المسؤوليّة الكبرى تقع على كاهل الدولة بأجهزتها المختلفة، لافتا لكونها هي من تملك الصلاحيّة القانونيّة والأدوات المناسبة لمحاربة المجرمين وجمع السلاح وكشف المستور من الجرائم.
وتابع « لقد تقاعست وتواطأت كافّة أجهزة السلطات الحاكمة في وضع السياسات المناسبة لعلاج الجريمة، وردع المجرمين، وتعمّدت الشرطة إهمال معالجة الجريمة والتستّر على المجرمين وفوضى السّلاح بحجج واهية، لا يمكن القبول بها، خصوصًا تلك التي ترتبط بنقص الموارد الماليّة والبشريّة»، مشددا على أن هذه الجرائم نابعة من سياسات عنصريّة تهدف لتمزيق وتفتيت المجتمع العربي الفلسطيني. وأضاف «نحن اليوم كعرب أمام محطة مصيريّة، إما أن نواجه الجريمة والمجرمين، هذا المرض الخبيث الذي يستشري في مجتمعنا، وإمّا أن يستفحل خطره، وتسيل الدماء في شوارعنا بشكل يوميّ، ونتحول لمجتمع تسود فيه قوانين الغاب. وعليه اعتبر أبو دعابس أن مسؤولية القيادات الفلسطينية في الداخل مضاعفة. وقال إنه لا بد من جهة إحداث تغيير مجتمعيّ جوهريّ وعميق، ومن جهة أخرى الاستمرار في الضّغط على صنّاع القرار في أجهزة السلطة الإسرائيلية الحاكمة وشرطتها من أجل تغيير دوافعهم وسياساتهم. منوها لانطلاق موجة احتجاجيّة في البلدات العربيّة ضدّ وباء العنف والجريمة، وضدّ تواطؤ الشرطة الإسرائيلية وإهمالها وعدم قيامها بواجبها في حفظ الأنفس.
انتقادات «مراقب الدولة »
وردا على سؤال تابع «نحن مستمرون في موجة الاحتجاجات حتى نلمس أنّ هنالك تغييرًا حقيقيًّا في سياسات الحكومة ونتائج ملموسة على أرض الواقع في معركتنا ضدّ الجريمة والمجرمين».
كما خلص للقول موجزا «إننا كمجتمع عربيّ بكلّ مكوّناته مطالب أن يقوم بواجباته والعمل الجادّ في اتّخاذ الخطوات الإصلاحيّة المجتمعيّة لتفادي مزيد من الوقوع في مستنقع الجريمة. ولا يكون ذلك إلّا بتفعيل كامل قوّتنا ومقدّراتنا حين نوقن أنّ الإرادة فينا ما تزال حيّة».
من جهتها أعلنت الشرطة الإسرائيلية أمس عن تعزيز قواتها بـ 600 عنصر في عدة مواقع في أراضي 48 بغية تثبيت الأمن وتعزيز الشعور بالأمان لدى المواطنين العرب في هذه المناطق، مشددة على قرارها الرغبة بمكافحة تجارة السلاح وملاحقة المجرمين.
يشار الى أن ما يعرف بـ « مراقب الدولة « في إسرائيل كان قد وجه انتقادات قاسية لأجهزة الأمن على عدم مكافحة الجريمة والمجرمين في البلدات العربية واعتبار المواطنين العرب أعداء والنظر اليهم من المنظار الأمني لا المدني حتى اليوم.