من أين يمتلك الحوثيّون الترسانة المتطورة من الصواريخ الباليستية والكروز؟
يمتلك الحوثيّون ترسانة متطورة إلى حدٍّ مذهل من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز محلية الصنع لديها القدرة على ضرب أهداف في عمق المملكة العربية السعودية.
ووفقاً لخبير الطيران الأمريكي توم كوبر، فالسلاح الرئيسي في ترسانة الحوثيين هو صاروخ «بركان»، الذي يعد نسخةً معدلة من صاروخ سكود R-17E السوفييتي وأطول منه بمترٍ ونصف، وأثقل منه بحوالي 2000 كيلوغرام، ويمكنه الوصول إلى مدى أبعد منه بحوالي 804 كيلومترات.
ما أثار هذا الأمر، هو أنه من المحتمل أن تكون الهجمات الصاروخية التي ألحقت أضراراً جسيمة بإحدى منشآت النفط السعودية الرئيسية في 14 سبتمبر الماضي قد تضمَّنت طائرات بدون طيار بعيدة المدى تُطلق صواريخ صغيرة موجهة بدقة.
وكان الحوثيون قد أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجمات المُنسَّقة التي وقعت على مواقع شركة أرامكو السعودية، التي تقع على بعد حوالي 800 ميل من الحدود السعودية اليمنية.
أصل قوة الصواريخ الحوثية بعيدة المدى
بحسب مجلة The National Interest الأمريكية، فقد ورث الحوثيون أيضاً من الجيش اليمني البائد عدداً كبيراً من صواريخ سكود السوفييتية وصواريخ سكود كورية شمالية تُسمَّى Hwasong-6s.
ويُذكَر أنَّ العراق أجرى تعديلاتٍ على صواريخ سكود في الثمانينيات من القرن الماضي وفقاً لمعايير صواريخ «الحسين» بعيدة المدى، التي تشبه صواريخ بركان. وتحدث مهندسٌ عراقي مع كوبر عن جهود التعديل، وربما يُقدَّم كلامه منظوراً حول أصل قوة الصواريخ الحوثية بعيدة المدى.
كيف يتم تطوير صواريخ الحوثيين؟
يقول المهندس العراقي لكوبر: «صاروخ R-17E بسيط للغاية. إذ يحتوى من مقدمته إلى مؤخرته على رأس حربي، ثم حجيرة لبعض المعدات مثل الجيروسكوب والمؤقِّت، ثم خزان الوقود الذي يبلغ طوله حوالي 1.35 متر، والخزان المؤكسد الذي يبلغ طوله حوالي 2.7 متر. ثم يوجد المحرك في نهاية المؤخرة».
وأضاف المهندس: «وبالنسبة لإطالة جسم الصاروخ، فلا تمُثِّل مشكلة، لكنَّ المشكلة تكمن في إطالة خزانات الوقود. ويتمثل أبسط الحلول -وهو أول حلٍّ طبقناه- في أخذ خزانٍ من صاروخ آخر، وقطع مقطعه المركزي، وإدخاله في خزان الصاروخ المعدل».
وأردف: «قبل إطلاق الإنتاج المحلي لخزانات الوقود المطوَّلة، استخدمنا خزاناتٍ من ثلاثة صواريخ من طراز R-17E لإنشاء خزانٍ لصاروخ الحسين. لكننا واجهنا مشكلة في قطع خزان الوقود، ففعل ذلك بالوسائل المتاحة عادةً ما يؤدي إلى إتلاف الخزان. غير أننا وجدنا مهندساً تلقى تدريباً في إنجلترا قبل عام 1951، واستطاع بتعديل ماكينة القطع كي لا يتعرض الخزان لأضرار».
وتابع: «كانت هناك مشكلة أخرى تكمن في لحام خزان الوقود الجديد المطوَّل. فكان علينا استخدام غاز الأرغون للحام.. وكذلك كانت المشكلة الثالثة تتمثل في مركز الثقل. ففي أثناء التجارب الأولى، كانت الصواريخ تهبط إلى الأسفل ببطء وهي في وضعٍ أفقي، ولم تكن تنفجر. فكان الحل هو نقل أسطوانات ضغط الهواء من مؤخرة الصاروخ إلى مقدمته، بالقرب من الرأس الحربي، لجعل المقدمة أثقل».
وأضاف: «أما المشكلة الأخيرة فكانت البطاريات. وبعض الصواريخ التي أطلقتها العراق على طهران في عام 1988 لم تنفجر لهذا السبب. لذا وضعنا في الصاروخ بطاريةً ثانية في أبريل/نيسان من العام نفسه، وهذا لم يحدث مرة أخرى».
نُسخ إيرانية وروسية مطوّرة
من جانبه يقول كوبر: «صحيحٌ أنَّ هذا لا يعد دليلاً قاطعاً على أن اليمنيين أجروا عمليات إطالة على صواريخ R-17E أو Hwasong-6 بأنفسهم، لكنَّه على الأقل يشير إلى أنَّ تعديل صواريخ سكود القديمة وزيادة مداها أمرٌ ممكن».
وكذلك يمتلك الحوثيون صاروخ كروز يُطلق عليه «القدس 1″، ويُمكن أن يكون نسخةً مُعدَّلة من صاروخ سومار الإيراني، الذي يعد هو نفسه نسخةً من صاروخ Kh-55 الروسي، وفقاً لخبير الصواريخ الأمريكي فابيان هينز.
وقد لاحظ العديد من المراقبين التشابه العام في التصميم بين صواريخ القدس 1 وصواريخ سومار، فادَّعوا أنَّ إيران هرَّبت صواريخ سومار إلى اليمن، حيث طلاها الحوثيون طلاءً جديداً ومنحوها اسماً جديداً، كما فعلوا من قبل في صواريخ «قيام».
ولكن هناك بضعة اختلافات بين صاروخ القدس 1 وصاروخ سومار، من بينها تصميم المُعزِّزات بالكامل، وموضع الجناح والأجنحة الثابتة في صاروخ القدس 1 وشكل مخروط المقدمة، وشكل جسم الصاروخ الخلفي، وموضع المُثبِّتات، وشكل غطاء المحرك و فتحة العادم.
إيران طورت صواريخ الحوثيين
وهناك فرقٌ واضح آخر بين صاروخ القدس 1 وصاروخ سومار/هويزة: وهو الحجم. فبإجراء فحصٍ مرئي سريع بالعين المجردة، يبدو قطر صاروخ القدس 1 أصغر من قطر صاروخ سومار.
وكذلك يحتوي صاروخ القدس 1 على محرك TJ100 تشيكي الصنع، وهو أقل قوة من المحرك الروسي الصنع الموجود في صاروخ Kh-55.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير هينز: «كل ذلك يجعلنا نتساءل عن هوية مُطوِّري صاروخ القدس 1. ففكرة أنَّ اليمن الفقير الذي مزقته الحرب يستطيع تطوير صاروخ كروز دون أي مساعدة خارجية تبدو مستبعدة. ونظراً إلى أنَّ إيران زوَّدت الحوثيين بالصواريخ في الماضي، وأنها تستخدم محركات من طراز TJ100 في الطائرات بدون طيار، فهذا يعني ضمناً أن إيران يمكن أن تكون وراء صواريخ القدس 1».
وأضاف: «لكننا لم نر أي أثر لصواريخ لقدس 1 في إيران حتى الآن. هذا اللغز ليس مقتصراً على صواريخ القدس 1. فبدءاً من العام الماضي 2018، ظهرت في اليمن العديد من أنظمة الصواريخ التي تتشابه تشابهاً كبيراً مع أنظمة صممتها إيران، ولكن ليس لها مكافئٌ إيراني يماثلها بالضبط».