4 سيناريوهات لتشكيل الحكومة الإسرائيلية ومصير نتنياهو معلق بموقف خصمه الأكبر
مع ظهور النتائج شبه النهائية للانتخابات الإسرائيلية، صباح اليوم الأربعاء 18 سبتمبر 2019، اتَّضح أن كلا الحزبين الكبيرين «الليكود» و «أبيض أزرق» لن يستطيعا تشكيل حكومة إسرائيلية منفردة، وحتى لو من خلال تجميع الأحزاب الأقرب لهما فكرياً وأيديولوجيا ومصلحياً.. فما هي سيناريوهات تشكيل الحكومة الإسرائيلية مع إخفاق الجانبين في حسم النتيجة؟.
فبعد أن كان نتنياهو يأمل أن تؤدي إعادة الانتخابات لاستمراره في السلطة في ظل الملاحقات القضائية له، جاءت النتائج الأولية لتظهر تفوق حزب أرزق أبيض الذي يقدم نفسه زعيماً لمعسكر الوسط على الليكود
الذي يقود معسكر اليمين بفارق ضئيل، حيث حصل على 33 مقعداً مقابل 32 مقعداً لليكود.
خصم نتنياهو أصبح الملك.. وهذه أحجام الكتلتين
وبهذه النتيجة حصل معسكر الوسط على 55 مقعداً، موزعة على أحزاب أزرق-أبيض والعمل-غيشر والمعسكر الديمقراطي والقائمة العربية المشتركة.
أما حزب الليكود يستطيع أن يجمع مقاعد مكونة من أحزاب اليمين القومي والحريديم المتدينين، التي تشكل في مجموعها 56 مقعداً، موزَّعة على أحزاب الليكود وشاس ويهودات هاتوراه ويمينا.
هذا يعني أننا أمام 111 مقعداً من أصل 120 هي عدد أعضاء الكنيست.
والمقاعد التسعة المتبقية هي من نصيب حزب إسرائيل بيتنا بزعامة وزير الخارجية والحرب السابق أفيغدور ليبرمان، التي أصبحت الكتلة المرجحة، ويعد ليبرمان خصماً لنتنياهو رغم انتماءه لمعسكر اليمين.
وفق القانون الإسرائيلي، فإنَّ رئيس الدولة رؤوفين ريفلين سيبدأ يوم 25 سبتمبر، باستدعاء رؤساء القوائم الانتخابية لترشيح من تراه مناسباً لتشكيل الحكومة، ولما كانت حظوظ الحزبين الكبيرين لم تتجاوز الـ61 مقعداً التي توفر لها أغلبية ضئيلة تجتاز بها الحصول على ثقة الكنيست، فسنكون بهذه الحالة أمام جملة سيناريوهات المختلفة.
وبالتالي فإن أي سيناريو متوقع سيكون مرهوناً بموافقة بيضة القبان المتمثلة في ليبرمان وحزبه، الذي سيمتلك الفيتو على أي مرشح لرئاسة الحكومة القادمة وتشكيلها، إن لم يستجب لشروطه ومطالبه.
ومن أبرز مطالب ليبرمان هي تجنيد اليهود المتدينيين، الذين يتم إعفاؤهم من التجنيد حالياً.
كما سبق أن اشترط ليبرمان مقابل المشاركة في ائتلاف نتنياهو «تعهد الأخير بإسقاط حكم حركة حماس في غزّة، والحفاظ على حقيبة الأمن والحصول على حقيبة الداخليّة»، المفترض أنها من حصّة رئيس قائمة «شاس»، آرييه درعي.
فرص نتنياهو تتراجع، ولكنه مُصر على تشكيل الحكومة لأسباب شخصية
صالح النعامي، المحلل السياسي الفلسطيني، قال لموقع «عربي بوست» إنه «من الواضح حتى الآن أنَّ نتنياهو لن يشكل الحكومة القادمة، كما أن غانتس ليس بوسعه تشكيل الحكومة دون مشاركة الليكود، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يسمح نتنياهو بتشكيل حكومة من دونه، لأنه يعي أن هذا الخيار يعني أن طريقه ستكون قصيرة إلى السجن، بسبب تهم الفساد الموجَّهة ضده» .
وأضاف: «لو تجاوزنا موقف نتنياهو فإن هناك أربعة سيناريوهات لتشكيل الحكومة الإسرائيلية، وهي على النحو التالي:
السيناريو الأول: تشكيل حكومة وحدة وطنية مكونة من الليكود، أزرق-أبيض، إسرائيل بيتنا، يمينا، بدون الحريديم (لأنه من الصعب الجمع بين الحريديم وإسرائيل بيتنا).
الثاني: تشكيل حكومة تضم أزرق-أبيض، إسرائيل بيتنا، يمينا، ومنشقين عن الليكود.
الثالث: تشكيل حكومة ضيقة مشكَّلة من أزرق-أبيض، إسرائيل بيتنا، يمينا.
الخيار الرابع: ألا تُشكَّل حكومة من الأساس، بسبب رفض الليكود المشاركة في أي حكومة لا يُشكلها نتنياهو، وفي هذه الحالة تتم الدعوة لانتخابات جديدة» .
ساعة القصاص من نتنياهو قد حانت.. الليكود قد يطيح بزعيمه
هناك مؤشر لا تخطئه العين ظهر فور إعلان النتائج، ويتمثل في الوزن الانتخابي الذي بات يمثله ليبرمان وحزبه إسرائيل بيتنا، فالرجل لا يُخفي عداوته لنتنياهو، ويعتقد أن ساعة القصاص منه قد حانت، الأمر الذي قد يتمثل في موافقته المشروطة على الدخول في حكومة برئاسة الليكود، بشرط الإطاحة بزعيمه.
ليبرمان يرى نفسه مندفعاً باتجاه تصفية الحساب مع نتنياهو، فالأخير تسبب في إفشال الأول في وزارة الحرب، حتى اضطره لتقديم استقالته في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بعد كشف النقاب بأن جنرالات الجيش كانوا يرتبون كل قراراتهم مع رئيس الحكومة بمعزل عنه، مما أظهره بصورة مهينة أمام الرأي العام الإسرائيلي.
هذا خيار متوقع في ظل وجود منافسين لنتيناهو يتطلعون لخلافته، وباتوا يشعرون أنه أصبح عبئاً على الحزب، ومن هؤلاء غدعون ساعر وزير الداخلية السابق، يسرائيل كاتس وزير الخارجية، غلعاد أردان وزير الأمن الداخلي، يولي أدلشتاين رئيس الكنيست.
القائمة العربية تنقذ الوسط.. ولكنها لن تشارك في الحكومة
قفزة نوعية حقَّقتها القائمة العربية المشتركة إذ نالت 15 مقعداً.
وستساعد هذه الكتلة حزب أزرق-أبيض في تحصيل المقاعد الـ55 التي قد تمكنه من تشكيل الحكومة، إن حظي بدعم حزب ليبرمان.
وفي الأغلب سترجح القائمة العربية فرصة أزرق-أبيض لتشكيل الحكومة القادمة، ليس بالضرورة حباً في سواد عيون الجنرالات، ولكن بالضرورة رغبة في إسقاط معسكر اليمين عن قيادة إسرائيل.
وليس من المتوقع أن يكون هناك وزير عربي في الحكومة الإسرائيلية القادمة، سواء من معسكر اليمين بزعامة الليكود أو أزرق-أبيض بقيادة الجنرالات، لكن القائمة العربية قد تمنح هؤلاء شبكة أمان برلمانية، تجعلهم يتخطون أي تصويت لحجب الثقة عن حكومتهم في الكنيست.
ولكن هذا قد يجعل الليكود يستنفر اليمين.
ففي ظل احتمال تشكيل حكومة بدعم من الكتلة العربية، فإن «الخيار الأساسي أمام الليكود يتمثل في تشكيل حكومة يمينية، ورفع الشرعية عن أي حكومة يشارك فيها العرب، باعتبار ذلك هدماً للمشروع الصهيوني، حسبما يقول محمود مرداوي، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، لـ «عربي بوست» .
الخيار المُر.. حكومة وحدة وطنية
لكن في ظل هذه النتائج شبه النهائية، وصعوبة انضمام «إسرائيل بيتنا» لحكومة يقودها الوسط وتحظى بدعم عربي، وصعوبة انضمامه في الوقت ذاته لحكومة بقيادة نتنياهو، فإن تشكيل حكومة انفرادية يبدو صعباً، قد يصل حد المستحيل.
ولذا يطرح سيناريو تشكيل حكومة وحدة بين الحزبين الكبيرين (الليكود، وأزرق-أبيض).
يقول مرداوي إن «الليكود لا يمكن أن يشكل الحكومة في ظل هذه التركيبة، نظراً لصعوبة اجتماع المتدينين مع ليبرمان، يبقى الاحتمال الأكبر، إن ثبتت هذه النتائج، حكومة وحدة وطنية يسهم في إرسائها ليبرمان، وإلا فسنكون أمام خيار انتخابات للمرة الثالثة» .
حكومة الوحدة الوطنية ستبقى الخيار الأخير الذي يلجأ إليه الحزبان الكبيران، لأنه خيار يحرمهما من التمتع بالحصول على كافة الامتيازات الحكومية، ويضطرهما للتنازل عن بعض سياساتهما لتمرير هذه الحكومة، فضلاً عن المفاوضات التي سيدخلانها لبحث مسألة التناوب على رئاسة الحكومة، من سيكون أولاً في العامين الأوَّلين؛ نتنياهو أم غانتس.
هل يوجَّه القضاء الاتهام لنتنياهو؟
المتغير الأهم الذي قد يقلب المعبد على رأس نتنياهو، أن يوم الثاني من أكتوبر/تشرين الأول القادم، سيشهد جلسة استماع له أمام المستشار القضائي للحكومة، حول تهم الفساد الموجَّهة إليه، وهو تاريخ مفصلي يتوقع أن يتبعه توجيه لائحة اتهام رسمية له.
وفي هذه الحالة سيُسفر عن الأمر عدة نتائج هامة: تنحي نتنياهو القسري عن رئاسة حزب الليكود، ونشوب حرب الخلافة لوراثته، وتعبيد الطريق لتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة، تزيد شبكة أمانها البرلمانية عن 75 عضو كنيست.