إسرائيل تمنع استقرار سكان غزة في الضفة الغربية
تعمل إسرائيل على منع “استقرار” فلسطينيين من سكان قطاع غزة في الضفة الغربية. حتى منتصف هذه السنة، كان يسكن في الضفة 2671 فلسطينياً من قطاع غزة، 0.14 % من إجمالي سكان القطاع بدون تصريح من إسرائيل. 1397 شخصاً منهم حصلوا على تصاريح خروج للعلاج، كمرضى أو مرافقين ولم يعودوا إلى القطاع، وفقاً لصحيفة “هآرتس” العبرية.
وحسب النيابة العامة، معظم الحاصلين على تصاريح العلاج والذين لم يعودوا إلى القطاع فعلوا ذلك من عام 2017، مقابل 263 شخصاً فقط فعلوا ذلك قبل تلك السنة. إسرائيل تعتبر هؤلاء الفلسطينيين “مقيمين غير قانونيين”، وفي رد النيابة العامة على الالتماس الذي تم بحثه أمس في المحكمة العليا، كتبت بأنها تبذل الجهود لوقف الزيادة في هذه الأرقام “ومنع استقرارهم” في الضفة الغربية.
حسب أقوال الدولة، فإن عائلات تنتقل على الأغلب “بصورة متقطعة” من القطاع إلى الضفة. شخص يحصل على تصريح لمرة واحدة ينتقل إلى الضفة، وبعد ذلك ينضم إليه أبناء عائلته المقربون على أساس تصريح إنساني ما – ولا يعودون. حسب الرد، فإن الدولة تخاف من أن تستغل سلطات حماس مواليد القطاع الذين يعيشون في الضفة لأهدافها. في فبراير 2016 بدأت إدارة التنسيق والارتباط في غزة، الخاضعة لمكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق، في تضمين الخوف من عدم عودة الحاصلين على التصاريح إلى غزة كجزء من إجمالي اعتباراتها لرفض الطلبات.
حسب جمعية “الميزان” لحقوق الإنسان في غزة، وجمعية “أطباء من أجل حقوق الإنسان” في تل أبيب، فقد لاحظتا ازدياد عدد المرضى الذين تمنعهم الدولة من الخروج من القطاع إلى الضفة، وذلك بذريعة أن أقاربهم “مقيمون غير قانونيين” في الضفة. وحسب شهادات وصلت إليهما وإلى الصحيفة، فقد قيل للمرضى في عدد من الحالات بأنه يمكنهم الخروج للعلاج شريطة عودة أقاربهم من الضفة إلى القطاع.
المنظمتان، بواسطة المحامي تمير بلما، تقدمتا بالتماس للمحكمة العليا من أجل إصدار أمر إلغاء معيار “الخوف من المكوث غير القانوني في الضفة” كأساس لمنع خروجهم من أجل تلقي العلاج. وطلبت إلغاء طلب عودة قريب العائلة إلى غزة كشرط للحصول على التصريح. القضاة: إسحق عميت، واليكس شتاين، وعوفر غروسكوفاف، رفضوا الالتماس؛ لأن الدولة أعلنت عن عدم وجود سياسة كاسحة لمنع خروج سكان غزة إلى الضفة الغربية، بسبب ذلك. وأن عودة الأقارب ليست شرطاً لإعطاء تصريح الخروج للعلاج. قال القضاة: إذا تبين أنه لا يوجد توافق بين إعلان الدولة والوضع على الأرض، فإنه يمكن للطرفين العودة إلى المحكمة المركزية.
في رد النيابة العامة على الالتماس، كتب أن لنحو 400 شخص من الحاصلين على تصاريح العلاج الذين لم يعودوا إلى القطاع.. أقارب من الدرجة الأولى يقيمون في الضفة بدون تصاريح. ومع ذلك -تضيف النيابة- إن الحالات التي رفضت بسبب الخوف من إساءة استخدام التصاريح ضئيلة. في هذه السنة وفي السنة الماضية رفض 198 طلب خروج للعلاج خوفاً من إساءة استغلال التصاريح، وليس بسبب القرابة العائلية فقط، كتب في الرد. وبعد إعادة فحص، كتب: تبين أن 58 من المرفوضين حصلوا في نهاية المطاف على تصريح خروج من غزة إلى الضفة.
في عام 2018 أصدرت إسرائيل 60 ألف تصريح خروج تقريباً من القطاع. وفي حالات كثيرة يتعلق الأمر بعدة تصاريح للشخص نفسه. حوالي 16 ألف تصريح كانت للعلاج، و12 ألف تصريح كانت لمرافقي المرضى. وفي النصف الأول من عام 2019، أعطي لمرضى ومرافقين نحو 15 ألفاً من بين 33 ألف تصريح.
في ردها، تناولت النيابة العامة، دفعة واحدة، المقيمين غير القانونيين في الضفة وإسرائيل، لكن يمكن الافتراض أن معظم الأشخاص الذين لم يعودوا إلى غزة استقروا في مدن الضفة الغربية، وبالأساس رام الله، للحصول على مصدر رزق ويستطيعون العمل في أعمال عارضة.
القلائل الذين نجحوا في الوصول إلى الضفة هم جزء من ظاهرة كبيرة لسكان القطاع الذين هاجروا أو يريدون الهجرة منه بسبب ظروف الحياة المتدهورة هناك، نسبة البطالة المرتفعة والحصار الإسرائيلي ومعارضتهم حكم حماس. من بين عشرات الآلاف الذين هاجروا في السنوات الأخيرة، كثيرون انتقلوا إلى تركيا مع تأشيرة سائح أو طالب وبقوا هناك. انتقل عدد منهم منها إلى أوروبا بدون تأشيرات، في محاولة للحصول على ملجأ سياسي. وآخرون جربوا حظهم عبر البحر وبعضهم مات غرقاً.
ولكن خلافاً للهجرة إلى دولة أخرى، فإن القطاع والضفة، حسب اتفاقات أوسلو، هما وحدة جغرافية واحدة. ورغم الانفصال الجغرافي بينهما، الانفصال السياسي – الحكومي بين المنطقتين ووجود نظم تشريع مختلفة، تشكلت فيها منذ عام 2007. سكان الضفة الغربية وقطاع غزة يتقاسمون الأجهزة الحكومية نفسها، وأنظمة خارجية حكومية، وجميعهم يحملون جواز السفر الفلسطيني نفسه، ويسجلون في السجل السكاني الفلسطيني نفسه بمصادقة إسرائيل. كان يمكن لسكان القطاع حتى عام 1991 الانتقال إلى الضفة الغربية والعيش فيها واعتبارهم “مقيمين غير قانونيين” من قبل السلطات الإسرائيلية، وهذا الأمر تطور في بداية النصف الثاني من التسعينيات، وبصورة توازي المفاوضات مع السلطة الفلسطينية.