الجارديان: انتخابات الرئاسة التونسية امتحان للديمقراطية الشابة وسط إحباط شعبي من عدم التغيير
قالت صحيفة “الجارديان” البريطانية، أن الإنتحابات النونسية ستكون امتحانا للديمقراطية الشابة، حيث تعقد تونس انتخاباتها الرئاسية الثانية في 15 سبتمبر، في انتخابات ينظر إليها كامتحان للديمقراطية الوحيدة التي خرجت من رماد الربيع العربي عام 2011.
وكانت وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي (92 عاما) في تموز/يوليو، الذي كان عاملا مهما في قيادة التحول الديمقراطي، سببا في تبكير الانتخابات عن موعدها المقرر في تشرين الثاني/نوفمبر.
ويرى الصحيفة أنه بدون السبسي فقد تشرذمت القوى العلمانية التي توحدت ضد حزب النهضة الإسلامي القوي، مما أدى إلى مبارزة انتخابية غير متوقعة قد تعيد تشكيل الفضاء السياسي للديمقراطية الوحيدة في شمال إفريقيا.
وتشير إلى الثورة التونسية عام 2011 التي حفزت ثورات أخرى في ليبيا ومصر واليمن ومناطق أخرى اندلعت بسبب الوضع الاقتصادي وأسعار الخبز أكثر من ديكتاتورية زين العابدين بن علي.
ولا يزال اقتصاد تونس على ما هو إن لم يزدد سوءا، بالإضافة لنفور عام من السياسة حسب استطلاعات الرأي.
وفي بلدة سيدي بوزيد التي أحرق فيها محمد بوعزيزي نفسه في ديسمبر 2010 بشكل أشعل الثورة في تونس، علق هاشم الأميري، وهو مهندس وناشط شبابي: “يقول الناس إن الأمور أسوأ مما كانت عليه عام 2011، وذلك للمشاكل الأمنية وثمن المعيشة التي يواجهونها، للمدارس والحياة اليومية”، و”لو قارنا أسعار الخضروات والفواكه والملابس فهي أغلى بمعدل الضعفين أو ثلاثة أضعاف”.
وتقول الصحيفة إن خيبة الأمل أسهمت في تشدد الشباب في التونس، حيث حاول الآلاف منهم الوصول إلى تنظيم “الدولة”. فيما تعرضت تونس لهجمات إرهابية كان آخرها هجومين في يونيو، وأعلن تنظيم الدولة المسؤولية عنهما.
ولكن التحول الديمقراطي التونسي كان أكثر تصميما مما توقع الكثيرون، فالمشاركة في الانتخابات التي اتسمت بالهدوء أحيت الآمال بتسليم الرئاسة من رئيس لآخر، والتي تعتبر المعوق الرئيس في تطور الديمقراطيات الشابة.
ومن التطورات الأخرى هو بث أول مناظرة تلفزيونية يوم السبت بين أهم المرشحين الرئاسيين.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الأسعد خضير، مدير قناة تلفزيونية محلية: “عادة ما نعرف عندما نتحدث في العالم العربي عن المنافسة من سيفوز، وبنسبة 99%، أما اليوم فلا نعرف من سيفوز”.
وأشار التقرير إلى غياب أحد المرشحين البارزين عن المناظرة، وهو نبيل القروي، الذي يوصف بأنه برلسكوني تونس، نظرا لملكيته قناة تلفزيونية، واعتقل عشية الحملات الانتخابية بسبب التهرب الضريبي والفساد. وهي اتهامات ينفيها.
ولكنه لا يزال مرشحا من بين 26 مرشحا للرئاسة، وواحد منهم عبد الفتاح مورو المحامي وأحد أعضاء حركة النهضة، الذي يرشح نفسه لأول مرة منذ الثورة.
وهناك عبير موسي، الداعمة لابن علي، وتبني برنامجها على الحنين لعهد الرئيس السابق الذي ينمو في بعض الدوائر. ويقول الأميري إن “الطبقة السياسية راضية من الديمقراطية والانتخابات وحرية التعبير، وبالنسبة لبقية الناس فهم لا يهتمون بهذه الأمور لو واجهوا مصاعب في حياتهم”.
وتعتبر تونس المثال الناجح عن الربيع العربي، وكادت تواجه الفوضى بعد اغتيال عدد من اليساريين على يد متطرفين إسلاميين، مما زاد حالة الاستقطاب بين القوى العلمانية والإسلامية في البلاد.
إلا أن القوى المدنية ساعدت على حماية التجربة من خلال جمع الأطراف معا ومنحتها لجنة نوبل جائزة السلام بسبب الجهود التي قامت بها.
وتقول سارة يركيس، الزميلة في وقفية كارنيغي للسلام العالمي: “جزء من هذا يعود للقادة السياسيين أنفسهم”، وتوصل السبسي مع منافسه السياسي، زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، إلى بند في قانون الانتخابات وسّع المشاركة الانتخابية لتشمل الأحزاب الصغيرة. وقالت: “الرجلان كبيران في العمر ومجربان، وكلاهما ملتزم بالديمقراطية، ورأينا أهمية ذلك لتونس، وقررا العمل معا”.
ولكن الرأي منقسم حول حكمة المشاركة في السلطة، التي وإن كانت لاستقرار السياسة في البلد، إلا أنها عطلت التقدم في مجال الإصلاحات الصعبة.
وقالت يركيس إن “خوف قادة تونس من الفوضى التي أصابت دول الربيع العربي دفعتهم للبحث عن الإجماع، وحصلت تونس على انتباه الجميع لما فعلته وستفقد تميزها لو فقدت الديمقراطية، بما في ذلك مليارات الدولارات في الدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”.
وأضافت: “لكن الاستقرار له ثمنه وجزء منه هو الغضب والإحباط من عدم التغيير. ومضت تسعة أعوام على الثورة وبدأ صبر الناس ينفد”.
وتقول الصحيفة إن انتخابات الأحد المقبل والانتخابات التشريعية المقررة في تشرين الأول/أكتوبر ستعكس صورة إن كان قادة تونس المقبلون مستعدين للتعايش معا، وإن كانوا قادرين على حكم شعب محبط بسبب غياب التقدم في مجال العمل والحرية والكرامة الوطنية، وهي هتافات التونسيين في الشوارع قبل تسعة أعوام.