هل يبدو العالم أمام مسار جديد في عصر الحروب التجارية بغد قمة السبع؟
قمة مجموعة السبع “جي 7” التي عقدت في فرنسا انتهت بدون نتائج في ظل التباطؤ في الأسواق وعدم اليقين الاقتصادي. الحروب التجارية وعلى رأسها الحرب بين الولايات المتحدة والصين تشتد وتهدد السلام العالمي واستقرار النظام العالمي الذي تشكل بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. صندوق النقد الدولي قلص في السابق التنبؤ بنمو عالمي يصل إلى 3.3 في المئة. العولمة في أزمة، ويبدو أنها استنفدت نفسها في صيغتها الحالية.
الحرب التجارية لا تعتبر هزة أرضية مفاجئة، بل وليدة قرارات حاسمة لزعماء الاقتصادات الأكبر في العالم: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جيبينغ. سياسة “أمريكا أولاً” التي تشمل فرض الضرائب على الاستيراد من الصين هي السنوات الأولى التي بشرت بتحد جديد للاقتصاد العالمي. عدم الاستقرار الاقتصادي يمكن أن يؤدي إلى أزمات سياسية وتحالفات جديدة ستغير خارطة المصالح وتؤثر على مراكز الاحتكاك في العالم. النتيجة هي عالم أكثر خطراً، وفقا لصحيفة “هآرتس” العبرية.
تهديد الصين للهيمنة الأمريكية كقاطرة للاقتصاد العالمي، والدخول إلى سوق التكنولوجيا، والذكاء الصناعي، والاتصال الرقمي والإنسان الآلي، كل ذلك يقف في مركز الاحتكاك. الولايات المتحدة طورت اعتماداً على البضائع التي تصل من دول لا توجد فيها شفافية، والسوق تدار وتملى من أعلى، والنتيجة هي خطوات دفاع عن الصناعة والأبحاث والتطوير الأمريكي.
خوف ترامب هو أن يقوم المارد الصيني بـ “الأكل بقدر ما يستطيع” في الطريق إلى هيمنة جديدة. نتيجة ذلك، يقوم ترامب بحل تحالفات مهمة في أوروبا وآسيا. وأصبح واضحاً الآن أن قراره في كانون الثاني 2017 بسحب الولايات المتحدة من اتفاق التجارة العابر للمحيط الهادئ (تي.بي.بي) لن يساهم في زيادة قوتها في هذه المنطقة. وبدلاً من عزل الصين وتقليص قوتها، أطلق ترامب النار في كل الاتجاهات ودفع حلفاء الولايات المتحدة إلى البحث عن أسواق جديدة خوفاً من الركود. قد يوجد الحل في المفاوضات التي ستبدأ قريباً بين واشنطن وبكين.
المؤرخ اليوناني توكيديدس قال إن المنافسة الأنانية وصراعات القوى هي التي كانت تقف في مركز الحرب بين إسبارطة وأثينا. وبعد 2500 سنة على ذلك، يبدو أن الدافع الإنساني نحو القوة الذي تحركه المنافسة والمصالح بقي على حاله. كل من يعرف التاريخ يعرف أيضاً أن الفوضى العالمية تدهور العالم إلى حرب الجميع ضد الجميع. وخطوات مثل تعاظم النزاعات القومية في أوروبا أو نزعة الخروج من الاتحاد في بريطانيا، هي نتيجة لتهديد القبلية الإنسانية ولأزمة اقتصادية.
الشعوب ترغب في اقتصاد يخدمها، العولمة جلبت الكثير من الخير للدول المتخلفة والمتقدمة، وللعالم الغربي أيضاً. ولكن يبدو الآن أنها تمر بعملية انسلاخ تحولها إلى مقاربة تزيد التوتر والكراهية. والمنافسة ليست مقاربة اقتصادية، بل إنها تؤثر على طبيعة العلاقات بين الدول، وفي عصر أزمة مناخية آخذة في التعاظم فإن تضاؤل الموارد وموجات اللاجئين ومهاجري العمل، تتحول إلى أكثر خطورة.
هناك مشكلة لا تقل خطورة، وهي غياب سياسيين كبار، أشخاص في قمة الهرم السياسي العالمي. ترامب سينهي ولايته في 2020، أو في الانتخابات التي ستأتي بعد ذلك. وبدون صلة بذلك، يجب على العالم أن يفكر إلى الأمام وينتج مركز ثقل عالمي جديد مع قدرة حسم دولية ملزمة. يجب على إسرائيل أيضاً أن تستعد للتغيرات الدولية. في ظل غياب اتفاق سياسي فإن اشتداد عدم الاستقرار هو أمر خطير بشكل خاص. في هذه الظروف، يعد التعاون الإقليمي والسلام بين إسرائيل وجيرانها هو مصلحة إسرائيلية في المقام الاول.