ردع حماس علي طريقة بيني جانتس
اذا حصل في قطاع غزة في الفترة الأخيرة؟ أطلقت ثلاثة صواريخ أصاب أحدها أصاب ساحة في سديروت؛ وتواصلت مسيرات العودة إلى الجدار، مع ما يرافقها من عنف، ولكن بحجم ضيق لبضعة آلاف من المشاركين؛ وانطفأت ظاهرة البالونات. الجديد كان في محاولات التسلل لمسلحين إلى أراضي إسرائيل، كلهم (أربعة حتى الآن) أحبطوا بنجاح على يد الجيش الإسرائيلي، والنتيجة كانت ثمانية قتلى ألصقت حماس بهم لقب “شباب غاضبين”.
بقدر ما هو معروف، فإنهم لا ينتمون إلى حماس. كانت حماس قد مجدتهم، ولكنها لم ترد على تصفيتهم ولم تطالب بالثأر. وعندنا ثارت صرخة للخروج إلى حرب ضد حماس، برز رئيس الأركان الأسبق، بيني جانتس، في أقواله الحادة. وأنا معني بتحليل أقواله التي فيها أربعة عناصر
الأول هو الردع. هكذا قال: “الردع لم يتآكل، الردع شطب!”. برأيي هذا قول مغلوط جوهرياً. لماذا؟ لأن الويل لنا إذا ما شطب الردع حقاً، فعندها سيكون بوسع حماس أن تعربد وتغطي وسط البلاد بالصواريخ دون أن تخاف على الإطلاق ردنا الوحشي. ما المذهل؟ إن هذه الصياغة “الردع شطب” جاءت مع تشديد زائد، وبحركة جسدية، لتعلمنا أن هذه ليست زلة لسان أو قولاً مهملاً.
بتعبير آخر، من تحدث بهذا ليس رئيس أركان، إنما سياسي. وليس هذا فحسب، بل يمكن لرئيس الأركان وكل واحد أن يقول بأن لنا ردعاً، أو أنه تآكل، أو أنه ضاع.. فهذا تقدير وليس حقيقة؛ لأن الردع التقليدي (بخلاف النووي) ليس ثابتاً ومستقراً. بل هو دينامي، يرتفع ويهبط، وفقاً للظروف والتطورات، وأحياناً قد لا يكون. ولكن من يقرر بأفعاله وأقواله إذا كان الردع موجوداً، أو ضعيفاً، أو قوياً أو غير موجود، هو الطرف الذي نريد أن نردعه. فليست الأقوال هي التي تقرر إذا ما كان الطرف الآخر مردوعاً وبأي قدر.
هناك أحيان نادرة قد نعرف إذا كان الردع قد ضاع بالفعل. هكذا حصل عشية حرب الأيام الستة في 1967، عندما بدأ الجيش المصري يدخل بجموعه إلى سيناء. وناصر، حاكم مصر، أعلن علناً: “نحن جاهزون. إذا كان الجنرال رابين يريد أن يجرب قوتنا في الحرب، فأهلاً وسهلاً”. كان هذا هو الأساس للقصيدة الشهيرة التي نظمها حاييم حيفر “ناصر ينتظر رابين”، وكانت في أساس شعار الانتخابات في 1992: “إسرائيل تنتظر رابين”.
العنصر الثاني من أقوال جانتس “سنقوم بمعركة ستكون الأخيرة. سنهزم حماس عسكرياً”. يثور السؤال: كيف عمل ذلك؟ كيف سنستخدم قوتنا للمعركة الأخيرة حيال قطاع غزة؟ ما هي الأثمان؟ كيف ننهي معركة يوم الدين هذه؟
“الجواب” يقدم في العنصر الثالث: “من خلال كابنت أمني ومسؤول”. بتعابير أخرى: من خلال الأقوال، الأقوال.
والعنصر الرابع هو “هذا ما ينبغي أن يحصل، هذا ما سيحصل”. بتعبير آخر: التزام سياسي عادي لمستقبل غامض، لا لرئيس أركان سابق. وهذا محزن. أربعة رؤساء أركان سابقين يشاركون في الانتخابات الحالية، واثنان منهم كانوا وزيري دفاع، وحتى الآن لم نسمع من أي منهم عرضاً أمنياً مرتباً ومنطقياً للرد الإسرائيلي على تحدياتنا الأمنية. أولاً وقبل كل شيء، للتهديد الكمي الهائل المتمثل بالصواريخ في الشمال. وهي لا تصدأ هناك. بل تتكاثر ، وتصبح نوعية أكثر.