الأسد لديه خطة بديلة لإخضاع إدلب والروس هدفهم أكبر
رغم فشله في إخضاع محافظة إدلب عبر القصف الجوي العنيف والتدخل البري المدعوم روسياً، فإن الرئيس السوري بشار الأسد يحضر خطة جديدة لإدلب، في وقت تبدو فيه خريطة النفوذ في سوريا ستتغير مع استمرار الروس في تقليم أظافر الإيرانيين.
فرغم حالة عدم اليقين المتزايدة فيما يخص مستقبل سوريا، إلا أن العديد من القوى تناور من أجل تعزيز وتحسين مواقعها هناك، أو على الأقل حماية رهاناتها.
ويبدو أن التحالفات مثل تلك التي بين إيران وروسيا أصبحت الآن على أرضية هشة لأن كل دولة تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، موقع Lobelog الأمريكي.
الجميع تقبل وجود الأسد الذي بادر بدوره بالتخلص من هؤلاء
وفي حين تواصل إسرائيل وتركيا التدخل عسكرياً في سوريا، يبدو أنهما متقبلتان لفكرة أن الرئيس السوري بشار الأسد من المرجح أن يبقى في السلطة.
ومن الواضح أن النظام السوري نفسه يتخلص من مسؤولي الأمن الذين اتُهموا بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، ربما في محاولة لتحسين صورته.
وفي هذه الأثناء، يحاول الأكراد السوريون الحفاظ على كيانهم المتمتع بالحكم الذاتي في الشمال الشرقي، وسط مخاوف من أن يصبح وضعهم ضعيفاً بشكل متزايد مع سحب الولايات المتحدة لقواتها من سوريا.
وترامب لا يعرف ماذا يريد؟
ومن الصعب تحديد السياسة الأمريكية في هذه المرحلة. فمن ناحية، أدلى الرئيس دونالد ترامب ببعض التصريحات الحادة ضد الهجوم السوري الروسي في محافظة إدلب، آخر معاقل المعارضة المتبقية في البلاد.
ومن ناحية أخرى، أكد ترامب مرة أخرى على رغبته في مغادرة قواته لسوريا قريباً، خاصة مع انهيار دولة الخلافة المعلنة من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وتواصل واشنطن دعمها، على الورق على الأقل، لمحادثات جنيف الصعبة لعام 2012 التي كانت تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي بين النظام والمعارضة، لكن هذه العملية الفاشلة حلت محلها محادثات أستانا (بدعم من روسيا وإيران وتركيا ) والتي ركزت على التغييرات في الدستور السوري، والتي من المفترض أن تمهد الطريق لتسوية سياسية.
وبدون دور دبلوماسي أمريكي أكثر نشاطاً، من الصعب أن نرى كيف ستكون واشنطن لاعباً رئيسياً في المستقبل السوري، على الرغم من أن عدم التدخل قد يكون نية ترامب الحقيقية.
لماذا فشل الهجوم على إدلب رغم شراسته؟
بالأخذ في الاعتبار أن الأكراد يسيطرون على مناطق شمال شرق البلاد، فإن معظم سوريا، باستثناء محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، وقع تحت سيطرة نظام الأسد بحلول نهاية عام 2018.
وفي سبتمبر 2017، وفقاً لاتفاق «وقف التصعيد» والذي عملت كل من روسيا وتركيا على إتمامه، كان من المفترض لهذه المحافظة أن تكون ملاذاً آمناً لقوات المعارضة والمدنيين السوريين الذين فروا من مناطق أخرى من البلاد (وهو ما رفع عدد سكان المحافظة إلى ثلاثة ملايين)، مع إلزام جميع الأطراف بعزل ومحاربة الجماعات المتطرفة. وحددت صفقة لاحقة أُبرمت بعد عام في مدينة سوتشي بروسيا تدابير لتطهير المنطقة منزوعة السلاح داخل إدلب من الجماعات الإرهابية.
جدير بالذكر أن تركيا، التي لديها قوات في هذه المحافظة، فشلت في التحرك ضد هذه الجماعات؛ علاوة على ذلك، فإن معظم المحافظة -منذ يناير 2019- كان تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» (HTS) وهي الجماعة التي خلفت جبهة النصرة، إحدى الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة. هذه العوامل أعطت نظام الأسد وروسيا ذريعة لشن هجوم على إدلب في الربيع الماضي.
بعد تحقيق مكاسب كبيرة على الأرض -وترويع السكان المدنيين خلال العملية بعد الغارات الجوية وإلقاء البراميل المتفجرة- في الأسابيع الأولى من العملية التي تضمنت استعادة النظام لـ 18 بلدة وقرية، توقف الهجوم في أوائل يونيو.
وذلك لأن الجماعات المعارضة المدعومة من تركيا شنت هجوماً مضاداً، بالضبط كما فعل مسلحو هيئة تحرير الشام. بالإضافة إلى ذلك، ورد أن القوات البرية التابعة للنظام السوري عانت من حقيقة أنها تضم بين صفوفها معارضين سابقين، والذين كانوا يترددون في إطلاق النار على رفاقهم السابقين.
ولكن الأسد يحضر خطة جديدة لإدلب
إن استعادة السيطرة على إدلب يبقى هدف الأسد، لكن هذه العملية من المرجح أن تتم خلال ما وصفه أحد المحللين بـ»حرب الاستنزاف» بدلاً من الهجوم الشامل.
ومع ذلك، استمرت عمليات القصف، حتى على المنشآت الصحية في إدلب، مما دفع منسق الإغاثة الطارئة التابع للأمم المتحدة مارك لوكوك بإصدار تحذير في منتصف يوليو/تموز إلى كل من روسيا وسوريا بأن «المذبحة يجب أن تتوقف».
وهناك محاولة للعودة إلى أستانا
في غضون ذلك، تُبذل الجهود الدبلوماسية لاستئناف المفاوضات في أستانا، بكازاخستان، في أوائل أغسطس/آب بين حكومة الأسد وممثلي المعارضة السورية ونشطاء المجتمع المدني.
وهي عملية تدعمها روسيا وإيران وتركيا، على الرغم من أن هذه الدول ليست متوافقة دائماً حول مستقبل سوريا.
ولقد تعثرت المفاوضات حول تشكيل الجهات الفاعلة في المجتمع المدني وكذلك حول ممانعة حكومة الأسد مناقشة التغييرات في الدستور السوري.
وعلى الرغم من أن المشكلة الأولى يبدو وقد تم حلها، إلا أن المناقشات المتعلقة بالدستور لا تزال موضع خلاف كبير. فليس الأسد فقط هو من يرفض فكرة الدخول في عملية يمكن أن تضعف سلطته في النهاية، لكن المعارضة أيضاً تعتقد أنه يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار في إدلب قبل أن تجري مفاوضات حول لجنة دستورية وانتقال سياسي حقيقي. وقد قال متحدث باسم المعارضة إنه كان من المستحيل التحدث عن النوايا الإيجابية لروسيا ونظام الأسد «بعد كل الجرائم المرتكبة في بلدنا».
ومن المفارقات أن مسؤولي الأمم المتحدة يحاولون التوسط بين هذه الفصائل المختلفة رغم أن محادثات أستانا تقع خارج نطاق مسار محادثات جنيف، وهي عملية رعتها الأمم المتحدة رسمياً لمحاولة حل الأزمة السورية ولكنها شهدت فشلاً بعد آخر.
إن حقيقة أن مسؤولي الأمم المتحدة يساعدون في محادثات أستانا تدل على أن مركز الثقل هو في أيدي روسيا وتركيا وإيران وليس المجتمع الدولي الأوسع.
الخلافات الروسية الإيرانية الحادة ستغير خارطة النفوذ في سوريا
على الرغم من أن روسيا وإيران كانتا القوتين الخارجيتين الرئيسيتين اللتين دعمتا نظام الأسد ضد أعدائه ويواصلون التعاون معه إلى حد ما -على سبيل المثال، تتشاركان الوصول إلى قاعدة تياس الجوية العسكرية السورية (T-4)، على بعد حوالي 160 كم شمال شرق دمشق- إلا أن علامات انشقاق قد ظهرت في تحالفهما في العام الماضي.
وقد كانت هناك تقارير عن اشتباكات بين الميليشيات الموالية لإيران والجماعات المسلحة التي تدعمها روسيا داخل سوريا، وبحسب ما ورد فقد أرغمت روسيا الأسد على إقالة بعض الضباط السوريين الموالين لإيران.
علاوة على ذلك، من خلال اتفاق تفادي الصدام الإسرائيليين، لم تتدخل روسيا في عشرات الهجمات الجوية الإسرائيلية على الأهداف العسكرية الإيرانية والموالية لإيران في سوريا والتي وقعت في السنوات القليلة الماضية.
ولا بد أن يكون الاجتماع الذي عُقد في إسرائيل في يونيو 2019 بين مسؤولي الأمن الإسرائيليين ومستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون ومسؤولي الأمن الروس مثار قلق شديد لإيران.
وعلى الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق في هذا الاجتماع، فإن حقيقة أن الكثير من النقاش ركز على دور إيران في سوريا كان بلا شك مصدر قلق كبير لطهران.
إذ أن اختلافاتهم لا تقتصر على سوريا.. وهذا ما تريده موسكو من دمشق
بخلاف خلافاتهم التكتيكية حول سوريا، لدى روسيا وإيران آفاق استراتيجية غير منسجمة.
فروسيا تعتبر سوريا بوابة إلى الشرق الأوسط الكبير. وهي تريد أن تكون لاعباً رئيسياً في المنطقة مرة أخرى، وتعتقد أن التزامها تجاه الحكومة السورية -على الرغم من أنه كان مثيراً للجدل في العالم العربي- أثبت أنها يمكن أن تقدم المساعدة لحلفائها.
بالإضافة إلى ذلك، ترغب روسيا في الحفاظ على قاعدتها البحرية طويلة الأمد في طرطوس وكذلك قاعدة حميميم الجوية الجديدة، وكلتاهما في منطقة الساحل السوري، ولا تريد أن تكون قوة أخرى، مثل إيران، منافسة لها في البلاد. علاوة على ذلك، من خلال إعادة تأكيد نفسها في الشرق الأوسط، تريد روسيا الحفاظ على علاقات ودية مع عدد من البلدان الأخرى.
بوتين، على سبيل المثال، عقد العديد من الاجتماعات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مدى السنوات القليلة الماضية، واستقبل مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى في موسكو.
كما أظهر بوتين أنه مستعد لتقديم يد العون عندما يعتقد الحلفاء العرب للولايات المتحدة، مثل مصر، أن واشنطن لا يمكن الاعتماد عليها.
إيران، من ناحية أخرى، ترى في تحالفها مع سوريا وسيلة لتعطيل الهيمنة السعودية في المنطقة الأوسع بالإضافة إلى إظهار للطائفة الشيعية، والمجموعات الشيعية اسمياً (النظام السوري تحت سيطرة الطائفة العلوية، وهي فرع مختلف من الإسلام الشيعي)، أن إيران يمكنها أن تساعدهم في مواجهة ما يمكن اعتباره تدخلاً سنياً سعودياً.
علاوة على ذلك، كانت سوريا منذ فترة طويلة قناة لمساعدة إيران لحزب الله في لبنان. وأظهرت إيران دعمها للنظام السوري من خلال جلب ضباط الحرس الثوري الإسلامي للقتال في الحرب الأهلية وتسهيل نقل المقاتلين الشيعة من مناطق بعيدة مثل أفغانستان وباكستان إلى سوريا.
ولكنَّ هناك حدوداً للتنافس بينهما
ومع ذلك، فإن التوترات الروسية الإيرانية لم تصل بعد إلى النقطة التي يحدث فيها خرق فعلي بين الاثنتين.
فلا يزال بوتين يريد الحفاظ على العلاقات الودية مع طهران للاستفادة من التوترات الأمريكية الإيرانية، وليس لديه أي نية «لإجبار» إيران على الخروج من سوريا، كما تريد كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
وبعد أن صرح بولتون في الاجتماع الثلاثي في إسرائيل بأن القوات الإيرانية «مشكلة في سوريا»، رد نظيره الروسي نيكولاي باتروشيف بقوة قائلاً: «أي محاولات لجعل طهران تبدو وكأنها التهديد الرئيسي للأمن العالمي، ووضعها في نفس سلة مع الدولة الإسلامية أو أي جماعة إرهابية أخرى، هي محاولات غير مقبولة».
بالنسبة لإسرائيل، صرح نتنياهو مراراً وتكراراً بأنه لن يقبل وجوداً عسكرياً إيرانياً طويل المدى في سوريا، وهو يشعر بالقلق إزاء الميليشيات الموالية لإيران التي تعمل بالقرب من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.
ومع ذلك، فإن الآمال في أن تؤول صداقة نتنياهو مع بوتين إلى دفع روسيا لإجبار إيران على الخروج من سوريا تبدو وكأنها فكرة حكيمة.
أما النظام السوري فيعيد تقديم نفسه لمحيطه العربي بصورة محسنة
في غضون ذلك، حدثت بعض التطورات المثيرة للاهتمام داخل النظام السوري. ففي أوائل شهر يوليو/تموز، أجبر الأسد اللواء جميل حسن، الرئيس القوي لمخابرات القوات الجوية، وكذلك رؤساء الأجهزة الأمنية الأخرى، على التقاعد.
ولم يتم تقديم أي سبب لهذه الهزات داخل النظام، لكن يمكن أن يكون الأمر متعلقاً بالهجوم الحكومي المتوقف في إدلب أو رغبة الأسد في إقالة مسؤولين رفيعي المستوى ممن عاقبهم المجتمع الدولي.
لقد تورط حسن في العديد من الأعمال الوحشية ضد المدنيين، وأصدرت كل من فرنسا وألمانيا أوامر باعتقاله. ومن خلال التخلص من هؤلاء المسؤولين، ربما يعتقد الأسد أنه سيعجل من أمر إعادة اندماجه في العالمين العربي والعالمي.
وقد كان هناك بالفعل حديث داخل الجامعة العربية حول إعادة قبول سوريا (رغم أن هذا لم يحدث بعد)، ومع ظهور الأسد على أنه «ربح» الحرب الأهلية، يبدو أن الدول المجاورة مثل إسرائيل والأردن وتركيا قد قبلت على مضض فكرة أنه سيبقى في الحكم.
والأكراد يعرضون صفقة على الأسد بعدما خذلهم الغرب
جزء من عدم رغبة تركيا في ملاحقة المتطرفين في محافظة إدلب قد يرجع إلى مصدر قلقها الرئيسي، وهو المنطقة الشمالية الشرقية في سوريا، حيث أقام الأكراد حكومتهم المستقلة.
ولا تزال أنقرة تعارض بشدة هذا الكيان بسبب حديثها عن روابط بين الأكراد السوريين وحزب العمال الكردستاني (PKK) في تركيا، والذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية (مصنف كتنظيم إرهابي في أوروبا وأمريكا).
وقد حمت الولايات المتحدة الأكراد السوريين، ورأت أنهم أكثر المقاتلين موثوقية ضد داعش، لكن الآن وبعد أن خفضت واشنطن قواتها من حوالي ألفين إلى ما لا يزيد عن 400، فإن الأكراد قلقون بشكل مبرر من أن يتم استهدافهم من قبل جارتهم الشمالية القوية.
وصحيحٌ أنَّ واشنطن ضغطت على حلفائها الأوروبيين لتعويض تخفيض عدد قواتها، لكنَّها لم تُحقق سوى نجاحٍ جزئي.
إذ قالت بريطانيا وفرنسا إنَّهما ستزيدان حجم قواتهما بنسبة تتراوح بين 10 و15%، بينما قالت ألمانيا إنَّها لن ترسل أي قوات برية إلى سوريا.
ومع أنَّ بعض المحللين قد أشاروا إلى أنَّ هذه الزيادة المتواضعة في القوات البريطانية والفرنسية قد تردع أي غزو تركي، فإنَّ الأكراد يضغطون على الأوروبيين لإجبارهم على البقاء بالتهديد بالإفراج عن مئاتٍ من مقاتلي داعش الذين يحتجزونهم في منشآت الاحتجاز، والذين يُعد الكثيرون منهم من دولٍ أوروبية.
ويجري الأكراد كذلك محادثاتٍ مع النظام السوري حول السماح لقواته بإجراء دورياتٍ على الحدود الشمالية مع تركيا مقابل اعتراف دمشق باستقلالهم.
لكن من غير الواضح ما إذا كان سيجري التوصُّل إلى اتفاقٍ كهذا.
وكالمعتاد سياسة ترامب في سوريا، هي السير على عكس خطى أوباما
يواصل ترامب إرسال إشارات متضاربة بشأن سوريا.
ففي أوائل يونيو/حزيران، انتقد بشدة النظام السوري وروسيا بسبب الهجوم الذي نفَّذاه في إدلب، والذي وصفه بأنه «قتل العديد من المدنيين الأبرياء عشوائياً» وأمرهما بوقف هذه «المجزرة».
ولكن في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في منتصف الشهر الماضي يوليو/تموز، قال ترامب إنَّ الولايات المتحدة «تنسحب بسرعةٍ من سوريا» لأنَّ خلافة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) دُمّرت.
وأضاف آنذاك: «يمكن لسوريا أن تتعامل مع مشكلاتها الخاصة بالتعاون مع إيران وروسيا والعراق وتركيا، أمَّا نحن، فإننا على بعد 7 آلاف ميلٍ منها».
ويبدو هذا التصريح تنازلاً تاماً عن استمرار أي دورٍ أمريكي. ولكن ما زال من غير الموكَّد ما إذا كان يعكس السياسة الأمريكية الفعلية.
وعلاوة على ذلك، فإنَّه يأتي في أعقاب رحلة بولتون إلى إسرائيل لمناقشة القضية السورية وتصاعد التوترات الأمريكية مع إيران، التي لا تشمل التطورات القريبة من مضيق هرمز فحسب، بل تتضمَّن كذلك التصريحات الأمريكية حول أنشطة إيران «الخبيثة» في المنطقة العربية، مما يجعل التصريح الذي أدلى به ترامب في قمة العشرين أكثر إثارة للحيرة.
وفضلاً عن ذلك، كيف يمكن لأي طرفٍ فاعل في الصراع أن يأخذ كلام الولايات المتحدة على محمل الجد، مثل تصريحات ترامب عن إدلب، في حين أنَّه يبدو راغباً في الانسحاب من الأزمة السورية؟
لكنَّ هذه ربما كانت هي خطة ترامب منذ البداية. إذ كان اهتمامه الوحيد في سوريا هو أن يتبع سياساتٍ مغايرة لتلك التي اتخذها سلفه أوباما (وهذا سبب توجيه الضربات الأمريكية القصيرة في عام 2017 حين استخدم النظام السوري أسلحة كيماوية في مدينة خان شيخون)، والقضاء على تنظيم داعش. ولكن إذا أراد ترامب استعادة مصداقية الولايات المتحدة، يجب أن يتحدث أكثر عن محنة الشعب السوري الذي طالت معاناته، ويشترك بجديةٍ في الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى إيجاد حل سياسي.
وصحيح أنَّ هذا أمر صعب، لا سيما الآن بسبب تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن قرار أنقرة نشر نظام الدفاع الجوي الروسي S-400، وبين واشنطن وطهران بشأن مجموعة من القضايا، لا سيما أمن ناقلات النفط في الخليج العربي.
ولكن في حال انعدام الدور الأمريكي، فمن المرجح أنَّ روسيا هي التي ستُحدِّد مسار العمل وستتبع سياساتٍ في سوريا قد لا تتفق مع المصالح الأمريكية ولا تساعد على إعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلادهم، حيث يمكنهم إعادة بناء حياتهم المحطمة.