الأوبزيرفر: بريطانيا تنزلق إلى مواجهة لم تخطط مع إيران
حذرت صحيفة “الأوبزيرفر” من مواجهة عسكرية غير مقصودة بين بريطانيا وإيران. وجاء في افتتاحيتها أن قرار الحكومة البريطانية لإرسال بارجة حربية تابعة للبحرية الملكية إلى منطقة الخليج يعزز المخاوف من انزلاق بريطانيا إلى مواجهة لم تخطط مع إيران.
وقالت إن نشر “أتش أم اس دنكان” وهي مدمرة من نوع “45” سينظر إليه في طهران على أنه تصعيد لا مبرر له لوضع إقليمي متوتر. وربما ساهم وصول المدمرة إلى المنطقة في تحسين ناقلات النفط البريطانية الـ15 التي تعبر كل يوم منطقة الخليج، وربما أسهمت في تدهور الوضع. فالتحرك قد يجعلها هدفا حالة قرر الرئيس دونالد ترامب وبطريقة متهورة البدء في حرب. وتعلق الصحيفة أن بريطانيا تجد نفسها مرة أخرى أسيرة للأحداث الدولية وبدون استقلالية أو سياسة محكمة متخلية عن مبادئها وتحت رحمة لاعب أقوى منها.
و”هذا الإنحراف والسفينة بلا دفة والتمايل في مياه معادية واضح ومثير للقلق. وأن تقول أن هذا الوضع هو نتاج حالة التغير في رئيس الوزراء هو تقليل من المشكلة، وبهذه الحالة فبوريس جونسون هو رمز وعرض لمرض عميق”.
وتضيف الصحيفة أن بريطانيا تعيش أزمة رئيسية في الثقة تؤثر سلبا على طريقة الحكم ومؤسساتها وموقعها في العالم، وهي أزمة تزداد سوءا على ما يبدو. وربما حاول المؤرخون يوما تتبع الأزمة لزمن ما ويكفي القول أن هذا النزيف في الهدف المشترك والاعتقاد بدأ بقوة في يونيو 2016، عندما صوتت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي. وما تبع ذلك من جدال وحالة الجمود التي نتجت أكدت حالة من التآكل والدمار.
وحذر مدير المخابرات الخارجية “إم أي 6” السابق جون سويرز صاحب الخبرة الطويلة من أن بريطانيا تعيش “حالة انهيار عصبي” دون أن يكون هناك علاج في الأفق. وتساءل عن قدرات السياسيين، سواء كانوا من العمال أو المحافظين الذين يريدون قيادة البلد الذي يعيش قلقا وانقساما. وقال إن أي شخص سيدخل داونينغ ستريت سيجد نفسه أمام مقامرة كبيرة.
وقال: “في الوقت الذي سنخرج فيه من الاتحاد الأوروبي فإننا نخاطر بموقعنا الدولي وقوة اقتصادنا”. وقالت إن وضع المسؤولين الحكوميين والخدمة المدنية والدبلوماسيين كما هو الآن لا يكفي لمواجهة التحدي. وواحد من الإشارات عن هذا هو الشلل الكامل في البرلمان ومؤسسات الدولة بشأن البريكسيت، فالفراغ السياسي مثير للدهشة. وإشارة ثانية هو انهيار المسؤولية الجماعية للحكومة. وثالثة عن التقارير التي تخرج كل يوم عن عدم جاهزية الحكومة للبريكسيت، بشكل يجعل الخروج دون اتفاقية أمرا منتظرا.
وتقول إن الخروقات الأخيرة والتسريبات للمواد المتعلقة بالأمن القومي تكشف عن نظام يقف على حافة الانهيار، ففي مايو، جرى الكشف عن خطط الحكومة بشأن التعامل مع الشركة الصينية هواوي.
وفي الأسبوع الماضي سربت برقيات أطاحت بالسفير البريطاني في واشنطن سير كيم داروك. و”استقالة داروك المفهومة والداعية على الأسى هي إشارة عن حالة الانهيار العصبي في مركز الحكومة”.
وترى الصحيفة أن تداعيات استقالة السفير خطيرة على السفراء في الخارج، وعلى موظفي الخدمة المدنية، فمن سيوثق به في هذا العالم الخطير والغادر والمنافس لو كان البعض من جماعتك مستعد لبيعك وإغراقك في النهر. و”ماذا ستفعل لو لم يتردد ساسة مثل جونسون برميك “تحت الحافلة” كما قال وكيل وزارة الخارجية ألان دانكن، إن كان هذا يخدم مصالحهم الشخصية”.
وقالت إن تصرف جونسون في قضية داروك ومحاولة إبعاد نفسه عن الموضوع هو عار. و”هذا وحده يجب أن يكون سببا في استبعاده من رئاسة الوزراء، وهذه نتيجة غير محتملة إلا أن من الواضح أن المفترسين الأجانب يراقبون الحالة العصابية البريطانية بترقب شديد. فقد ردت الصين بوقاحة على نقد بريطاني عادي للوضع في هونج كونج بدعوتها للالتزام بحدودها. وسيستغل الرجال الأقوياء في بكين كل ما لديهم من قوة للإستفادة من وضع بريطانيا غير المريح”.
وعلقت الصحيفة على قرار تريزا مي مقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة العشرين كمحاولة للحفاظ على الخطوط مفتوحة مع أن محاورها متهم بأبشع جريمة في مدينة سالزبيري. وهناك آخرون يتجمعون حول جثة بريطانيا. وهناك ترامب الذي يقود بريطانيا رغم أنفها إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط ويعامل سفيرها وكأنه خادم ويهين رئيسة وزرائها. ولهذا السبب ينظر الأوروبيون بنوع من الذعر. وهم آخر أصدقاء بقوا لبريطانيا التي تقوم برفضهم عن قصد وهذا ليس تصرفا سليما.