طبيب سوري يتهم النظام بتشريح «جثث معتقلين قضوا في سجونه لأغراض تعليمية»
ثلاث ساعات، كانت وقتاً كافياً لتشريح الجثة التي تعود لشاب ثلاثيني، والتي تظهر عليها آثار التعذيب في المستشفى الجامعي بمدينة حلب، لتتحول إلى غرض تدريسي للمئات من طلاب كلية الطب البشري.
ثلاجة حفظ الموتى في المستشفى الجامعي تحوي العشرات من تلك الجثث المشرحة، بينما يحتوي الطابق العلوي فيه على خزان كبير مملوء بمادة «الفورمالين» وفيه عدد غير محدود من أعضاء الإنسان (يد، رجل، رأس) المقطعة. وفي التفاصيل التي رواها طبيب تخرج حديثاً من الكلية لـ»القدس العربي»، فإن «النظام السوري أوقف اتفاقيات تبادل واستيراد الجثث للأغراض العلمية، منذ العام 2012، وبدأ يستعيض عنها بجثث معتقلي الرأي الذين قضوا تحت التعذيب».
وأوضح نقلاً عن زملاء سابقين في «كلية الطب»، أن غالبية الجثث المعدة للتشريح ما قبل الثورة السورية، تعود لأصحاب البشرة السمراء، وغالباً كان النظام يحصل عليها من خلال اتفاقيات تبادل الجثث مع عدد من الدول الأفريقية، من بينها السودان». وأكد الطبيب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أو حتى مكان تواجده حالياً، أن الحال تغير ما بعد الثورة السورية، «كثيراً ما شاهدنا جثثاً لشبان بملامح سورية، قتلت نتيجة تعرضها لطلق ناري في منطقة العنق من مكان قريب».
ويردف، «أذكر أنني في إحدى المرات، عندما كنا نحاضر في مادة التشريح الوصفي، أطلت النظر في مكان الطلق الناري الذي تعرضت له الجثة، وتخيلت المشهد». وتابع الطبيب: «عملية التصفية كانت بطلق ناري في العنق، ومن الواضح أن القاتل كان وجهاً لوجه مع الضحية»، متسائلاً «لماذا لم يطلق القاتل الرصاصة من الخلف»؟، يستدرك «يبدو أن القاتل كان في مهمة تحقيق، وكان يحاول إرهاب الضحية في سبيل الحصول على المعلومات، إلى أن قتله فعلًا». ولفت إلى أن السؤال عن هوية الجثث كان ممنوعاً، مؤكداً أن «تحريك الجثة المرقمة برقم تسلسلي، من ثلاجة حفظ الموتى إلى قاعة التشريح، كان يتم عبر أوامر من مفرزة الأمن في المستشفى».
وفي معرض تعليقه على ما جاء به المصدر، قال رئيس «تجمع المحامين السوريين الأحرار» غزوان قرنفل لـ»القدس العربي»، إن «انتهاكات النظام بحق المعتقلين لم تتوقف منذ بداية الثورة السورية». وأضاف «لم يعد الحديث عن انتهاكات النظام بالأمر الجديد، فالنظام باعتراف منظمات حقوقية عالمية ومحلية ارتكب الفظائع، ولا يزال، بحق المعتقلين في سجونه».
قانونياً، شدد قرنفل على عدم قانونية هذا الإجراء، مؤكداً أنه «ليس من حق أي جهة المساس بالجثة مهما كان الغرض، بدون موافقة صاحب الجثة قبل الوفاة، أو من ذويه»، مستدركاً «لكن النظام هو خارج أصلاً عن أي قانون». وقبل أيام أكدت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، مقتل عشرات آلاف الأشخاص في سوريا تحت التعذيب، منذ عام 2011، أغلبيتهم الساحقة قضوا في سجون النظام السوري.