بعد “افتتاح النفق”.. من يثق بالولايات المتحدة كوسيط نزيه في عملية السلام؟
تقريبًا كملاحظة هامشية للتوتر الإقليمي الكبير، جرى الأحد في شرقي القدس احتفال لتدشين “طريق الحجاج”، وهو حفريات أثرية في نفق تحت قرية سلوان. تركيبة المشاركين في الحدث كانت غريبة جدًا مقارنة مع السابق. ولكن، هناك شيء معين يميز روح هذه الأيام؛ فمن بين ضيوف الشرف كانت زوجة رئيس الحكومة سارة نتنياهو، وسفير الولايات المتحدة في إسرائيل ديفيد فريدمان، وشريكه في طاقم المفاوضات الأمريكي جيسون غرينبلات، والملياردير اليهودي الأمريكي شلدون أدلسون، وزوجته مريم، أصحاب صحيفة “إسرائيل اليوم”.
التُقطت لفريدمان صورة وهو يضرب سعيدًا بالمطرقة ويحطم الحائط الرمزي، الذي بني من أجل احتفال تدشين النفق. في الاحتفال، وصف السفير الحفريات كـ”موقع للتراث الأمريكي والإسرائيلي”. لماذا أمريكي؟ لأن الموقع يخلد التاريخ من عهد التوراة، الذي على تراثه يستند التاريخ الأمريكي أيضاً. هذا تفسير يذهب بعيدًا في العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، التي بالتأكيد تعزز الشعور بنبض المسيح الذي يملأ الآن صدور اليمين الإسرائيلي.
المصادر الأمنية لا تستبعد احتمال حدوث عملية طعن أو دهس في القدس بعد تدشين الموقع. الوضع في شرقي المدينة هش أيضًا، بعد أن قتل رجال الشرطة شابًا بعد أن أطلق نحوهم الألعاب النارية في قرية العيسوية في الأسبوع الماضي. ولكن رغم الفرصة للبدء بمقارنات تاريخية، فمن المشكوك فيه إذا كان تدشين النفق سيؤدي إلى اضطرابات بحجم التي اندلعت بسبب تدشين نفق حائط المبكى في سبتمبر/أيلول 1996، أو بعد زيارة أريئيل شارون للحرم، بعد ذلك بأربع سنوات (الحدث الذي بشر باندلاع الانتفاضة الثانية). الحفريات توجد خارج أسوار البلدة القديمة، وهي لا تعد تهديدًا مباشرًا للمسجد الأقصى، ولم يتم عرضها حتى الآن على أنها مس بالمقدسات الإسلامية.
أهمية الصورة من الاحتفال بالأساس رمزية؛ فهي تعزز التحالف بين ترامب ونتنياهو برعاية الراعي المشترك الملياردير أدلسون، وهي تبعد أكثر كل من لا يشارك في هذا التحالف، بدءًا من المنافسين السياسيين لنتنياهو في إسرائيل، وحتى الحزب الديمقراطي الأمريكي. وهي أيضًا تعزز شكوك الفلسطينيين المتزايدة أصلًا تجاه التحالف بين الإدارة الأمريكية والحكومة في القدس. وفي الوقت الذي ينشغل فيه رؤساء طاقم المفاوضات الأمريكي في شطب ونفي كلمات مثل “احتلال ومستوطنات”، الفلسطينيون غير متلهفين لشراء الإغراءات الاقتصادية التي لوح بها رجال ترامب في مؤتمر البحرين. وفي الوقت الذي يقوم فيه فريدمان وغرينبلات بالضرب بالمطرقة تحت الأرض في القدس، تصعب رؤيتهما كوسيطين نزيهين فوق الأرض.