تركيا ترسل أسلحة جديدة للمعارضة السورية وتعزز جيشها بقوات كوماندوز في إدلب
أكدت مصادر في المعارضة السورية وصول أسلحة تركية جديدة إلى جبهات القتال مع النظام السوري في إدلب ومحيطها، بالتزامن مع إرسال مزيد من التحصينات لنقاط المراقبة التابعة للجيش التركي الذي عزز قواته بفرق الكوماندوز الأعلى تدريباً، في خطوات متلاحقة تؤكد إصرار أنقرة على عدم سحب قواتها من شمالي سوريا أمام هجمات النظام المتتالية على نقاط المراقبة والتي يعتقد انها تأتي بتحريك روسي للضغط على تركيا لتقديم تنازلات في المفاوضات المتعثرة حول مستقبل آخر قلاع المعارضة في شمالي سوريا.
أنقرة تُصر على عدم سحب قواتها.. محللون روس: هل نحن مستعدون لخسارة أردوغان؟
وعلى الرغم من عدم تأكيدها رسمياً تقديم أي أسلحة بشكل مباشر للمعارضة السورية، إلا أن الكثير من المشاهد المصورة وسير المعارك على الأرض أظهر تقديم تركيا أسلحة ومعدات عسكرية متنوعة وهو ما مكن مسلحي المعارضة من الصمود بشكل أكبر في وجه الهجوم المتواصل على إدلب ومحيطها من أرياف حماة وحلب واللاذقية.
وخلال الساعات الماضية، تناقل نشطاء سوريون مقاطع مصورة تظهر استخدام مقاتلي المعارضة قذائف هاون تركية الصنع من العيار الثقيل، وبحسب المقاطع المنشورة فإن قذائف هاون متقدمة ومنصات إطلاقها وصلت بالفعل لجبهات القتال في ريف حماة، حيث يعتبر هذا النوع من القذائف حديث التصنيع وطورته مؤسسات التصنيع العسكري التركية في السنوات الأخيرة ويختلف عن الهاون التقليدي متعدد المصادر.
منصات صواريخ
وطوال الأيام الماضية، أكدت مصادر بالمعارضة وصور ومقاطع فيديو نشرها نشطاء وصول أسلحة تركية مختلفة كان أبرزها العربات العسكرية المصفحة تركية الصنع والتي يميزها شكلها وحجمها عن باقي العربات العسكرية، إلى جانب وصول منصات إطلاق صواريخ غراد متعددة الأبعاد، والصواريخ الموجهة والمضادة للأفراد والدبابات والعربات والتي استخدمت على نطاق واسع في المعركة الأخيرة وأوقعت خسائر فادحة في قوات النظام.
ورفعت تركيا من مستوى دعمها العسكري للمعارضة السورية وبشكل خاص من خلال الجيش الوطني بعدما فشلت في الضغط على روسيا لوقف الهجمات على إدلب ورفض موسكو مقترح تشكيل لجنة عمل مشتركة، كما فشلت جولات مختلفة من المباحثات على مستوى الجيش والاستخبارات في التوصل إلى صيغة لإعادة الهدوء لإدلب في ظل إصرار أنقرة على وقف الهجوم دون شروط واشتراك روسيا تعهد تركيا بمحاربة هيئة تحرير الشام.
والجمعة، اعتبر الناطق باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف أن تركيا مسؤولة وفقاً للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين عن وقف الهجمات على مناطق النظام السوري والقاعدة العسكرية الروسية في «حميميم». والسبت، نقلت شاحنات كبيرة كتلاً خرسانية ضخمة إلى منطقة ريحانلي في ولاية هاطاي الحدودية مع إدلب، قبل أن يتم نقلها إلى داخل الأراضي السورية من معبر «باب الهوى»، حيث يبلغ ارتفاع الكتل الاسمنتية أربعة أمتار وتتميز بسماكتها وقدرتها على مقاومة الضربات المدفعية والصاروخية، حيث يستخدمها الجيش التركي في تعزيز التحصينات لنقاط المراقبة التابعة له في إدلب ومحيطها لا سيما نقطة شيرمغار في ريف حماة.
وعلى مدى الأسابيع الماضية، استهدفت قوات النظام السوري بشكل مباشر نقطة المراقبة التركية التي تحمل رقم 10 وتقع في شير مغار بجبل الزاوية في ريف حماة بشكل منظم مرات عدة بالقذائف المدفعية، كما استهدفت محيطها بالغارات الجوية، حيث أصيب عدد من الجنود الأتراك في أحد هذه الاستهدافات التي تتوقع أنقرة أنها تهدف للضغط عليها لإخلائها من أجل فتح الطريق أمام قوات النظام للسيطرة على المنطقة التي تقدمت فيها برياً في الاشتباكات الأخيرة .والجمعة، تجدد استهداف النظام السوري لهذه النقطة، ونقلت وكالة الأناضول الرسمية عن مصادر عسكرية تأكيدها سقوط قذائف مدفعية بالقرب من النقطة دون وقوع أضرار مادية أو بشرية، ورجحت المصادر العسكرية أن تكون القذائف قد أطلقت من سلسلة جبال في شرقي محافظة اللاذقية (غرب)، أو من منطقة كريم في ريف حماة . وسبق أن تعرضت نقطة المراقبة المذكورة لاستهداف قوات النظام ثلاث مرات في 29 أبريل و 4 و 12 مايو الماضيين.
تأويلات مختلفة
وفي تطور لاحق، عزز الجيش التركي وحداته العسكرية المتمركزة عند حدود سوريا بعناصر من القوات الخاصة «الكوماندوز»، حيث وصلت المناطق الحدودية في ولاية هاتاي تعزيزات تضم 50 مدرعة تقل عناصر لوحدات «الكوماندوز». ونقل موقع «روسيا اليوم» عن خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية، تيمور أحمدوف، قوله إن «موسكو يمكنها التأثير على دمشق ومنع القيام بعملية واسعة النطاق في إدلب»، مضيفاً: «أي عملية في إدلب، ستكون دموية دون دعم من سلاح الجو الروسي، وبالنظر إلى عزلة إيران، سيكون من الصعب على دمشق تعزيز نجاح العملية في الساحة الدبلوماسية من دون مساعدة موسكو»، وتابع: «لا مصلحة لروسيا بعملية في إدلب، بل من مصلحة موسكو تقليص المنطقة غير الخاضعة لسيطرة دمشق، ولكن من دون إفساد العلاقات مع أنقرة، ومع ضمان تشغيل طريقي حلب اللاذقية وحلب حماة».
ويقول رئيس قسم دراسة الصراعات في الشرق الأوسط في معهد التنمية المبتكرة، أنطون مارداسوف: «الوضع الحالي في إدلب يعود إلى أن مذكرة سوتشي الروسية-التركية تترك مجالاً لتأويلات مختلفة وتحتوي على عناصر يصعب جدا تنفيذها، وخاصة تلك المتعلقة بالفصل بين المتشددين المتطرفين والمعتدلين». ويرى رئيس مركز الدراسات الإسلامية بمعهد التنمية المبتكرة، كيريل سيمينوف أنه «بالنسبة لتركيا، من المهم الحفاظ على الوضع الحالي في إدلب، لأنه يضمن مراعاة مصالح أنقرة في المفاوضات. يمكن أن توافق تركيا على تسليم إدلب، مقابل إنشاء منطقة عازلة في شمال شرق سوريا وحل القضية الكردية. لذلك، فالقضاء التام على هيئة تحرير الشام الآن مكلف للغاية ولا يتوافق مع مهام أنقرة.. كما أن موقف أنقرة منها مختلف عن موقف موسكو. فهناك يعتقدون بأن للتنظيم جناحاً معتدلاً، يتألف من أولئك الذين لا يشاركون (النصرة) الإيديولوجية الجهادية، لكنهم انضموا إليها لأسباب تكتيكية»، حسب ما نقلته «روسيا اليوم».
الخبير في شؤون الشرق الأوسط، ميخائيل روشين، يقول: «الحكومة السورية، مهتمة بالسيطرة على إدلب بالكامل، أما نحن فمضطرون للتفاوض مع تركيا»، مضيفاً: «بالطبع، من حيث المبدأ، يمكن مساعدة الجيش السوري في شن هجوم واسع النطاق في إدلب، لكن هذا سيقوض جهودنا التي استمرت سنوات لبناء علاقات جيدة مع الرئيس رجب أردوغان. وهكذا، فروسيا تواجه معضلة معقدة في إدلب».