تعرف على الفظائع التي ارتكبتها الـCIA
توليد الأزمات حول العالم، مساندة الديكتاتوريات، دعم التطرف والإرهاب وإفقار العالم الثالث.. هذه هي المهام الحقيقية لوكالة المخابرات الأمريكية أو ما يسمى CIA.
ما هي أسوأ الفظائع التي ارتكبتها الـ CIA؟
منذ تأسيسها عام 1947، كلفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بجمع وتحليل المعلومات التي تفضل المنظمات والحكومات الأجنبية إبقاءها سراً.
وبحكم الضرورة، فإن معظم ما تقوم به وكالة المخابرات المركزية سريٌّ تماماً، ولا يخضع لنفس معايير المساءلة التي تخضع لها الوكالات الفيدرالية الأخرى.
لذا، وخلال عملها في جو غير مراقب وسري وغير نزيه إلى حد كبير، كانت وكالة المخابرات الأمريكية وراء بعض أكثر الأعمال «السرية» الشريرة التي سجلت على الإطلاق.
بحسب موقع All That’s Interesting إليكم أهم تلك الأعمال:
عملية أياكس.. التي أعادت الشاه الإيراني إلى الحكم
في العام 1951 كان ثمة صراع كبير على السلطة في إيران.
ففي حين كان الشاه رضا بهلوي رئيساً للحكومة الإيرانية قاد رئيس وزرائه محمد مصدق ائتلافاً معارضاً من الديمقراطيين والإسلاميين، الذين أرادوا تحويل الشاه إلى رمز بلا سلطات على النمط الأوروبي.
وفعلاً استولى مصدق على السلطة وأول ما قام به كان تأميم شركة النفط الوطنية البريطانية، المعروفة باسم AIOC التي اعتبرها وكيلاً للإمبريالية الأجنبية في إيران.
هنا طلب البريطانيون الذين شعروا بالقلق من فقدان إمدادات النفط المهمة أثناء مشاركتهم في الحرب الباردة، مساعدة من الولايات المتحدة.
ترددت الولايات المتحدة برئاسة أيزنهاور في البداية، لكن كان لديها أيضاً مخاوفها من مصدق الذي كان نواة لثورة شيوعية في إيران فبدأت في العام 1953 بالتخطيط لإعادة الملك إلى عرشه والتخلص من مصدق.
وهنا ولدت عملية أياكس، وهي انقلاب مولته بريطانيا وقادته الولايات المتحدة ومخابراتها برئاسة جون فوستر دالاس للإطاحة بحكم محمد مصدق.
حيث دفعت شركة AIOC مبلغ 25 ألف دولار رشاوى للمسؤولين الإيرانيين وعصابات المافيا، الذين نظموا احتجاجات أستروتورف في المدن الإيرانية الكبرى.
وأرسل عملاء وكالة المخابرات المركزية CIA كميات هائلة من الإشارات المشفرة عبر أجهزة الراديو المحمولة لإعطاء الانطباع بأن جيشاً شعبياً ضخماً قد تشكل وكان يقترب من طهران.
عودة الشاه
في مواجهة ما يعتقد أنه حرب أهلية، استسلم مصدق واستقال، وعاد الشاه إلى عرشه وعادت أرباح النفط إلى البريطانيين.
ومضى الشاه يرسخ حكمه بالشرطة السرية والسجن دون محاكمة لمن يشتبه في أنهم خونة.
ولكن، بعد ما يقرب من 26 عاماً من الحكم المطلق، استطاع الشيوعيون والإسلاميون التحالف مرة أخرى موجهين احتجاجات ضخمة أزاحت الشاه أخيراً عن السلطة.
في الفوضى التي تلت ذلك، ذُبح عشرات الآلاف من أنصار الشاه، وكذلك أطفال عمال النفط الأجانب.
وبمجرد وصوله إلى السلطة، انقلب آية الله الخميني على داعميه اليساريين وقتل وسجن عشرات الآلاف الآخرين.
كما اقتُحمت السفارة الأمريكية وبدأت دراما رهائن دمرت رئاسة جيمي كارتر.
وعندما رأى العراق ضعف إيران غزاها من الحدود الغربية، لتبدأ سلسلة من الأحداث في العراق لا يزال تأثيرها مستمراً.
في العام 2013، اعترفت وكالة المخابرات المركزية بأنها نظمت وأشرفت على انقلاب عام 1953، الذي جعل ثورة إيران وتطرفها في النهاية أمراً لا مفر منه.
لم يقتصر الأمر على إيران
منتشية بـ»نجاحها» في إيران، أمضت وكالة الاستخبارات المركزية CIA معظم سنوات الخمسينيات في الإطاحة بالحكومات التي عارضت المصالح الأمريكية في أنحاء العالم.
في العام 1954 نظمت الوكالة عملية الإطاحة بحكومة غواتيمالا.
وفي العام 1955 أطاحت بحكومة كمبوديا.
أما في 1958 و59 و60 أطاحت بسلسلة من الحكومات في لاوس.
من 1960 إلى 1963 كان الهدف هو الإكوادور.
وفي العام 1960 كانت الكونغو.
ما بين 1962 إلى 1964 كان الدور على البرازيل، ثم جمهورية الدومينيكان، ثم بوليفيا، ثم إندونيسيا.
كان النمط الذي اتبعته المخابرات الأمريكية متطابقاً تقريباً في كل مكان: تفقد حكومة أحد العملاء المحليين السلطة أمام جبهة شعبية تتمتع بالأغلبية اللازمة للفوز بالسلطة، يتحدث الشعبويون عن تأميم الأصول الأجنبية أو إعادة التفاوض حول معاهدات الموارد، تتباكى الشركات الأمريكية أو الأوروبية من التهديد الشيوعي المفترض، فتأتي وكالة المخابرات المركزية لـ»استعادة الديمقراطية» وجني الأرباح بدرجات متفاوتة من العنف.
مدرسة الأمريكيتين.. جامعة القتلة
في هذا الوقت تقريباً، كانت الوكالة تشير إلى نفسها في الوثائق الداخلية بالاسم الرمزي «KUBARK».
وفي محاولة لتبسيط أعمالها الإرهابية في أنحاء العالم، نشرت الوكالة عام 1963 ما أصبح يعرف باسم «دليل KUBARK»، وهو عبارة عن 128 صفحة تشرح طرق تعذيب السجناء واستخراج المعلومات من الأسرى غير المتعاونين.
في هذه البيئة، التي أفسح فيها التجسس البسيط المجال لحرب سرية غير خاضعة للرقابة ضد السياسيين المنتخبين ديمقراطياً في البلدان الصديقة، ليس من المستغرب أن تتعاون وكالة الاستخبارات الأمريكية ووزارة الدفاع لإنشاء «مدرسة الأمريكيتين»، وهي أكاديمية تدريب متقدمة للثوريين والسفاحين المستقبليين، على أرض قاعدة فورت بينينج بولاية جورجيا.
التقى الطلاب في هذه المدرسة بأفراد القوات الخاصة الأمريكية، الذين علموهم كل شيء عن التخريب والقتال عن قرب والقنص وأساليب التعذيب وكل خطوات التحضير لانقلاب.
وواصل العديد من خريجي المدرسة طريقهم -بمن فيهم مانويل نورييجا، وإميليو إدواردو ماسيرا- وأسسوا عصابات مخدرات وأنشأوا ديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية، ترأست عمليات القتل الجماعي والإخفاء القسري.
لا تزال المدرسة تعمل حتى يومنا هذا.
ففي يوليو/تموز من هذا العام، أضاف الحزب الديمقراطي إغلاق المدرسة إلى برنامج الحزب، وكتب أن «دعمنا للديمقراطيات والحكومات المدنية في نصف الكرة الغربي يشمل إيماننا بأن قواتها العسكرية والشرطية يجب ألا تشارك مطلقاً في العملية السياسية، وبالتالي سنعيد العمل بقرار الكونغرس لعام 2000 بإغلاق مدرسة الأمريكيتين».
11 سبتمبر التشيلي
لم يكن نهج مدرسة الأمريكيتين تجاه «التعاون الدولي» ظاهراً بشكل واضح في أي مكان أكثر مما كان عليه الحال مع بينوشيه في تشيلي.
عام 1970، من بين خمسة مرشحين للرئاسة اختار الناخبون التشيليون سلفادور أليندي، وهو سياسي مهتم بالتنمية ينتمي إلى يسار الوسط، كان قد خاض الانتخابات بطريقة شعبوية.
أثار فوزه انزعاج وزير الخارجية آنذاك هنري كيسنجر، الذي سجل كلامه وقتها وهو يقول: «لا أرى سبب حاجتنا للتنحي جانباً لمشاهدة دولة تتجه إلى الشيوعية بسبب عدم مسؤولية شعبها.
إن القضية أهم بكثير من أن تترك للناخبين التشيليين كي يحددوا لأنفسهم».
أبعد كيسنجر وكالة الاستخبارات المركزية عن معظم مؤامرته في تشيلي.
فلم يثق وزير الخارجية أبداً في الوكالة، وهناك أسباب كثيرة للاعتقاد بأنه يقدّر السرية لمصلحته الخاصة.
ومع ذلك فقد كان للوكالة دور لتلعبه في الدراما المحيطة بقائد الجيش التشيلي وقتها، الجنرال رينيه شنايدر شيرو.
اغتيال شنايدر
كان شنايدر، قبل كل شيء، وطنياً تشيلياً.
وعلى الرغم من أنه شخصياً كان يكره سلفادور أليندي، فقد كان مضطراً لدعم اختيار الناخبين وسهل ارتقاء أليندي سلمياً لمنصبه.
وعندما عرضت عليه وكالة الاستخبارات المركزية الانقلاب ضد أليندي رفض شنايدر بشكل صريح، وبالتالي صنف من قبل الوكالة على أنه «حجر عثرة كبير».
تواصلت الوكالة مع جنرال تشيلي آخر هو كاميلو فالينزويلا، وأعدت مؤامرة لتهريب أسلحة لا يمكن تعقبها إلى تشيلي.
كانت الفكرة تتمثل في قيام المتآمرين مع فالنزويلا باغتيال شنايدر علانية، ثم إلقاء اللوم على مؤيدي أليندي ليكون مبرراً لعكس نتائج الانتخابات.
مولت الوكالة أحد المتآمرين مع فالنزويلا، وهو الجنرال روبرتو فيوكس، بأكثر من 50,000 دولار، وزودت فرقته بالأسلحة الآلية وقنابل الغاز.
وفقاً لتقارير لاحقة صادرة عن وكالة الاستخبارات المركزية، كانت تعليمات الفريق هي خطف شنايدر بدلاً من قتله.
بعد عدة بدايات خاطئة، أمسك «الخاطفون» أخيراً بسيارة شنايدر في 22 أكتوبر/تشرين الأول عام 1970، وحطموا نافذة سيارته الخلفية، ثم أطلقوا النار على بطنه عدة مرات.
توفي الجنرال بعد ثلاثة أيام متأثراً بجراحه.
وفي 11 سبتمبر/أيلول عام 1973، قُتل سلفادور أليندي في انقلاب عسكري قاده الجنرال أوغستو بينوشيه.
خلال فترة حكمه، قتل بينوشيه سراً (وعلناً أحياناً) ما بين 30,000 إلى 50,000 مدني تقريباً، وأغرق بلاده في أعمق أزمة اقتصادية منذ سقوط إمبراطورية الإنكا.
وبالرغم من الفظائع التي ارتكبوها، إلى الآن ترفض المحاكم الفيدرالية الأمريكية السماح بإقامة دعوى جنائية أو مدنية ضد كيسنجر أو أولئك المسؤولين في وكالة المخابرات المركزية.
دعم التطرف
خلال الخمسينيات، دعمت وكالة المخابرات المركزية بشكل روتيني الملكيات ضد الديمقراطيات.
وخلال الستينيات، أيدت ديكتاتوريات لا تحظى بشعبية ضد الجماعات التي اعتبرتها صديقة لموسكو.
وفي السبعينيات، أقامت صلات مع مجموعات إرهابية دولية أصبحت مصدر حداد لا نهاية له للمواطنين الأمريكيين في العقود التي تلت ذلك.
إذا سألت المدافعين عن الوكالة عن هذا الميل، فإنهم سيقولون عادة أن وكالة الاستخبارات المركزية كان عليها أن تنحاز إلى السيئين من أجل هزيمة الأسوأ في الصراعات المختلفة.
لكن هذا التبرير يبدو أجوف عند الاطلاع على قائمة الأفراد الذين تعاونت معهم وكالة المخابرات المركزية على مر السنين.
ابتداءً من عام 1979، دعمت الوكالة أنشطة المجاهدين ضد الحكومة الموالية للاتحاد السوفيتي في كابول.
أدى ذلك في نهاية المطاف إلى سيطرة طالبان على أفغانستان، وكانت العاقبة مأساوية للغاية بالنسبة للولايات المتحدة.
طوال الثمانينيات، ذهب نصيب الأسد من دعم الوكالة إلى قلب الدين حكمتيار من الحزب الإسلامي، بدلاً من دعم الجبهة الإسلامية الوطنية الموالية للغرب، والتي كانت تقريباً المجموعة الوحيدة في البلاد التي لم تدعُ للجهاد العالمي.
في نهاية المطاف، أصبح حكمتيار رئيس وزراء طالبان، وشنق سلفه الشيوعي محمد نجيب الله أمام الجمهور.
كما دعمت الوكالة صدام حسين ضد إيران في الثمانينيات، والمتمردين المؤيدين لإيران ضد صدام في التسعينيات.
أثارت الوكالة تمرداً في كردستان عام 1991، ثم تحركت بعدما قضت طائرات الهليكوبتر العراقية على المتمردين.
دعمت وكالة المخابرات الأمريكية الكونترا ضد الساندينيست في نيكاراغوا، حيث كان زعيم المحرضين المناهضين للحكومة والرئيس المستقبلي فيوليتا تشامورو عميلاً سرياً للوكالة.
في نهاية المطاف انتخب دانييل أورتيغا، زعيم الساندينيست، مرة أخرى، بعدما فقدت الحكومة المدعومة من الاستخبارات الأمريكية كل تأييد شعبي تقريباً.
دعمت الوكالة، إلى جانب العديد من الصحف الكبرى في الولايات المتحدة، محاولة الانقلاب العسكري عام 2002 في فنزويلا، وهلم جراً.