قلق كبير ينتاب رئاسة “الأونروا” بسبب توقيت “ورشة البحرين”
يثير الموعد الذي حددته الولايات المتحدة الأمريكية ومملكة البحرين، لعقد “الورشة الاقتصادية” التي تعتبر جزءا من “صفقة القرن”، حفيظة المسئولين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، كون موعدها اختير ليكون سابقا لمؤتمر مانحي اللاجئين المخطط له من قبل والمقرر عقده نهايات الشهر القادم، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، في خطوة تؤكد نوايا واشنطن على تحويل أموال المانحين لمؤتمرها، ضمن مخططها الهادفة لـ “تصفية الأونروا”.
وبالرغم من الإعلان سابقا من قبل الأمم المتحدة عن تنظيم مؤتمر للمانحين نهايات الشهر القادم، في مقرها في نيويورك، لجمع المانحين، على غرار العام الماضي، لجمع أموال دعم جديدة، لسد العجز الكبير في ميزانيتها، جراء وقف الإدارة الأمريكية تمويلها الكبير لـ “الأونروا” بشكل كامل منذ العام الماضي، إلا أن الإدارة الأمريكية اختارت ذات الشهر، وتحديدا يومي 25 و26 لعقد “الورشة الاقتصادية” أي قبل مؤتمر المانحين بأيام قليلة، وهو ما اعتبره مسئول كبير في “الأونروا” بأنه “عمل مدبر”، ويحمل “دلالات خطيرة”.
وترى “الأونروا” حسب ما عبر المسئول الكبير، أن الإدارة الأمريكية تسعى لجلب الدعم للفلسطينيين بما في ذلك قطاع اللاجئين الكبير من خلال خطتها السياسية “صفقة القرن”، التي تعتبر “ورشة البحرين” أحد مرتكزاتها، والتي تعتمد على إنهاء وتصفية دور “الأونروا”، وتحويل عملية الإشراف على اللاجئين الفلسطينيين في مناطق العمليات الخمس إما للحكومة الفلسطينية أو الحكومات العربية التي تتواجد المخيمات على أراضيها، من خلال تحويل أموال الدعم إليها مباشرة بدلا من المنظمة الدولية.
ويكشف هذا المسئول الذي طلب عدم ذكر اسمه أن “تلاسنا” حدث في جلسة مجلس الأمن الأخيرة بين مفوض “الأونروا” العام بيير كرينبول، وبين المبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط جيسون جرنبيلات، بعد أن هاجم الأخير “الأونروا” بشكل حاد خلال تلك الجلسة التي خصصت لمناقشة قضايا الصراع في الشرق الأوسط.
وخلال تلك الجلسة قال جرنبيلات لمفوض “الأونروا” “لقد انتهى دوركم” في إشارة إلى مخطط واشنطن الذي عبر عنه صراحه من قبل مسئوولي البيت الأبيض، والهادف إلى حل تلك المنظمة الدولية بشكل كامل، بعد أن قامت سابقا بوقف دعمها المالي المقدر بـ 360 مليون دولار سنويا، في مسعى لتصفية المنظمة، التي حافظت على وجودها بفعل أموال من مانحين عرب وأوروبيين وأجانب حتى اللحظة.
وقال جرنييلات خلال تلك الجلسة “إن أمريكا أوقفت تمويل الأونروا لأنها لا تحقق ما نتمناه”، مضيفًا أنها “تعمل حاليا في الرمق الأخير”، وقال كذلك إن الفلسطينيين سيخسرون حال لم يشاركوا في “ورشة البحرين”، وأبدى استعداد واشنطن لإطلاق حوار مع الحكومات التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين”، لتقديم الخدمات بدل من “الأونروا”.
وكان بيير كرينبول دافع عن “الأونروا” عقب هجوم غرنبيلات، وأكد حاجة اللاجئين الماسة للدعم الخدمات التي تقدمها في مناطق العمليات الخمس، وأكد أنهم سيواصلون تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، حسب التفويض الممنوح لهم، من الأمم المتحدة، وأضاف “لن نسمح على الإطلاق أي محاولة لتدمير شرعية اللاجئين”.
وتخشى “الأونروا” من استغلال الإدارة الأمريكية لورشة البحرين التي اختير موعدها قبل مؤتمر المانحين، لتجيير أموال الدعم إلى الخطة الأمريكية بدلا من وصولها إلى خزينة “الأونروا” التي تعاني من عجز كبير، وهو ما من شانه أن يفرغ مؤتمر المانحين المخطط له منذ أشهر من مضمونة، ويفقد قدرة “الأونروا” على تجاوز الأزمة المالية.
ولذلك شرع المفوض العام وكبار مساعديه، في إجراء اتصالات مع العديد من الدول الغربية خاصة في القارة الأوروبية، وعدد من الدول العربية الغنية، لضمان الحصول منها على التمويل اللازم في مؤتمر المانحين، لضمان استمرار الخدمات.
وكان كرينبول دعا المانحين في تصريحات أدلى بها لـ “القدس العربي” قبل أيام، للإسراع في تقديم الدعم المالي اللازم لـ”الأونروا”، لافتا إلى أن العجز المالي في الموازنة سيبلغ الشهر القادم 200 مليون دولار.
وحين سئل إذا ما كانت منظمته بصفتها الجهة الدولية التي تقدم خدمات للاجئين الفلسطينيين، ستحضر “ورشة البحرين” أم لا في حال وجها إليها دعوة كباقي المؤسسات والدول المهتمة فرد بشكل غير مباشر بأنهم لن يحضروا ذلك الاجتماع، وقال “لدينا مؤتمر مهم في نهاية يونيو في نيويورك، سيخصص لحشد دعم المانحين لموازنة الأونروا”، وأضاف “هذا المؤتمر هو الأساس وسنركز جهودنا عليه”.
لكن المفوض العام لـ “الأونروا” لم يؤكد وجود حل قطعي لأزمة التمويل، حيث لم يقدم تعهدا رسميا، بقدرتهم على الاستمرار في الخدمات للاجئين بسبب الأزمة المالية، وقال “سنحاول أن نبقي مدارسنا مفتوحة أمام أطفال اللاجئين في الموسم الدراسي القادم”.
وكانت كل من الولايات المتحدة والبحرين دعت لـ “ورشة اقتصادية” ضمن مخطط “صفقة القرن”، تهدف حسب الدعوة إلى ايجاد مساعدات للفلسطينيين تساهم في الحل السياسي.
يذكر أن القيادة الفلسطينية ومعها الفصائل ورجال الأعمال، أعلنوا مقاطعتهم لورشة البحرين، ووجهوا إليها انتقادات حادة، وأكدت منظمة التحرير أنها لم تكلف أحد بالحديث باسم الشعب الفلسطيني خلالها، وأكدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، معارضتها الحاسمة لعقد مؤتمر المنامة، ودعت جميع الدول والهيئات والكيانات السياسية والاقتصادية المدعوة للمشاركة بالمؤتمر إلى احترام موقف الإجماع الفلسطيني وعدم المشاركة فيه.
ودعت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، إلى مقاطعة مؤتمر البحرين، الذي تدعو اليه أمريكا، باعتباره “مزادا لتصفية القضية الفلسطينية برمتها من بوابة الاقتصاد والازدهار”.
من جهتها أكدت حركة حماس على لسان الناطق باسمها عبد اللطيف القانوع، أن الفصائل الفلسطينية في حالة تشاور مستمر، للعمل وفق خطة وطنية مشتركة لمواجهة “صفقة القرن”، ومشاريع تصفية القضية الفلسطينية.
وفي إطار حملات المقاطعة دعت لجاليات الفلسطينية في أمريكا اللاتينية والكاريبي، كل أبناء الجاليات الفلسطينية هناك لمقاطعة “الورشة الاقتصادية”، ودعت في بيان لها وزعته دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير شعوب العالم، وفي المقدمة أبناء الأمة العربية، إلى دعم حقوق الشعب الفلسطيني ومساندة موقفه الإجماعي ضد “صفقة القرن المشؤومة”.