واشنطن بوست: إيران تسعى لتعيين مرجع شيعي عراقي موال لها والسيطرة على النجف
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا عن محاولات إيران الهيمنة الروحية على شيعة العراق. وفي ريبورتاج مصور قالت فيه إرين كانينجهام و مصطفى سالم إن المحاولات الإيرانية تهدف للهيمنة على أكبر جماعة دينية في العراق. وتبدو الحملة الإيرانية واضحة في مدينة النجف مقر المرجعيات الدينية ومزار الشيعة العراقيين. ففي مدينة النحف مول الإيرانيون المدارس والجمعيات الخيرية وبنو مساجد مزخرفة وأقاموا علاقات مع علماء الدين في محاولة لإضعاف المرجعيات المحلية التي حافظت على استقلالها.
ويقوم العلماء المرتبطون بإيران بتدريس النسخة الشيعية الإيرانية ويحاولون تعيين مرجعية دينية مرتبطة بإيران. فلا تزال صور الشيخ محمود هاشمي شهرودي، السياسي الإيراني البارز الذي دعمت إيران تعيينه قبل وفاته معلقة على جدران النجف. ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي والإسلامي السابق غالب شهبندر “تريد إيران اختطاف النجف وامتلاكه” فهي “تريد مرجعها في العراق للسيطرة على تحركاته”.
وتقول الصحيفة إن محاولات إيران التقدم تجد مقاومة من المعممين البارزين وربما أدت في النهاية لسخط العراقيين. وهناك نوع من الضيق حول الدور الكبير الذي تلعبه الجارة إيران في الحياة العراقية. وتتساوق محاولات إيران السيطرة على المؤسسة الشيعية في العراق مع الدور العسكري والإقتصادي والسياسي الذي تمارسه فيه حيث تتنافس كل من واشنطن وطهران على الهيمنة في البلد.
وأصبحت إيران قوية بعدما دعمت ميليشيات شيعية قاتلت تنظيم الدولة الذي سيطر على مناطق واسعة من البلاد ولا تزال هذه الجماعات الوكيلة عن إيران تتحكم بمساحات كبيرة من العراق. ولدى إيران حلفاء أقوياء في داخل البرلمان.
ويقوم الساسة الإيرانيون وبشكل روتيني بالتوسط بين المتنافسين في المؤسسة السياسية والعسكرية. وتعتمد الكثير من القنوات التلفزيونية والمؤسسات الإعلامية على التمويل الإيراني فيما تغمر البضائع الإيرانية الأسواق العراقية من البيض إلى الفولاذ وتوفر الطاقة الإيرانية النور للمدن العراقية. وفي النجف يبدو الوجود الإيراني بارزا. ويزور المدينة كل عام مئات الألاف من الإيرانيين الذين يأتون إلى مقام الإمام علي وقبته الذهبية. ومولت إيران مشروعا طموحا لتوسيع المقام حيث تشمل التوسعة على متحف ومكتبة وقاعات لتدريس التلاميذ. وتقوم شركة هندسية اسمها “خاتم الأنبياء” مرتبطة بالحرس الثوري بالإشراف على التوسعة.
وينفق الزوار الإيرانيون كميات كبيرة من المال في أسواق النجف، وعادة ما تحمل محلات المدينة ومطاعمها علامات بالفارسية. وتمتلئ رفوف المكتبات المحلية بالكتب والأدلة المكتوبة باللغة الفارسية. وتسهم إيران في دفع فواتير وسائل الراحة التابعة للمقام وكذلك عيادات طبية ومستشفى الإمام علي. ومنحت شركة إيرانية عقدا لجمع النفايات من المدينة. وتقدم إيران المنح للطلاب في الحوزات الدينية من خلال مكاتبها أو ممثليها. وتم استخدام الطلاب هؤلاء أحيانا في القتال مع الميليشيات الموالية لها. إلا أن الجهود الإيرانية ليست مقبولة بشكل عام. وهناك من يشك انها تريد تقديم مرشحها الخاص ليحل محل المرجعية الدينية الحالي آية الله علي السيستاني، 88 عاما.
وولد السيستاني في إيران إلا أنه يعارض التدخل الإيراني وولاية الفقيه. ويتمتع السيستاني بتأثير قوي في النجف وخارجها ودفعت فتاواه ملايين العراقيين للمشاركة في السياسة والإنتخابات وحمل السلاح ضد تنظيم الدولة. وأثنى المراقبون على دوره في الحفاظ على استقلالية النجف والحد من العنف الطائفي. ولكنه متقدم في العمر ولا يعرف من سيخلفه. ويقول عماد الشرا، احد تلامذة السيستاني ويعمل حاليا باحثا في معهد الحرب والسلام “لو مات السيستاني فستحدث معركة حول من سيخلفه يشارك في علماء من إيران”.
وأضاف أن “إيران حاولت التأثير على النجف من خلال بناء علاقات مع المرجعيات البارزة مما أضعف دور النجف” وأضاف “لا أحد يمكنه حكم النجف إلا إذا كان منها”. وحاولت إيران السيطرة على المرجعية في العراق عندما روجت لمحمود شهرودي، وزير العدل السابق وأرسل إلى النجف التي ولد فيها ولكي يفتح مكتبا له فيها. ويقول أتباعه إن جاء عام 2012 على أمل تولي المرجعية وتقوية سيطرة إيران على النجف. ويقول أحد مساعدي السيستاني إن شهرودي عندما جاء إلى العراق “كان يحضر نفس لأن يصبح المرجع في العراق بعد السيستاني”. وكانت لديه الإمكانيات كما يقول جاسم المندلاوي أحد المقربين منه “فهو مولود في العراق وكان يعمل بهدوء احتراما للسيستاني”. ولكنه لم يحصل على الإستقبال الذي يريده.
ويقول مساعد للسيستاني “لقد دهش من الإستقبال الباهت” و”لهذا غادر العراق”، وعمل في الحكومة قبل وفاته عن عمر يناهز السبعين عاما. وهناك آخرون ومنهم علاء الدين الجزري، الشيخ الذي يقيم علاقات مع إيران ويدعم ولاية الفقيه التي يمكن ان تحل محل “الدولة السياسية الفاسدة”. وفي تصريحات للصحيفة قال “طموحي في العراق هو بناء نظام قائم على الدين. وكشيخ أؤمن بالدين القادر على إدارة كل شؤون الحياة والدولة”. ويعمل الجزري كمسؤول ديني لحركة النجباء التي تحظى بدعم من إيران وصنفتها واشنطن كحركة إرهابية. وقال “هناك من يعتقد بضرورة إصدار فتوى تدعو إلى الثورة” مضيفا أن “فتوى كهذه ستكون انتحارا”. ومن هنا فاي محاولة إيرانية واضحة للسيطرة على المرجعية في العراق قد تؤدي لمشاعر غاضبة بين العراقيين. ويحذر أتباع السيستاني من خليفة له موال لإيران مما سيضعف استقلالية المؤسسة الدينية ويفكك التوازن السياسي الحساس في البلد.