قادة الجيش في الجزائر والسودان يبطئون عملية التحول إلى الديمقراطية
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا بعنوان “قادة الجيش في السودان والجزائر يبطؤون عملية التحول إلى الديمقراطية“، وأشار التقرير إلى التصريحات التي أطلقها الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي الذي طلب منه عمر البشير قبل الإطاحة به القيام بقتل ثلث المتظاهرين مستندا على مبدأ إسلامي كما زعم يسمح له بقتل ثلث شعبه. وبناء على هذا التفسير فقد طلب منه الرئيس تفريق عشرات الألاف من المتظاهرين الذين طالبوا برحيله مهما كلف الأمر من أرواح بشرية. ولكن حميدتي الذي يقود قوات الدعم السريع رفض. وقلت: “الله يحرم هذا” ، وأطيح بالبشير ونقل إلى سجن كوبر الأمني. و “كان آخر لقاء بيننا” حيث انتهى حكم البشير بعد 30 عاما.
في السودان كما في الجزائر ردت الجيوش التي قدمت الحماية لحكم الفرد على الإنتفاضات الشعبية بالتحول ضد الرجل أو الرجال الذين وفرت الحماية لهم. ففي الجزائر قام قائد الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، والذي كان من الموالين لعبد العزيز بوتفليقة، 82 عاما وبتردد بالإنقلاب على الرئيس المريض. وكان قرارالرجل المقعد على كرسي الترشح لولاية خامسة سببا في تظاهرات حاشدة وأطيح به بعد أسابيع،
ولكن السؤال ماذا سيحدث بعد؟ ففي كلا البلدين يجد البعض صعوبة في تصديق نوايا الجيش الذي أطاح بحاكم احتل مقعد الرئاسة مدة طويلة مستعد لتسليم السلطة إلى الشعب. وهناك اعتقاد في الجزائر التي ظل فيها الجيش بمركز السلطة منذ استقلال البلاد عام 1962 تحرك ضد بوتفليقة لحماية مصالحه لا من أجل تفكيك نظام السلطة والمحسوبية. وحتى في السودان الذي يجري فيه الجيش محادثات مع المدنيين حول الترتيبات السياسية بمرحلة ما بعد البشير، يخشى الكثيرون من تراجع الجنرالات عن مواقفهم إن لم يتم تقوية الديمقراطية. وبحسب الصحافي السوداني البارز عثمان ميرغني “نحن أقوياء الآن بسبب الناس في الشارع” في إشارة للحشود التي تحتل الشوارع يوميا وتطالب بتسليم السلطة للمدنيين. و “لكن عندما ينسحب الناس منها فلن يتحدث الجيش معنا”.
وترى الصحيفة أن هناك تناقضا ظاهريا في الوضع لأن الجماعات الداعمة للديمقراطية عليها التفاوض من أجل تحقيق أهدافها مع نفس القوى التي دعمت النظام القديم.
ومنذ الإطاحة ببوتفليقة قبل ثلاثة أسابيع أكد الجنرال صالح على المبادئ الدستورية التي تدعو لانتخابات بعد ثلاثة أشهر إلا أن المتظاهرين يرون أن انتخابات يديرها نفس الجهاز ستؤدي لعودة نفس وجوه النظام السابق. وبدلا من ذلك يطالب المتظاهرون بتطهير النظام السابق من رجال بوتفليقة. ويواصلون تظاهراتهم الحاشدة كل جمعة لمواصلة الضغط على النظام الذي رد بإغلاق الشوارع إلى مكان التظاهرات.
وقال المعلق الجزائري عبد شريف إنه من المستحيل عقد انتخابات في 4 تموز (يوليو) نظرا لرفض القضاة وعمد المدن التعاون في التحضير للإنتخابات، في وقت لاحق فيه المتظاهرون الوزراء الذين يقومون بجولات في البلاد لإقناع السكان دعم العملية الإنتخابية. ويرى شريف أنه من الصعوبة بمكان استبعاد الجيش عن السياسة بشكل كامل مشيرا إلى فشل المعارضة وعجز مؤسسات الدولة “.
ومن الناحية التاريخية فقد كان الجيش هو الذي أسس الدولة” ، في إشارة لدوره في حركة التحرير الوطني التي قادت البلاد للإستقلال عن فرنسا وبقيت في السلطة و”لكن الدولة تظل غير مكتملة والخطوات الباقية صعبة”.
وفي السودان والجزائر يملك المتظاهرون ورقة ضغط، لأن القوات المسلحة في كلا البلدين مترددة في استخدام القوة. وفي السودان استجاب الجيش لبعض المطالب واستبدل قائد المجلس العسكري الإنتقالي بآخر بعد 24 ساعة من الإطاحة بالبشير. وعزل ثلاثة آخرين بسبب ارتباطهم بالنظام السابق. وبنفس السياق لا يريد الجيش الجزائري تكرار نفس تجربة عام 1988 عندما قتل مئات المدنيين وألغى انتخابات عام 1992 لمنع فوز الإسلاميين بشكل أدخل البلاد في حرب أهلية استمرت عشرة أعوام وقتل فيها أكثر من 100.000 شخص. وفي نفس الوقت لايثق الجيش بالأحزاب المدنية التي همشت ويخشى فراغا في السلطة. ويقول شريف “يحب الجيش الأوامر ويريد أن تكون الأمور واضحة ومنظمة” و “يعرف الجيش انه في وقت الأزمة سيفتح النار على الجزائريين ويحاول البحث عن طرق لتجنب هذا”.