قيادي في الحراك السوداني: أي دولة تدعم النظام الانقلابي هي “عدو” للشعب
قال علي محمود حسنين، القيادي في “قوى إعلان الحرية والتغيير” بالسودان، إن أي دولة تدعم “النظام الانقلابي” سنعتبرها “عدواً للشعب السوداني”.
ودعا حسنين (80 عاما) إلى استمرار الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش، في العاصمة الخرطوم “حتى تحقيق كافة أهداف الثورة”.
عاد حسنين، وهو عضو سابق في البرلمان، مؤخرا إلى السودان بعد عشر سنوات قضاها في منفى اختياري بلندن، وهو قانوني وسياسي ومن أبرز المعارضين لنظام الرئيس المعزول، عمر البشير (1989- 2019).
ويترأس حسنين، الذي قضى نحو ثلاث سنوات في سجون البشير، الجبهة الوطنية العريضة، وهو قيادي في التحالف الاتحادي، أحد تحالفات “قوى إعلان الحرية والتغيير”.
وعزل الجيش السوداني، في 11 أبريل الجاري، البشير، من الرئاسة، بعد ثلاثة عقود في الحكم؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية متواصلة منذ نهاية العام الماضي.
برنامج الثورة
حسنين شدد على أن “قوى إعلان الحرية والتغيير لا يمكن أن تتنازل عن برنامج الثورة في المرحلة الانتقالية، وإقامة البديل الديمقراطي المدني”.
ودعا المجلس العسكري الانتقالي إلى “سرعة تسليم السلطة للمدنيين، للشروع في تنفيذ برنامج المرحلة الانتقالية، الذي يحظى بدعم الشعب وتأييده”.
وشكل الجيش مجلسا عسكريا انتقاليا، لإدارة مرحلة انتقالية تستمر عامين كحد أقصى، بينما تطالب المعارضة بتسليم الحكم لسلطة مدنية في أسرع وقت ممكن.
وأعلنت المعارضة، الأحد، تعليق التفاوض مع المجلس، واعتزامها إعلان مجلس رئاسي مدني، خلال أيام، بعد إجراء مزيد من التشاور.
واتهمت المعارضة المجلس العسكري بأنه “سلطة انقلابية”، وشددت على استمرار التظاهر والاعتصام “حتى إسقاط العسكر”.
أهداف الثورة
بشأن ما حققه الحراك الشعبي حتى الآن، قال حسنين إن “الثورة قامت على أسس واضحة ومحددة، وهي إزالة نظام البشير، وإقامة بديل ديمقراطي مدني قائم على سيادة حكم القانون، وما تحقق هو إزالة رأس النظام”.
وتابع: “نظام الإنقاذ (البشير) باقٍ ببقاء رموزه ومؤسساته، مثل الأمن الطلابي وكتائب الظل، وكلها مؤسسات خارج الإطار الدستوري، تحمل السلاح ولديها جنود، ويُصرف عليها من مال الدولة”.
ورأى أنه “كان على المجلس العسكري، منذ توليه السلطة، حل تلك الميليشيات وجمع سلاحها”.
وأردف: “كذلك حل حزب المؤتمر الوطني (حزب البشير) الممول من خزينة الدولة، والاستيلاء على كل الدور والمستندات واعتقال كافة قياداته العليا، لتقديمهم لمحاكمة عادلة، وكل ذلك لم يتم حتى اللحظة”.
وأضاف أنه “تم اعتقال بعض رموز النظام، ولا نعلم الصفة التي تم اعتقالهم بها: هل هو اعتقال تحفظي أم احترازي أم اعتقال بسبب ارتكاب جرائم.. كل ذلك لم يتم توضيحه”.
وقال إن الاتحاد الأفريقي أصدر، في 1997، قرارا واضحا بأنه لا يجوز للعسكر أن يستولوا على السلطة أو يكونوا جزءا منها، وهذا نص أيضا لدى الاتحاد الأوروبي وفي القانون الدولي، لذلك لم يعد هناك مكان للانقلابات الآن.
دور الجيش
وأكد القيادي السوداني أن قوات الجيش وقفت مع المعتصمين، وحمتهم من اعتداءات المؤتمر الوطني ومليشياته، وأنهت حكم البشير.
واستدرك: “لكننا كنا نتوقع منها تكملة المشوار بحل المليشيات المختلفة والمؤتمر الوطني”.
وتابع: “المطلوب هو سلطة مدنية يكون رأس دولتها من المدنيين وحكومتها مدنية، أما العساكر فليس من حقهم الحكم”.
ورأى أن “يتألف المجلس الرئاسي المقترح من الأقاليم السودانية الستة، وهي: دارفور (غرب)، كردفان (جنوب)، وشرق السودان والشمال والخرطوم والوسط، وهؤلاء يمثلون السلطة السيادية والتنفيذية العليا للوطن”.
وشدد على أن مهمة الفترة الانتقالية هي إعادة بناء الدولة بأكملها، أما مهمة الجيش فهي حماية أمن البلاد.
استمرار الاعتصام
منذ أكثر من أسبوعين يعتصم آلاف السودانيين أمام مقر قيادة الجيش، في ظل مخاوف من التفاف الجيش على مطالب المحتجين، كما حدث في دول عربية أخرى.
وقال حسنين: “الاعتصام هو صمام الأمان للثورة، وهو الذي دفع الجيش إلى الانحياز للشعب، وأدعو المعتصمين إلى الاستمرار في اعتصامهم، وأن لا يتراجعوا حتى تحقيق كافة أهداف الثورة”.
وزاد بأن “الاعتصام سيستمر حتى قيام السلطة المدنية.. دولة قانون تحاسب كل من أجرم بحق الوطن، وكل من قتل ونهب واغتصب وسرق ودمر البنية الاقتصادية، وهدم النسيج الاجتماعي”.
واقترح “تطبيق قانون لمكافحة الفساد الاقتصادي والسياسي والإعلامي، وهو ينشئ محاكم عادلة متعددة في مدن البلاد”.
وتابع: “عند إصدار عقوبات لابد من إصدار عزل سياسي بحق كل من تدينهم تلك المحاكم”.
المرحلة الانتقالية
بخصوص المرحلة الانتقالية، رأى حسنين أن هناك قوى (لم يسمها) لها “هوى ومصالح” في أن يكون لها وجود في الفترة الانتقالية.
وأردف: “هنا لا نتحدث عن هوى أو مصالح ولا عن أحزاب، وإنما نتحدث عن ثورة قام بها الشعب السوداني، وعن وطن لا بد أن يعاد بناؤه”.
وتابع: “ينبغي لهذا (الوضع) أن تتقدم إليه كل فصائل الأمة والقوي الذي يؤمن بوحدة كل أقاليم الوطن”.
وشدد على ضرورة أن يتصدر المناضلون الفترة الانتقالية، فمن ناضلوا ضد هذا النظام وعانوا من مصائبه يريدون سد كل الثغرات حتى لا تتكرر مأساة نظام البشير.
العلاقات الخارجية
تسود بين السودانيين مخاوف من أن يتلقى المجلس العسكري دعما من دول إقليمية؛ لعدم تنفيذ مطالب المحتجين، ضمن ما يسميها منتقدون “الثورات المضادة”.
وقال حسنين: “الشعب السوداني وقع، في 17 نوفمبر/ تشرين ثاني 1985، على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية، ووقع عليه أيضا الجيش. هذا الميثاق يتحدث بوضوح عن رفض أي انقلاب يحدث”.
ومضى قائلا إن “الميثاق يدعو الدول إلى أن لا تعترف بالانقلابات، ولا تعقد اتفاقات مع النظام الانقلابي، ولا تعطيه قروضا، وأي دولة تخالف ذلك لن نلتزم باتفاقاتها، وسنعتبرها عدواً للشعب السوداني.
وتابع: “سنستهدي في علاقاتنا الخارجية بميثاق الدفاع عن الديمقراطية.. نرفض الدخول في شؤون الآخرين، وكذلك نرفض التدخل في شؤوننا”.
وزاد بقوله: “لا نقف ضد أي دولة أو نظام، نحن نهتم بقضيتنا ونريد بناء دولتنا.. وقادرون أن نجعل من السودان دولة مانحة، وليست دولة تتلقى الإعانات والمساعدات”.
وأردف: “نريد بناء علاقات قائمة على أساس حسن الجوار والندية وتبادل المصالح.. وكأناس عانوا من الاعتداء على حقوق الإنسان، لن نسمح بالاعتداء على حقوق الآخرين، فنحن مع حقوق الإنسان أينما كانت”.
المواقف الخارجية
بشأن المواقف الخارجية من الحراك الشعبي في السودان، قال حسنين إن “التعاطي كان بطيئا جدا، خاصة في العالم الأفريقي والعربي والإسلامي؛ لأن كل تلك الكيانات كانت لها علاقة بالنظام السابق، ومنافع مشتركة”.
وأوضح أن هذا الوضع “أثار كثيرا من الحنق والغضب لدى الشعب السوداني، وحينما أيقن الجميع أن النظام هالك لا محالة، وأن الشعب السوداني منتصر، بدأ تغيير المواقف”.
وختم بأن “الوضع تغير الآن إلى التعامل بإيجابية، ونحمد لهم هذا التغيير، ونريد من كل دول الجوار الوقوف مع الشعب السوداني مساندة له وللثورة”.