الأوبزيرفر: على السودانيين تجنب الخديعة من الديكتاتوريين الأجانب والانتصار على الجيش
علق سايمون تيسدال في صحيفة “الأوبزيرفر” على السودان والجزائر قائلا إن الإطاحة بالزعماء لا يعني أن الثورات تنتهي نهاية سعيدة.
وقال إن دول شمال أفريقيا تواجه الإمتحان الأصعب: هل يمكنها مقاومة الموجة باتجاه الديكتاتورية؟ وبدأ بالحديث عن بيت تاونسند الذي قال إنه في النظرة الأولية، غير مرتبط بالإحداث الصاخبة في السودان، ولكن عازف الغيتار المعروف هو من كتب الأغنية المتمردة في عام 1971 “لا تخدع مرة ثانية” وجاء فيها: “أرفع قبعتي للدستور الجديد/ وأنحني للثورة الجديدة وبعدها أجلس على ركبتي وأصلي/ولن يتم خداعنا مرة أخرى”.
وبعد الإطاحة بعمر البشير على يد الجيش لم يبق للمتظاهرين السودانيين الذين لم تخدعهم حركة الجيش إلا الصلاة. ففي يوم الجمعة أجبروا رئيس المجلس العسكري، وزير الدفاع أحمد عوض بن عوف على الإستقالة. ولا يزالون يعسكرون في الشوارع خارج مقرات القيادة العامة لمعرفة إن كان بديله عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن سيرضي مطامحهم ويعين حكومة مدنية.
ويعلق الكاتب أنه من الواضح أن الإحتجاجات السلمية التي شهدتها العاصمة الخرطوم وبقية المدن السودانية لا تعرف كيفية التعامل معها. ومعظم المشاركين فيها هم من أبناء الطبقة المتوسطة الشباب وعدد كبير منهم من النساء. وتتجاوز حركتهم الأطياف السياسية، وهي ليست دينية بالمطلق أو أيديولوجية. ويواجه الجنرالات في السودان الذين تعودوا على إصدار الأوامر تحد جديد. والعالم يراقب ويعرفون ولن ينفذ الجديد الأوامر لفض الإعتصام بالقوة. ويجب عليهم التفاوض وهم يعرفون أن هذه المفاوضات تعني خروجهم من السلطة وما يتبعه من عدالة انتقامية كتلك التي تنتظر البشير المعتقل في مكانه. إلا أن سيناريو خروج الأمور عن السيطرة لا يزال قائما. وفي الوقت الذي لا يملك الجيش خطة إلا أن تجمع المهنيين السودانيين الذين قادوا الإنتفاضة لديهم واحدة.
ويطالب مانفستو التجمع “بيان الحرية والتغيير” بحكومة انتقالية وطنية تشكل من أشخاص أكفاء بناء على القدرة والسمعة الجيدة. وهدفها الرئيسي حسب البيان هو “إقامة بنية ديمقراطية”. وفي الوقت الذي أكد فيه المتحدث باسم المجلس عمر زيد العابدين إن الجيش لا طموح لديه التمسك بالسلطة. فيما يواصل المتظاهرون الضغط ودعا تجمع المهنيين السودانيين للإضراب حتى يتم نقل السلطة. وفي العادة ما لا تنتهي الثورات نهاية سعيدة وبانتظار ما ستؤول إليه الأمور في السودان. وستتابعها الجزائر عن كثب. ذلك أن الجزائريين يطالبون بنفس المطالب التي أدت لرحيل عبد العزيز بوتفليقة.
وعلى خلاف الخرطوم فالمدنيون هم من يدير الأمور في الجزائر. ولكن الخوف ألا يتغير “النظام”. ودعم قائد الجيش أحمد قايد صالح أحد المقربين من بوتفليقة كزعيم انتقالي والتحضير للإنتخابات.
وحذر صالح المتظاهرين الأسبوع الماضي من المطالب التعجيزية. وفي ليبيا بددت العملية العسكرية التي قام بها زعيم خارج عن السيطرة آمال الليبيين بحكومة ديمقراطية توحد الإنقسام الجهوي والقبلي وتخرج البلاد من المستنقع الذي انزلقت إليه بعد سقوط معمر القذافي عام 2011. وتشير الحالات الثلاثة في شمال أفريقيا للفجوة التي تتسع بين ما تريده الشعوب والنخبة المتحصنة الحاكمة. والدول الثلاثة لديها غالبية شبابية ونمو سكاني مطرد. فنصف 42 مليون هم سكان الجزائر ممن هم تحت سن الـ 27 عاما.
ويطالبون بالوظائف الجيدة والفرص الإقتصادية والحكم المفتح الديمقراطي. لكن ما تعانيه دول شمال أفريقيا تساوقا مع ظاهرة عالمية هو الميل نحو حكم “الرجل القوي” وهذا يعني حكما استبداديا ديكتاتوريا يروج للقومية ولا يتسامح مع المعارضين ويتجاوز حكم القانون ويحد من الحريات المدنية وحرية التعبير. كما في الولايات المتحدة وروسيا والصين ولديهم مقلدون في تركيا وإسرائيل . ولدى دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصلحة في هذا، فهدفهم هو مكافحة الإرهاب لا الديمقراطية.
وخلف الأضواء فالضغط من الولايات المتحدة ربما كان وراء استقالة بن عوف، فهو على قائمة المتهمين في جرائم دار فور وبالتالي ليس الشخص الذي يمكنها التعامل معه. وحذر الكاتب إن على الحركة السودانية الديمقراطية التخلص من النخبة العسكرية والأمنية وكذا تجنب تدخل الحكام الأقوياء الأجانب. وأمامها جبل عال لتسلقه لكي تتجنب الوقوع في الخديعة مرة أخرى.