العراق: انتقادات للأجهزة الأمنية وتساؤلات عن غياب الجهد الاستخباراتي بعد عملية استهدفت «الحشد»
أثار حادث مقتل وإصابة أكثر من 35 عنصراً من «الحشد الشعبي»، على يد مجموعة مسلحة من تنظيم «الدولة الإسلامية»، في منطقة تابعة لمحافظة كركوك، في أثناء عودتهم من الموصل إلى طوزخرماتو، لقضاء الإجازة، موجة من ردود الأفعال على المستوى السياسي.
وقال اللواء 15 في «الحشد» في بيان، إن «قوات اللواء 15 (قوات الشهيد الصدر الأول) تزف كوكبة من أبنائها شهداء وجرحى في طريق العز والشهادة، بتعرض وقع ليلة أمس (الأول) الأربعاء، على مجموعة من مقاتلي فوج طوزخرماتو التابع للواء»، مبينا أن «الاعتداء حدث في منطقة بونجينة التابعة لكركوك أثناء عودة المقاتلين من الموصل».
وأضاف أن «المهاجمين اشتبكوا مع قوة الحماية التي كانت مع المقاتلين لمدة ساعة لحين إرسال التعزيزات لهم وإخلائهم بالكامل»، مشيراً إلى أن «التعرض أسفر عن استشهاد ستة من المقاتلين وجرح عدد آخر منهم، وأن جميع المصابين بحالة مستقرة».
وتابع أن «هذا الاعتداء لن يثني قوات الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية عن مطاردة خلايا الإرهاب والنيل من فلوله وتطهير أراضي البلاد من دنسهم وإجرامهم».
خلية الإعلام الأمني، برئاسة القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، أوضحت في بيان لها، أن «حصيلة الاعتداء الإرهابي الجبان الذي استهدف وجبة المجازين من الحشد الشعبي على طريق مخمور ـ الموصل، خلال عودتهم وهم عزل، أسفرت عن مقتل ستة مقاتلين وإصابة 31 آخرين»، مشيرة إلى «نقل المصابين إلى مستشفى القيارة، لتلقي العلاج».
وعلى إثر الحادث، وجه عبدالمهدي، بالتحقيق في ملابسات الاعتداء وشدد عبد في بيان لمكتبه، «على القادة الميدانيين بالالتزام التام وتوفير الاحتياطات اللازمة وتأمين الحماية لأرتال المجازين». وتقدم «بخالص التعازي لذوي الشهداء، سائلا الباري عزّ وجل ان يمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل».
كذلك، طالبت «المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان» (تابعة للبرلمان) أيضاً، بإشراكها في لجنة للتحقيق بملابسات الحادث، الذي وقع في «طريق مؤمن نسبياً».
عضو المفوضية، علي البياتي، قال «في الوقت الذي نعزي فيه أهالي الشهداء من مقاتلي الحشد الشعبي الذين استشهدوا في الطريق الرابط بين محافظتي نينوى وكركوك، أثناء عودتهم من مدينة الموصل والذين التحقوا بركب قوافل النور من أجل الدفاع عن الوطن وأرضه وعرضه وندعوا للجرحى بالشفاء العاجل»، نؤكد أن «أبناء هذه المناطق عانوا الكثير نتيجة الاستهداف المستمر من قبل عناصر المجاميع الإرهابية، بسبب ضعف أجهزة الدولة العسكرية والأمنية في هذه المناطق وعلى مدى السنوات الماضية، والتي استقرت بشكل نوعي بعد عمليات تحرير المناطق من عناصر داعش وعمليات بسط سيطرة الحكومة الاتحادية على هذه المناطق».
وأضاف أن «تكرار هذه الحوادث في الأشهر القليلة الماضية ضد المدنيين والعسكريين وفي المناطق نفسها، يعد أمراً مقلقا ويحتاج إلى مراجعة حقيقية من قبل أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية والاستخبارية»، مطالباً في الوقت عيّنه رئيس الوزراء، بصفته القائد العام للقوات المسلحة بـ«فتح تحقيق حول الموضوع لوجود الكثير من الملابسات حول الموضوع حسب ما وردتنا من معلومات ومناشدات، وكشف نتيجة التحقيق للرأي العام في أقرب وقت، ومعاقبة المقصرين إن وجدوا، والجناة المجرمين حسب القانون».
علامات استفهام
ورداً على سؤال «القدس العربي» عن هذه المعلومات، أكد البياتي قائلاً: «وصلتنا بعض المعلومات من المواطنين، ولكن للتأكد وجهنا بتشكيل لجنة تقصي حقائق من قبل المفوضية وطالبنا بتشكيل لجنة حكومية أيضا للتحقيق».
ومضى إلى القول: «ما يثير علامات الاستفهام هو استهدافهم في طريق مؤمن نسبيا، وتحت سيطرة قوة عسكرية معروفة، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى نحتاج التحقق منها أولا ثم الكشف عنها».
وضمن موجة ردود الفعل، دعا رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، القوات المسلحة وتشكيلات «الحشد الشعبي» إلى زيادة زخم العمليات لملاحقة ما تبقى من التنظيم و«من يقف خلفه».
ووجه برقية تعزية إلى الشعب العراقي وفصائل «المقاومة الإسلامية» جاء فيها: «أتقدم باحر التعازي والمواساة الى الشعب العراقي وفصائل المقاومة الإسلامية وتشكيلات الحشد الشعبي باستشهاد كوكبة من أبطال قوات الشهيد الصدر لواء 15 في الحادث الإرهابي الحاقد في محافظة كركوك».
وأضاف أن «هذا الاعتداء الآثم لن ولم يثننا عن التصدي لكل أشكال الإرهاب والعدوان الذي يستهدف العراق وشعبه الصابر الأبي»، داعيا «أبناء قواتنا المسلحة الباسلة وتشكيلات الحشد الشعبي البطل إلى زيادة زخم العمليات لملاحقة ما تبقى من فلول داعش الإرهابية ومن يقف خلفها».
وعبر عن «تضامننا ووقوفنا إلى جانب كل أسر الشهداء، عرفانا منا لجميل ما قدمه ابناء فصائل المقاومة الإسلامية والحشد الشعبي في المنازلات التي تمكنا فيها من هزم الاٍرهاب».
كذلك، اتهم رئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي، حزب «العمال الكردستاني» بالتورط مع تنظيم «الدولة « في تنفيذ الهجوم الذي استهدف «الحشد الشعبي».
وقال في بيان: «لطالما حذرنا مرارا وتكرارا من الخطر القائم الذي تمثله فلول داعش ومعها منظمة ب ك ك الإرهابية، التي تتخذ من المنطقة المذكورة ملاذا لها، وتصول وتجول فيها، في تحد سافر وانتهاك صارخ للسيادة الوطنية العراقية»، حسب تعبيره.
وأضاف: «ينبغي أن تقوم الحكومة الاتحادية بوضع حد لمثل هذه الانتهاكات والعمليات الإرهابية التي تستهدف حياة وسلامة أبنائنا، وذلك بالقضاء التام والنهائي على الفلول الإرهابية بمسمياتها وعناوينها كافة بدءا من تنظيم داعش ومرورا بعصابات «بي كي كي» الإرهابية وانتهاء بكل الفصائل الإرهابية المسلحة التي تتخذ من شمال العراق، ملاذات آمنة لها، وساحة حرب، تشن منها عملياتها الإرهابية ضد أبناء العراق».
أما رئيس تحالف «الإصلاح والإعمار»، عمار الحكيم، فقد علق على الحادث في بيان، قائلاً «تلقينا بأسف بالغ نبأ استشهاد وإصابة 37 من مقاتلي الحشد الشعبي باعتداء إرهابي في المنطقة الواقعة بين مدينة الموصل ومخمور».
وأضاف: «إذ نرفع أسمى آيات المواساة لأسر الشهداء ومتعلقيهم نستنكر هذا الفعل الظلامي الغادر، كما ونحث الجهات الأمنية المسؤولة على تكثيف الجهد الاستخباري لتأمين الطرق الرابطة بين كافة مدن ومناطق العراق».
وشدد «على ضرورة الحفاظ على المنجز الأمني الذي تحقق بتضحيات العراقيين والحيلولة دون عودة هذا الملف إلى المربع الأول».
في الأثناء، دعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، في بيان أورده مكتبه، القوات الأمنية إلى «ضرورة تشخيص الخلل، ومعالجة الخروقات، وتعزيز الجهد الاستخباري، وخصوصا في المناطق المحررة؛ للانتهاء من الجيوب التي ينطلق منها إرهابيو داعش».
أمن متراخ
في حين، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حسن الكعبي، أن عملية استهداف «الحشد الشعبي» في منطقة مخمور «تضع الكثير من علامات الاستفهام بشأن غياب الجهد الاستخباري والدور الأمني المتراخي في عدد من المناطق التي تنشط فيها الخلايا الإرهابية».
وذكر في بيان، بدعوته «عدة مرات لضرورة البدأ بمداهمة أماكن تواجد العدو وعدم التماهل مع البؤر الداعشية وأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر في كل الظروف والأوقات».
وانتقد «الجهات الأمنية المسؤولة عن عملية تنقل عناصر الحشد الشعبي في مثل هذه الأوقات والمناطق دون حماية مشددة تؤمن طريق ذهابهم للتمتع بالإجازة وإيابهم للالتحاق بوحداتهم الأمنية كونهم عزلا».
واعتبر أن «عملية تنقل عناصر الحشد ضمن هذه المناطق دون الأخذ بنظر الإعتبار إمكانية تواجد العدو وفرصته بنصب الكمائن في أي وقت، مخاطرة وهدر للأرواح».
رئيس كتلة النهج الوطني، المنضوية في تحالف «الإصلاح والإعمار»، عمار طعمة، طالب بعمل عسكري سريع ورادع لملاحقة قتلة عناصر «الحشد» في مخمور.
وقال في بيان، إننا «ندين بشدة العمل الإرهابي الغادر الذي استهدف عناصر الحشد الشعبي على طريق مخمور، وأدى إلى استشهاد وجرح عدد منهم».
وزاد: «لا بد من التأكيد على اتخاذ أساليب اكثر أمناً في تنقلات مقاتلي الحشد الشعبي وبقية التشكيلات العسكرية والأمنية واعتماد اجراءات أكثر حيطة لتفويت الفرصة على أولئك الغادرين المجرمين والحيلولة دون التفريط بشباب شجاع غيور في مواضع سهلة الاستهداف من قبل الجماعات الإرهابية».
ودعا إلى «عمل عسكري سريع ورادع، لملاحقة القتلة المنفذين لهذه الجريمة الغادرة وإيقاع القصاص العادل بهم».
إلى ذلك، شدد زعيم ائتلاف «الوطنية» إياد علاوي، على رفضه تحويل العراق ساحة للصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية، وإيران، حاثا الحكومة الاتحادية على دراسة الجيل الثالث للإرهاب.
وقال في مؤتمر صحافي عقده في بغداد، «لا نريد أن يكون العراق مركزا للصراع بين أمريكا وإيران».
وأضاف: «لدينا حرب شرسة مع الإرهاب الذي دمر العديد من البلدان العربية»، داعيا الحكومة العراقية إلى «بحث ودراسة الجيل الثالث للإرهاب الذي جاء بعد القاعدة وداعش، وأن تعترف بوجود هذا الجيل».
وتابع أن «أمريكا خصصت أموالا لمحاربة هذا الجيل». على حدّ قوله.