ذا انترسيبت: إلهان عمر كسرت الـ”تابو “عن إيباك وعلينا شكرها
يرى المعلق المعروف مهدي حسن أن “هناك تابو ضد انتقاد إيباك دمرته إلهان عمر”. وافتتح مقاله الذي نشره بموقع “ذا إنترسيبت” بحوار جرى عام 2005 بين ستيفن روزين، المسؤول البارز في ذلك الوقت بلجنة العلاقات العامة الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك والصحافي جيفري غولدبيرغ ،الذي كان يعمل في مجلة “نيويوركر” وكانا يتحدثان على غداء حيث قال روزين ” هل ترى هذا المنديل؟” مجيبا ” تستطيع في 24 ساعة أن تحصل 70 توقيعا عليه”.
وتذكر حسن الحوار في ظل الهجمة التي تتعرض لها النائبة الديمقراطية إلهان عمر من النواب الجمهوريين والديمقراطيين بسبب تغريدتين كتبتهما والمحت فيهما إلى أن الساسة الأمريكيين يدعمون دولة إسرائيل بسبب الضغوط المالية التي تمارسها عليهم “إيباك. ”
واستشهدت بأغنية راب معروفة “إنها عن البنياميين/الدولارات (المال- إشارة للدولار الأمريكي الذي يحمل صورة بنجامين فرانكلين)، يا عزيزي”. وتساءل حسن إن كانت طريقة عمر غير المؤدبة وكيفية كتابة تغريديتها تعتبر مشكلة؟ وهل تسبب بالأذى لقطاع من الرأي العام الأمريكي اليهودي الليبرالي؟ وهل وضعت نفسها بدون قصد في خدمة المجازات المعادية للسامية عن اليهود الأثرياء الذين يتحكمون بالعالم؟ ويجيب “نعم ونعم، ونعم أيضا كما اعترفت نفسها واعتذرت بدون تحفظ على هذا”.
ويطرح حسن سؤالا آخر “هل كانت مخطئة عندما تحدثت عن جماعة مؤيدة لإسرائيل قوية والإشارة بأصبعها لـ”إيباك” والذي ورد في اعتذارها إلى “الدور الإشكالي لجماعات الضغط في سياستنا، سواء كانت “إيباك” أو أن أر إي (لوبي الدفاع عن السلاح) أو صناعة الوقود الإحفوري”؟ ويجب حسن “لا ولا و لا أيضا”.
ويقول إن روزين لم يكن المسؤول الوحيدة في “إيباك” الذي تباهى بالقوة التي يمارسها اللوبي المؤيد لإسرائيل داخل الحزبين في واشنطن. وعلينا العودة إلى عام 1992 عندما كان رئيس إيباك ديفيد شتاينر وسجل وهو يتفاخر بأنه “توصل لصفقة” مع البيت الأبيض الذي كان رئيسه جورج هيربرت بوش لتوفير دعم بـ 3 مليارات دولار لإسرائيل. وزعم شتاينر أنه يقوم بالتفاوض مع إدارة بيل كلينتون القادمة لتعيين أعضاء مؤيدين لإسرائيل في المناصب الحكومية. وقال إن “إيباك” لديها “العشرات في حملة كلينتون وفي مقراتها وكلهم سيحصلون على وظائف”.
ولو ذهبنا بعيدا، وعدنا إلى عام 1984 عندما هزم السناتور الجمهوري المعتدل تشارلس بيرسي في إلينيوز في حملة إعادة انتخابه وتعرض “لغضب” إيباك لرفصة رسالة دعمتها المنظمة وتجرأ على وصف رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات بأنه أكثر “اعتدالا” من بقية رموز المقاومة الفلسطينية. وقام المساهمون لـ” إيباك “بجمع مليون دولار لهزيمته. وفي خطاب شمت فيه توم داين، رئيس “إيباك” من هزيمة السناتور الجمهوري قال فيه ” اجتمع كل اليهود من الساحل إلى الساحل لهزيمة بيرسي. ووصلت الرسالة للساسة الأمريكيين الذين يتبوؤون مناصب أو يتطلعون للوصول إليها”.
وبعد أربعة عقود تقريبا يتكالب الساسة الأمريكيون والإعلام على عمر فهل يجيب على البقية منا التظاهر أن مسؤولي “إيباك” لم يقولوا أو يفعلوا شيئا كهذا؟ وهل علينا التوقع أو تناسي ما كتبه الصحافي في “نيويورك تايمز” توماس فريدمان المدافع القديم عن إسرائيل في الإعلام الأمريكي والذي وصف الخطاب الذي ألقاه بنيامين نتنياهو وسط تصفيق حار ووقوف في الكونغرس بأنه الذي “اشتراه ودفع ثمنه اللوبي الإسرائيلي”. أو ما قاله غولدبيرغ، رئيس تحرير “ذا أتلانتك” الذي يوصف بـ “الصحافي والمدون الأكثر تأثيرا في الأمور المتعلقة بإسرائيل” عن إيباك “حوت بين اللوبيات ومؤثرة في مجالها مثل جمعية البنادق الوطنية وجمعية المتقاعدين”. أو كتبه جي جي غولدبيرغ المحرر السابق للصحيفة اليهودية “فورورد” عام 2002 عن إيباك “هناك تصور في الكونغرس لا تغضب الناس وإلا أسقطوك”.
ويواصل حسن بالقول، وهل علينا تناسي أو رفض ما قاله داعية السلام الإسرائيلي أوري أفنيري والذي كان عضوا في عصابة إرغون الصهيونية عن إيباك “إذا أردت أن تقدم قرارا يدعو لإلغاء الوصايا العشر فسيوقع لك 80 سيناتورا و 300 نائبا في الكونغرس” أم هل علينا أن نصنف جان هارمان، النائبة السابقة في الكونغرس على أنها معادية للسامية عندما أخبرت “سي إن إن” عام 2013 إن زملاءها السابقين في الكابيتال هيل وجدوا صعوبة في دعم دبلوماسية باراك أوباما النووية مع إيران “لأن قطاعا كبيرا من اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة يعارضها، وتعارضها إسرائيل”.
ويوضح حسن أن “إيباك” ليست لجنة عمل سياسي ولا تقدم التبرعات مباشرة للمرشحين ولكنها تعمل “كقوة مضاعفة” بعبارات أندرو سيلو- كارول من وكالة تلغراف اليهودية. ويعمل خطابها الداعم لمرشح للإشارة للمتبرعين اليهود لكي يدعموا حملته أو حملتها الانتخابية، كما تحدث فريدمان في مقابلة أجراها معه مهدي في عام 2013. وقال مهدي حسن في المقابلة لفريدمان أنه لو دخل معه سباقا في نفس المنطقة الانتخابية، وكانت “إيباك” تدعم حسن وليس فريدمان، فما على حسن إلا أن يقوم بإجراء 3 أو عدد من المكالمات الهاتفية للحصول على المال أما فريدمان فعليه إجراء 50.000 مكالمة” فهل نصنف فريدمان كمعاد للسامية بسبب ما قاله؟ يتساءل الكاتب.
ويعلق أن ما يجعل كل هذا الجدل المحيط بما قالته عمر غريبا هو أن الكثير من الديمقراطيين تحدثوا وبصوت عال عن جماعات الضغط من أصحاب المصالح من دور شركات الأدوية إلى الممولين الكبار للتدخل المالي السعودي للدور الذي تلعبه منظمات الدفاع عن السلاح ومحاولة الحد من تشريعات تدعو بحيازة السلاح. ولكن عندما يتعلق الأمر بذكر “إيباك” ودورها في الدفاع عن مصالح إسرائيل يتم تصنيف المتكلم بالمعادي للسامية. ويتساءل حسن عن النواب الذين سارعوا لشجب عمر إن كانوا بدون حياء.
ويذكر تغريدة كتبتها دونا شلالا عن فلوريدا. وهي نفس شلالا التي تباهت الشهر الماضي عندما قالت إنها لم تسمح لمنظمة البنادق الوطنية شراء حملتها الانتخابية. فليس ذنبا الحديث عن محاولة منظمة مثل هذه شراء ولاء مرشحين للكونغرس ولكن الجريمة تحصل عندما تحاول ربط “إيباك” بالمرشحين. ويختم حسن مقالته بالقول إن المحتل الإسرائيلي يواصل ضرب ومحاصرة الفلسطينيين وتشريدهم وبدعم عسكري ومالي كامل من حكومة الولايات المتحدة.
ويعلق أن هناك عدد من التفسيرات لهذا الدعم منها دور إسرائيل “كرصيد استراتيجي” والهوس الإنجيلي المسيحي بنبوءة نهاية الزمن وأثر مبيعات السلاح على الصناعة العسكرية الأمريكية وعلينا أن لا ننسى العلاقات الثقافية والاجتماعية الطويلة بين يهود الولايات المتحدة وإسرائيل. ولكن التظاهر بأن المال لا يلعب دورا وأن لا تأثير لـ”إيباك” على أعضاء الكونغرس هو مجرد مخادعة. و “علينا شكر عمر، النائبة الجديدة لجرأتها على طرح هذا الموضوع الجدلي وكسر “التابو” القديم في العملية السياسية، وحتى لو قامت بعمل هذا بطريقة غير مشذبة وإشكالية”. فقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون مرة “عندما يسألني الناس عن الطريقة التي يمكنهم مساعدة إسرائيل”، “أقول لهم: ساعدوا إيباك”.