“القواسم المشتركة” تفسر دعم أردوغان لمادورو
رجح باحث وكاتب ألماني مختص في الشؤون التركية، أن يؤدي الموقف الأخير لأنقرة من أزمة فنزويلا، إلى اتساع الهوة بين الرئيس رجب طيب أردوغان وحلفائه التقليديين في الغرب.
وكتب طوماس سايبرت في موقع “عرب ويكلي”، أن تركيا اصطفت على نحو صريح بجانب روسيا والصين وإيران وسوريا، إذ فضلت أنقرة أن تدعم الرئيس نيكولاس مادورو بعدما أعلن رئيس البرلمان الفنزويلي، خوان غوايدو، نفسه، رئيسا مؤقتا للبلاد.
وسارعت واشنطن إلى الاعتراف بغوايدو قائلة إن حكومة مادورو باتت غير شرعية، واتخذت عدة عواصم في أميركا الجنوبية قرارا مماثلا، فيما قال الاتحاد الأوروبي إنه سيتبنى الموقف نفسه إذا لم يجر مادورو انتخابات رئاسية وشيكة.
وقام المتحدث باسم الرئيس التركي، إبراهيم كالين، باستخدام وسم “هاشتاغ” (نحن مادورو) الذي راج بشكل واسع بين مستخدمي المنصات الاجتماعية في تركيا.
في غضون ذلك، حرصت منابر إعلامية قريبة من الحكومة التركية على ترويج تقارير تتحدث عن ضغوط اقتصادية على الرئيس الفنزويلي وقارنت ما يحصل في الوقت الحالي بمحاولة الانقلاب على أردوغان في يوليو 2016.
وبحسب الكاتب، فإن أبرز قاسم مشترك بين أردوغان، 64 سنة، ومادورو، 56 سنة، يكمن في الإحباط الكبير من سياسات الولايات المتحدة، إذ تتهم أنقرة وكاراكاس الولايات المتحدة بشن “حرب اقتصادية” على البلدين.
ويضيف سايبرت أن هذه العلاقة بين نظام ذي مرجعية “إسلامية” وآخر يساري، تبدو غريبة، للوهلة الأولى، لكن مادورو وأردوغان تجمعهما الكثير من المصالح المشتركة، وبالعودة إلى الوراء، نجد أن تركيا دعمت فنزويلا حتى قبل الأزمة الحديثة.
ويرى الخبير في الشؤون التركية بجامعة سانت لورانس في نيويورك، هوارد إسينستات، إن رؤية الرئيس أردوغان تجاه العالم ساهمت إلى حد كبير في تمتين العلاقات بين تركيا وفنزويلا.
وأضاف الباحث أن أردوغان ينظر إلى مادورو بمثابة “قلعة مقاومة” ضد الغرب، لاسيما الولايات المتحدة التي توترت علاقتها بتركيا على نحو ملحوظ خلال السنوات الأخيرة.
أما برهانتين دوران، وهو كاتب في صحيفة “ديلي صباح” المقربة من الحكومة، فيرى أن أردوغان لا يقوم سوى برد الجميل، لأن مادورو كان سباقا إلى الإعراب عن تضامنه مع الرئيس التركي عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016.
ويعتقد مؤيدون لأردوغان أنه في حال نجحت مساعي واشنطن للإطاحة بمادورو فإنها ستمضي قدما إلى إزالة زعيم آخر يزعجها في إشارة إلى أردوغان، وبالتالي، فإن عدم نجاح واشنطن في فنزويلا سيحد من الحماس الأميركي لقلب الأمور على الساحة الدولية.
ودأب أردوغان على ترويج نظرية المؤامرة في أكثر من مناسبة من خلال القول بأن الدول الغربية تبذل جهودا دؤوبة حتى لثني أنقرة عن تحويل نفسها إلى قوة دولية.
وإلى جانب هذا الدفء السياسي في العلاقات بين كاراكاس وأنقرة، انتعشت الروابط التجارية بين البلدين، بشكل ملحوظ، ووصلت واردات تركيا من الذهب الفنزويلي إلى مئات الملايين من الدولارات خلال العام الماضي.
وتفرض واشنطن عقوبات على تجارة الذهب الفنزويلية، لكن الذهب الذي تبيعه فنزويلا لتركيا، فيجري صقله داخل البلد العضو في حلف الناتو، قد يكمل طريقه في وقت لاحق صوب إيران، وهذا الأمر يشكل انتهاكا للعقوبات الدولية المفروضة على طهران بسبب أنشطتها المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط.