وجوه

من هي أول امرأة تنافس بوتفليقة على رئاسة الجزائر؟

وصل عدد المواطنين الجزائريين الذين سحبوا استمارات الترشح للانتخابات الرئاسية في 18 أبريل 2018، حتى مساء يوم الثلاثاء 22 يناير 61 مترشحاً منهم أول مرشحة جزائرية حسب بيان لوزارة الداخلية والجماعات المحلية.

ضمّت القائمة الأولية للمعنيين بالانتخابات الرئاسية الجزائرية، اسم أول امرأة قررت الترشح والمنافسة على كرسي قصر المرادية «قصر الرئاسة».

وسحبت نصيرة عزيرة (57 عاماً)، استمارة الترشح، مساء الثلاثاء 22 يناير  2019، وتحذوها رغبة كبيرة في جمع التوقيعات الخاصة بدخول المنافسة المقبلة، وترى ذلك غير مستحيل.

نصيرة عزيرة وجدت في استقبالها أمام وزارة الداخلية والجماعات المحلية وسائل إعلام، اعترفت لها بالتسهيلات المقدمة خلال سحب الاستمارة، وعدم تخوفها للخطوة التي أقدمت عليها.

 

من منطقة معزولة شرق العاصمة… أول مرشحة جزائرية

أول مترشحة للرئاسيات الجزائرية، امرأة عادية من مواليد سنة استقلال الجزائر عن الاحتلال الفرنسي (1962)، وتنتمي إلى دائرة القادرية بولاية البويرة التي تبعد عن العاصمة الجزائرية بنحو 100 كلم شرقاً.

وتقول نصيرة عزيرة في مكالمة مع «عربي بوست» إنها » نشأت وترعرت بين مدينتي القادرية والجباحية حيث تستقر حالياً، وقررت بعد تفكير طويل، دخول معترك الرئاسيات».

وتضيف عزيرة: «أنا من عائلة بسيطة ومجاهدة، امتهنت السياسية، وعرفت كواليسها رغم أني لست معروفة، إذ كنت أنشط من أحزاب سياسية هنا بولاية البويرة خاصة بدائرة القادرية».

ولم تخف المتحدثة صعوبة القرار بالترشح إلى الرئاسيات كونها بالدرجة الأولى «امرأة ريفية»، وكذلك غموض المشهد السياسي الجزائري، لكنها كمواطنة جزائرية لا تريد البقاء في دور المتفرج.

وتقول نصيرة في هذا الشأن: «حقيقة أنا امرأة ريفية، عانت كثيراً من العزلة والتهميش كما هو الحال بالنسبة لمواطني عديد المناطق في الجزائر، لكن ذلك لا يمكنه أن يحرمني حق المشاركة السياسية ومحاولة التغيير».

وتضيف: «هنا بالبويرة الجميع يعرف نصيرة عزيرة، على الرغم من أنني من قرية الجباحية الجبلية، وهذا راجع لنشاطي السياسي ومحاولتي صنع التغيير بكل ما أملك، ووقوفي الدائم مع الطبقة الهشة».

مستوى محدود ولا تخيفها التوقيعات

الأوضاع الصعبة للجزائر بعد الاستقلال، ومحاولة الحكومة حينها بناء ذاتها وبعض البنى التحتية، جعل الحالمين بالدراسة أمام عائق بعد الهياكل أو انعدامها، لذلك كانت أول مترشحة لرئاسيات 2019، محدودة المستوى التعليمي.

واكتفت نصيرة عزيرة بالسنة الأولى من التعليم المتوسط، بعد اجتيازها للمرحلة الابتدائية، ولم تكمل دراستها بالنظر الى الطابع الريفي لمسقط رأسها (القاردية بالبويرة شرق الجزائر)، وبعد الهياكل التعليمية.

وتصرح عزيرة لـ»عربي بوست»: «أنا من عائلة محافظة، والمناطق الريفية في الجزائر وإلى اليوم لا زالت ترى تنقل الفتاة للتعلم في مناطق بعيدة مرفوضاً، خاصة في المراحل المتقدمة (الثانوي)، رغم أن الأمر يختلف الآن مع توفر الكم الهائل للمؤسسات التعليمية بكل البلديات وفي كل المستويات».

في وقتنا تردف: «كان علينا قطع 20 كلم من أجل التعلم بالمتوسطة، لذلك كان الأمر شبه مستحيل، لكن لا أرى في المستوى التعليمي عائقاً لدخول المنافسة في منصب الرئيس، فأغلب البرلمانيين وعدد من الوزراء لا يملكون المستوى العالي».

ويبدو أن قانون الانتخابات في الجزائر، والذي يفرض على المترشح الحر للرئاسيات جمع 60 ألف توقيع من المواطنين، أو 600 توقيع من المنتخبين بالمجالس الوطنية أو المحلية، لا يخيف نصيرة عزيرة.

فالسيدة أكدت لـ»عربي بوست» أنها قادرة على جمع ضعف ما طلب منها، فالوزارة كما قالت «منحتها استمارات جمع التوقيعات، ولها خلايا لجمعها في عدد من ولايات الوطن، ولا تعتقد بأن المواطن البسيط قد يبخل عليها بالتوقيع».

برنامجها «المواطن البسيط»

قررت نصيرة عزيرة الدخول والتنافس على منصب الرئيس، من منطلق واقع الجزائريين البسطاء في كل أنحاء الوطن خاصة على مستوى البلديات الفقيرة، وكذا القرى والمداشر المعزولة والبعيدة عن اهتمام المسؤولين.

وتعتبر نصيرة ترشحها كمواطن بسيط، «يعكس معرفتها بخبايا الحياة القاسية للشعب الجزائري، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لا سيما بالمناطق الريفية والجبلية، أين تنعدم المرافق والبنى التحتية».

فالبرنامج الذي جاءت لتحقيقه لو حالفها الحظ وبلوغ قصر المرادية «يخدم بالدرجة الأولى المواطن البسيط، والمغلوب في أمر، والمحتار لمستقبله ومستقبل أولاده، وبالتالي فالسعي لجعل حياة هؤلاء كريمة هو البرنامج بعينه».

وتضيف: «واقع اجتماعي صعب، ورواتب هشة، وارتفاع جنوني في المواد الاستهلاكية، جعل كل تفكير الشعب الجزائري منصب في تحسين الوضع الاجتماعي، وهو ما يهدف ترشحنا لتحقيقه».

وتعترف عزيرة بمحدودية مستواها التعليمي، لكنها تقر «بأن لديها استراتيجية اكتسبتها من حياتها السياسية سابقاً، ستمكّنها من تجاوز كل العقبات، وبمساعدة اللجنة التي ستدير حملتها وبرنامجها الانتخابي».

لا رائحة لـ»لويزة حنون»

صنعت الأمينة العامة لحزب العمال الجزائري لويزة حنون الحدث في المواعيد الانتخابية السابقة، كونها المرأة الوحيدة التي كانت تتنافس على كرسي الرئيس.

الحزب مع سحب أوراق الترشح للرئاسيات القادمة في 18 أبريل 2019، يلتزم الصمت، ولم يبدِ مشاركته من عدمها.

ويؤكد ياسين داوود، مناضل بحزب العمال، أن «الأمينة العامة لم تبدِ حتى الآن نيتها في الترشح، رغم أن ذلك قد يكون في أي لحظة، خاصة في اجتماع الحزب المقرر في 26 يناير 2019».

وكانت لويزة حنون قد أكدت في لقاء تلفزيوني أن الترشح لرئاسيات 2019، ليس قرارها الشخصي بقدر ما يكون قرار الحزب، وأشارت إلى أن قيادات الحزب ستدرس إن كانت المشاركة قادرة على تغيير الأوضاع الصعبة للبلاد».

ورفضت حنون حسم قرار ترشحها وطالبت بترك ذلك لاجتماعات الحزب وهياكله.

 

القضية ليست يسيرة كما تراه نصيرة

المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية عبدالمجيد صاولة يرى أن القائمة التي كشفت عنها وزارة الداخلية بنحو 61 مترشحاً، تضم أسماء سياسية وناشطين معروفين بالساحة، يمكنهم خلق منافسة على الطريق نحو كرسي الرئيس.

واشار إلى «أن النظام قد جهز نفسه جيداً للحفاظ على مكتسباته، ومن الصعب ترك الساحة والاستسلام بالسهولة التي يتوقعها البعض، كان ذلك بترشح بوتفليقة لولاية جديدة، أو بتحديد مرشح توافقي بين أحزاب السلطة».

أما عن ترشح السيدة نصيرة عزيرة من ولاية البويرة «فيراه حلم مواطن جزائري مشروع، يعطيه القانون حق سحب الاستمارة وإبداء رغبته في دخول المنافسة، وجمع التوقيعات، لكن الأمر ليس سهلاً كما تراه ابنة بلدية الجباحية».

ويضيف عبدالمجيد بالقول: «حتى القائمة التي تضم 61 مترشحاً، وتزيد في الأيام المقبلة، ستمر على غربال المجلس الدستوري، الذي سيقصى العشرات منهم بعد إسقاط القانون عليهم ودراسة التوقيعات التي تم جمعها».

فما دامت شخصيات معروفة يردف المتحدث «تفشل في جمع التوقعات، كما كان الأمر كما روّجت له السلطة في انتخابات 2014 بالنسبة للناشط رشيد نكاز، فكيف سيكون الأمر بالنسبة للسيدة نصيرة عزيرة».

لكن يجب الاعتراف «بأن تقدم هذه السيدة من منطلق الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلد، هو شجاعة منها، ومحاولة لفرض اسمها على الساحة».

بين مساند ومستغرب ممانع

لقي قرار ترشح السيدة نصيرة عزيرة إلى الرئاسيات القادمة تراوحاً بين المساند والمستغرب والممانع للفكرة.

ونشرت صفحة كل شيء عن الجباحية مسقط رأس المترشحة، منشوراً مسانداً لقرار السيدة، وداعياً إلى دعم ومساندة ابنة بلديتهم، وكتبت: «فخر بلدية الجباحية، كلنا خالتي نصيرة».

 

المنشور اتبع بتعليقات أغلبها استغربت القرار، فيما ساند البعض قرار الترشح واعتبره حقاً مشروعاً.

ونشرت الإعلامية الجزائرية ريمة بوصوار منشوراً ساخراً على حسابها الرسمي، تؤكد فيه ترشحها للرئاسيات المقبلة وتساءلت: «هل نصيرة أفضل منها؟»

وكتبت صفحة الجزائر اليوم: «نصيرة عزيرة أول مترشحة تسحب استمارة الترشح لرئاسيات 2019.. يارحم باباك.. أنا قلتلكم عمبالهم كاستينڨ تاع كاش فيلم»، أي «قلت لكم إن الرئاسيات في الجزائر باتت في نظر البعض مسابقة للدخول للتمثيل في فيلم».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى