مبارك رفض ضغوط إسرائيل لتعديل الحدود والتخلي عن دعم الفلسطينيين مقابل استعادة سيناء في 1982
كشفت وثائق سرية للخارجية البريطانية أن الرئيس الأسبق “حسني مبارك” قاوم ضغوطا أمريكية إسرائيلية للتخلي عن الفلسطيين ومقايضة حقوقهم حتى يستعيد أرض سيناء كاملة بعد أسابيع من توليه الحكم عقب اغتيال الرئيس الراحل أنوب السادات.
وقالت الوثائق التي نشرتها بي بي سي ” إن المصريين ليس لديهم نية لبيع مصالح الفلسطينيين سواء قبل أو بعد 25 أبريل 1982″.
وكان من المقرر أن تسلم إسرائيل سيناء كاملة لمصر في 25 أبريل 1982، بموجب معاهدة السلام بين البلدين.
وزار مبارك بريطانيا لمدة يومين في فبراير عام 198، والتقى رئيسة الوزارء في ذلك الوقت “مارجريت تاتشر” في طريق عودته من زيارة للولايات المتحدة ركزت مباحثاته فيها على عملية السلام في الشرق الأوسط المتعثرة.
وثائق بريطانية: جماعة فلسطينية حاولت اغيتال مبارك في لندن..المخابرات المصرية أحبطت المؤامرة
وأشارت الوثائق السرية إلى أن إسحاق شامير، الذي كان وزيرا لخارجية إسرائيل، فشل في الضغط على إدارة مبارك، قبل شهور قليلة من الانسحاب من سيناء، كي تجري تعديلات على الحدود بما يسمح لوجود إسرائيلي في شبه الجزيرة.
موقف مبارك الصارم
وجاء الموقف المصري الصارم، رغم حرص مبارك في ذلك الوقت على أن يتحقق الانسحاب الإسرائيلي باعتباره أحد أهدافه المهمة.
ويقول التقرير: “يظل الانسحاب الإسرائيلي النهائي من سيناء في يوم 25 أبريل، الذي كان يفترض أن يكون تتويجا لإنجاز السادات، أول وأهم هدف لسياسة مبارك الخارجية.”
مبارك يخرج عن صمته: لم أقبل توطين الفلسطينيين في مصر وأنقذت المنطقة من حرب شاملة دبرتها إسرائيل
وفي برقية أخرى إلى إدارة الشرق الأدني وشمال أفريقيا في الخارجية البريطانية، أكدت السفارة البريطانية في روما أن وزير الخارجية المصري “كمال حسن علي” أكد خلال مباحثاته مع المسؤولين الإيطاليين أنه “لا يمكن أن يكون هناك أي رابط بين الموعد المستهدف للحكم الذاتي الفلسطيني و25 أبريل”.
وجاءت زيارة علي لروما بعد زيارة لإسحاق شامير، وزير خارجية إسرائيل إلى القاهرة والتي اُعلن بعدها أنه تمت تسوية كل المشكلات الباقية أمام الانسحاب الإسرائيلي من سيناء.
الحكم الذاتي الفلسطيني
غير أن الوزير المصري أبلغ الإيطاليين، كما تقول برقية السفير البريطاني، بأن شامير طلب إجراء تعديلات على الحدود المصرية في سيناء مع إسرائيل كي يمكن للإسرائيليين البقاء بشكل ما في شبه الجزيرة.
وأشارت البرقية إلى أن الوزير المصري “قال بصرامة إن أي طلب إسرائيلي لتعديل الحدود، أيا يكن ضآلته، لن يكون مقبولا لدى مصر”. كما أبلغ علي الإيطاليين بأن “الحدود حُددت في عام 1906 وتأكدت وقت الانتداب البريطاني في فلسطين”.
وأضافت البرقية أن علي “شدد بإصرار على أن أي تفاهم مصري إسرائيلي بشأن الحكم الذاتي الفلسطيني لن يشكل أي إحجاف بالوضع النهائي للأراضي المحتلة”.
وقد أثيرت هذه المسألة في مباحثات ثاتشر ومبارك الذي أبلغها قائلا إن ” الإسرائيليين حثوا، في مرحلة مبكرة، على ضرورة التوصل إلى اتفاق الحكم الذاتي ( للفلسطينيين) قبل 25 أبريل”.
ونُقل عن مبارك قوله إن مصر ردت بأنه “عندما طلبت في الأصل أن يرتبط الانسحاب (من سيناء) بالحكم الذاتي، رفض الإسرائيليون. فلماذا تُبعث هذه الفكرة من جديد الآن؟”
وأضاف أن إسرائيل لم تجب. وتابع يقول إن بلاده “قالت حيئنذ إنها سوف توافق على إعلان مبادئ (بشأن الحكم الذاتي) معقول ومقبول، لكن هذا لا يمكن أن يرتبط باستكمال الانسحاب”.
اللوبي اليهود هدد مبارك
واستعرض مبارك مع ثاتشر بعض الضغوط التي مارسها عليه اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، وفق ما جاء في محضر لقاء الزعيمين يوم 6 فبراير عام 1982 في مقر ثاتشر الريفي.
وزار مبارك بريطانيا لمدة يومين في طريق عودته من زيارة للولايات المتحدة ركزت مباحثاته فيها على عملية السلام في الشرق الأوسط المتعثرة.
وحسب محضر مباحثات مبارك وثاتشر، فإن الرئيس المصري السابق أبلغ الزعيمة البريطانية بأن “زعيم الجالية اليهودية في أمريكا حثه على الموافقة على بقاء بعض المستوطنين الإسرائيليين في ياميت بعد الانسحاب الإسرائيلي”، وهو “ما رفضه” مبارك.
وفي تفسيره لموقفه، عبر مبارك عن اعتقاده القوي بأن مصر تحلت بقدر كاف من الشجاعة من أجل تحقيق السلام بينما لم تتخذ إسرائيل الموقف نفسه.
وقد “جادل مبارك بأن مصر اتخذت سلسلة خطوات شجاعة لتحقيق السلام. وشجاعتها الآن استنفدت. والدور على إسرائيل الآن كي تظهر بعض الشجاعة”، وفق المحضر.
وتشير الوثيقة إلى أن ثاتشر بدت مدركة للضغوط القوية على القيادة المصرية من جانب اللوبي اليهودي الذي وصفته بأنه “أقوى وأكثر اللوبيات مهنية في العالم”.
وضربت مثالا بموقف هذا اللوبي من انتقادها لهجوم إسرائيل على المفاعل النووي العراقي في 7 يونيو 1981 .