تنافُس حاد غير مسبوق بين حليفَين لدودَين من الأكراد على منصب رئاسة العراق
يلتئم مجلس النواب العراقي، مساء الإثنين، 2018، لانتخاب رئيس للجمهورية، وهو منصب مخصص منذ عام 2005 للأكراد، حيث يشهد للمرة الأولى مواجهة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين المنقسمين منذ عام في أعقاب فشل استفتاء على استقلال إقليم كردستان.
وتأتي عملية التصويت في البرلمان المركزي، غداة انتخابات تشريعية شهدها الإقليم، الذي يتمتع بحكم ذاتي في شمال البلاد منذ عام 1991، والذي يفترض أن تظهر نتائجها المرتقبة بحلول مساء الأربعاء ميزان القوى للحزبين التاريخيين.
ومنذ سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، سيطر الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب الرئيس الراحل جلال طالباني) على منصب رئاسة الجمهورية، بناء على اتفاق ضمني مع منافسه الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني، ما يحفظ للأخير في المقابل منصب رئاسة إقليم كردستان.
ولكن العام الحالي، تبدو المنافسة شرسة، خصوصاً بعد تجميد منصب رئاسة الإقليم، واعتبار الحزب الديمقراطي الكردستاني الاتفاق السابق في حكم المُلغَى، خصوصاً أنه صاحب الكتلة البرلمانية الكردية الأكبر في بغداد.
سباق بين حليفَين لدودَين
تنحصر المنافسة لخلافة فؤاد معصوم، بين مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، رئيس الوزراء السابق في الإقليم نائب رئيس الوزراء في حكومة نوري المالكي بين عامَي 2006 و2010 برهم صالح، والمرشح المدعوم من الاتحاد الوطني الكردستاني المنافس فؤاد حسين، الرئيس السابق لديوان رئاسة إقليم كردستان.
وبالتالي، فقد دخل الحزبان في معركة سياسية حامية في بغداد، حيث كثف مرشحاهما من جولاتهما ولقاءاتهما في العاصمة وجنوب البلاد، سعياً للحصول على دعم مختلف الفرقاء السياسيين الذين يمتلكون العدد الأكبر من النواب الذي يمكنهم من تشكيل الحكومة المقبلة.
فبرهم صالح (58 عاماً)، شخصية معتدلة تمتلك مزايا مقنعة لبغداد، لكنه في موضع انتقاد من قِبل الجماعات المؤيدة للإستقلال في أربيل.
وفي الجهة المقابلة، يقدم الحزب الديمقراطي الكردستاني للمرة الأولى فؤاد حسين (69 عاماً) كمرشح يلقى دعم بارزاني، مهندس الاستفتاء على الاستقلال في أيلول/سبتمبر الماضي.
ويعرف حسين بأنه من قدامى المعارضين لنظام صدام حسين، ويمتلك نقاط قوة أيضاً في بغداد، خصوصاً أنه كان، إلى جانب صالح، عضواً في مجلس الحكم العراقي المؤقت الذي أسسه الأميركيون بعد غزو العراق في عام 2003.
وإضافة إلى ذلك، فإن حسين كردي شيعي، في حين أن الغالبية العظمى من الأكراد سُنة، ويمكن لذلك أن يكسبه دعماً كبيراً من المسؤولين في بغداد، ومعظمهم من الشيعة.
وتنعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية عند الساعة 20,00 (17,00 ت غ) من الإثنين (17,00 ت غ)، ما يفتح الباب أمام الأكراد لاستغلال ساعات الصباح سعياً لإبرام اتفاق يؤدي إلى تنازل أحد المرشحين وتقديم شخصية واحدة للتصويت داخل البرلمان حفاظاً على وحدة الصف الكردي، بحسب ما يشير مراقبون.
المرحلة المقبلة: الحكومة
بحسب الدستور العراقي، يفترض أن يتم انتخاب الرئيس قبل الأربعاء المقبل، ويشترط حصول المرشح على ثلثي أصوات النواب.
وفي حال عدم التوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، الإثنين، تؤجل الجلسة إلى اليوم التالي على أن تبقى مفتوحة إلى حين انتخاب رئيس.
وبمجرد انتخاب رئيس كردي للجمهورية، بعدما سبق للبرلمان أن اختار في سبتمبر/أيلول الماضي السني محمد الحلبوسي رئيساً له، تبقى تسمية الشخصية الرئيسة في السلطة، وهو رئيس الوزراء، المنصب المحفوظ للشيعة.
وبالتالي، على رئيس الجمهورية أن يكلف خلال 15 يوماً من انتخابه، المرشح الذي تختاره الكتلة البرلمانية الأكبر لتشكيل الحكومة.
ولم يعلن رسمياً حتى الآن عن التحالف الأكبر وسط تنافُس بين معسكرَين: الأول هو ذلك الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، والذي تخلى عنه عدد من حلفائه، والثاني هو الذي شكّله الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر مع قدامى القياديين في الحشد الشعبي، الذي كان له دور حاسم في دحر تنظيم الدولة الإسلامية من البلاد.