السوريون وراء انتشار السرطان في لبنان
يعاني اللاجئون السوريون في لبنان من استشراء العنصرية ضدهم في البلد التي يقطنها نحو مليون ونصف مليون منهم في ظروفٍ قاسية. ولا تكفُّ بعض وسائل الإعلام المحلية عن تناول حوادث تدل على مدى استفحال الظاهرة؛ ففي وقتٍ تستمر فيه جهود النشطاء المدنيين في التصدي لها أيضاً، يُحرق طفل سوري، أو يمنع ذووه من التجول، أو يكون مادة سخرية في بعض البرنامج التلفزيونية.
آخر فصول هذه الظاهرة جاءت عبر موقع قناة MTV اللبنانية، والذي نشر مقالاً بعنوان «السرطان يجتاح لبنان.. وسببان يساهمان في انتشاره».
التقرير يزعم أن النازحين السوريين كانوا أحد أسباب انتشار السرطان بلبنان في العام 2018، ويشير إلى أن «الالتهابات المتزايدة بفعل تكاثر النازحين السوريين في لبنان تتسبّب بشكل غير مباشر في مرض السرطان، فهؤلاء، بسبب الظروف السيئة التي عانوها مرغمين، يأتون ببكتيريا خطيرة قد تخلق الأمراض لدى الإنسان».
منظمة «هيومن رايتس ووتش» كانت أجرت دراسةً تصف ما يحدث بـ «الصادم». وتكشف الدراسة عن حجم الانتهاكات التي تحدث بحق الأطفال السوريين اللاجئين في لبنان خلال دراستهم بالمدارس الرسمية، ففي حين يتعرض السائرون منهم للعديد من المشاكل كملاحقة الأطفال اللبنانيين لهم وضربهم وسلب مالهم، أكدت 30 عائلة للمنظمة أن «أبناءها تعرضوا للمضايقة والتحرش، لأسباب منها جنسيتهم.
وقالت 9 عائلات إن أطفالها تعرضوا لاعتداءاتٍ جسدية من قِبل أطفال آخرين، تحدَّث لاجئون وعمال إغاثة عن حالات متعددة لأطفال لبنانيين بقوا في المدرسة بعد انتهاء الدوام الصباحي للتحرش بالأطفال السوريين الذين يدرسون في الدوام المسائي».
وأكدت المنظمة في دراستها المعنونة بـ «إنقاذ جيل من الضياع في لبنان يكبرون بلا تعليم»، أن «من تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة في عام 2015-2016، وعددهم نحو 82.744 طفلاً لم يسجَّل منهم في المدارس اللبنانية سوى نسبة لا تتجاوز 3% فقط».
وتقول أم سورية تدعى حليمة (30 عاماً)، إن «الناظر يدوس على أرجلهم ويسحبهم من شعرهم، لا يوجد أي احترام للطالب أو الأهل، كما أن المعلمين يهينون الأطفال في الفصل، ويصفونهم بالبقر والحمير، المعاملة المختلفة التي يلقاها الأطفال السوريون تجعل عقولهم تنغلق»، كما خلصت دراسة أخرى أجرتها جامعة لبنانية بين ديسمبر عام 2015 وفبراير عام 2016 إلى أن «20% من الأطفال السوريين ليس لديهم كتاب ومستلزمات مدرسية، حيث قالت عائلتان من العائلات التي قابلناها إن المعلمين يُمضون الوقت في كتابة رسائل نصية على هواتفهم الخلوية، ولا يهتمون بالطلاب».
تشير الباحثة مريم عوف، في حديثها عن «العنصرية اللبنانية تجاه السوريين»، بأصابع الاتهام إلى وسائل الإعلام؛ إذ تقول إن ما يميز ظاهرة «العنصرية» ضد السوريين في لبنان أنها تتغذى على منظومة أفعال تكرسها بعض عناصر النخبة من رجال سياسة ووسائل الإعلام، حيث تؤكد مصادر لبنانية أن وسائل الإعلام المحلية تخوض حملات تهويل وتخويف مبالغ فيها تجاه اللاجئين السوريين، عملت على تكريس خطاب تحريضي، وانتهجت لغة التهويل والتخويف من اللاجئين.
وتبدو بعض المبررات لتحقيق أهداف هؤلاء غربية للغاية، فمن التخويف من أثر تكاثر الولادات في صفوف النازحين على التوازن الديمغرافي بين المسيحيين، والمسلمين، إلى تحميل الإعلام اللبناني السوريين مسؤولية أزمة النفايات الشهيرة خلال الشهور الماضية؛ بل قالت صحيفة «النهار» اللبنانية إن «زيادة تدهور نوعية الهواء كانت بعد اللجوء السوري»، فحسب الصحيفة، السوريون هم من أسباب تدهور نوعية الهواء في لبنان، بعد تزايد أعدادهم إلى مليون و800 ألف لاجئ.
وضمن انتهاج سياسة التخويف من اللاجئين، نشرت «النهار» صورة يوحى التعليق عليها بأن «النازحين السوريين ينحدرون من الصحراء وغير متحضرين».
أما موقع قناة MTV اللبنانية، فقد نشر تقريراً عن قضية زواج السوريات باللبنانيين بعنوان «سوريات ينافسن اللبنانيات.. حتى في هذه!»؛ هدف إلى التحذير من خطر إدخال اللبنانيات في دائرة «العنوسة»؛ لأن السوريات لم يتركن «عرساناً» للبنانيات.
أما في البث التلفزيوني، فقد بثت حلقة تلفزيونية ضمن برنامج ينتمي إلى فئة الكاميرا الخفية ويسمى «هدي قلبك»، يظهر فيه شاب سوري يريد إجراء مقابلة عمل ليُمارَس عليه أنواع التشبيح والترهيب؛ إذ يظهر عنصر مسلح من فريق البرنامج ويطلب منه شهادة القيادة، والهوية الشخصية، ثم يلقي عليه كمية من الشتائم والصراخ والتهديد، كما يظهر شخصٌ آخر يطلب من الشاب ما هو مهين، كخلع ملابسه والركض بعد وضع العصا في لباسه الداخلي والهتاف بعبارات من قبيل «بدنا خبز، بدنا حرية»، كل ذلك تحت تهديد السلاح والاعتقال.
ولم يصدر أي تصريح رسمي لإدانة ما نشرته MTV حتى الآن، وسط غياب أي محاولات جادة من طرف الدولة اللبنانية لإيقاف حالات التنّمر والعنصرية ضد السوريين.