الأسد يحشد القوات لأدلب.. روسيا وإيران يريدان معركة حاسمة.. تركيا لا تريد القتال .. المعارضة تنتظر هجوم قوات النظام
على الأرض، يحشد النظام السوري الآلاف من المجندين لتعزيز قواته المستنفدة. في البحر، يستقر أسطول بحري روسي قبالة الساحل في حالة تأهب للتدخل بقوة نارية ضاربة. في محافظة إدلب، الملايين من المدنيين يرتجفون رعباً مما هو قادم.
تستعد الأطراف المتحاربة في الحرب الأهلية السورية الضروس التي دامت طويلاً لهجومٍ وحشي آخر، قد يكون هو الأخير.
وبحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية فإن الهجوم الوشيك على محافظة إدلب هو الهجوم الذي يأمل النظام بدمشق أن يكون الضربة العسكرية الأخيرة التي تتلقاها قوات المعارضة المسلحة ومؤيدوها من المدنيين الذين انتفضوا قبل أكثر من 7 سنوات مطالبين بتغيير النظام.
وفي الوقت الذي ترى فيه سوريا وحلفاؤها الروس والإيرانيون أنَّ الفرصة سانحةً لسحق قوات المعارضة الباقية، يحذِّر القادة الغربيون من كارثة إنسانية في إدلب، حيث يعيش ما يُقدَّر بـ3 ملايين مدني.
وقد لاذ الكثير من غير المقاتلين الآن بالفرار من إدلب إلى مناطق أخرى من سوريا؛ هرباً من وحشية قوات نظام بشار الأسد. وكان عشرات الآلاف من الأشخاص قد نُقِلوا بالحافلات إلى المحافظة كجزءٍ من صفقات الاستسلام مع النظام.
قال ستافان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، إنَّ هجوم النظام الوشيك على ما يُعتَقد أنَّه نحو 30 ألف مقاتل من المعارضة هو «عاصفة عاتية قادمة أمام أعيننا».
وأعربت تركيا كذلك عن قلقها الشديد من الهجوم، الذي قد يُحمِّلها وطأة التداعيات الإنسانية والأمنية.
ولدى تركيا قوات على الأرض في إدلب، بهدف الفصل بين القوات السورية وقوات المعارضة، وجنودها قد يجدون أنفسهم عالقين وسط الهجوم. وتستضيف تركيا أيضاً أكثر من 3 ملايين لاجئ فرّوا من أتون الحرب الأهلية. وفي ظلأزمة اقتصاديةواستياء متزايد من السوريين الموجودين بالفعل في البلاد، فإنَّ تركيا لا تريد المزيد.
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أن تحرير الشام تعتقل كل من يحاول الاستسلام في إدلب وتستعد للمعركة، واحتشدت قوات النظام في جنوب وغرب منطقة قوات المعارضة في إدلب.
تضم إدلب أكثر من مليوني شخص، نزح العديد منهم من مناطق أخرى في سوريا. وحشدت روسيا، حليفة النظام، سفناً حربية وطائرات قبالة السواحل السورية لإجراء تدريبات عسكرية من المقرر أن تبدأ اليوم السبت 1 سبتمبر، وهي على الأرجح مقدمة لشن هجوم. وكانت جماعة المعارضة المهيمنة في الشمال الغربي، هيئة تحرير الشام، تابعة في السابق لتنظيم القاعدة، وتوعَّد النظام بتدميرها.
وأعلنت هيئة تحرير الشام، إلى جانب فصائل معارضة أخرى أكثر اعتدالاً، اعتقال عشرات من «دعاة المصالحة» لمنع الناس من الانضمام إلى النظام السوري.
وأكد نشطاء مؤيدون للمعارضة في إدلب حدوث الاعتقالات. ويسيطر نظام بشار الأسد، بدعم من روسيا وإيران، على البلاد بقبضة من حديد. وخلال الأشهر الستة الماضية تمكَّنت قواته من السيطرة على مواقع المعارضة الرئيسية مثل الغوطة الشرقية قرب العاصمة دمشق ودرعا في الجنوب. وسمحت الصفقات بين النظام وقوات المعارضة، التي توسَّط فيها الروس، بإجلاء آلاف المدنيين إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، في حين نُقِل المسلحون إلى محافظات أخرى، خاصةً إدلب.
لا صفقات بعد اليوم
وقال قيادي بارز في هيئة تحرير الشام إنَّ الهيئة لن تعيد إبرام اتفاقات مصالحة كما فعلت في الغوطة ودرعا. فقال حمزة الفاروق، القيادي بالهيئة، في تصريحٍ للمنفذ الإعلامي للجماعة، إباء: «ستظل هيئة تحرير الشام هي السيف البتار الذي يقطع رؤوس الخونة والمفسدين».
يدعم بعض المدنيين هذا النهج، حتى إن لم يكونوا منحازين إلى هيئة تحرير الشام. فقال عبدالملك الشيخ، وهو ناشط في محافظة إدلب، إنَّ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف «أراد أن يدخل إدلب عن طريق المصالحة، لكن لحسن الحظ ليس لدينا الكثير من الضفادع هنا» (في إشارة إلى بسام ضفدع، عميل النظام الذي سهل عملية سقوط الغوطة بيد قوات الأسد)، واستخدم لفظاً مهيناً يصف به الراغبين في الاستسلام.
وقال حذيفة القحطاني، وهو مقاتل بهيئة تحرير الشام في إدلب: «لا أعتقد أنَّه ستكون هناك تسوية سياسية في إدلب. وأعتقد أنَّه ستقع معركة ضارية في الأيام القادمة». وقالت جينيفر إنَّ هيئة تحرير الشام تعتقل الأشخاص المتهمين بدعم «المصالحة» مع نظام الأسد لإظهار عدم رغبتها في قبول اتفاقٍ كهذا. وأضافت: «التزمت هيئة تحرير الشام بالدفاع عن إدلب، وعلى الأرجح ستفعل ذلك عسكرياً». ولا يوجد خيار جيد متاح أمام المدنيين في المحافظة. إذ سيعني نشوب معركة على الأرجح سقوط الآلاف من القتلى المدنيين ودمارٍ هائل. في حين أنَّ المصالحة ستعني عودة الحكومة.