موسكو تضع شرطاً لوقف الهجوم علي ادلب
تتواصل المفاوضات بين مختلف الأطراف، حول مصير إدلب، آخر أبرز معاقل الفصائل المقاتلة وهيئة تحرير الشام بسوريا، في محاولة لتجنب هجوم واسع النطاق يحضّر له النظام السوري لاستعادة المحافظة، فيما حذرت الأمم المتحدة من أنه قد يؤدي إلى كارثة إنسانية كبرى.
وتستعد قوات النظام السوري لما قد يكون المعركة الأخيرة الكبرى في النزاع الدامي الذي تشهده البلاد منذ 2011، لاستعادة محافظة إدلب عقب سيطرتها على العديد من معاقل المعارضة المسلحة في مختلف أنحاء البلاد هذا العام.
وتحاول هيئة تحرير الشام التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، وتركيا استخدام نفوذهما لتجنب هجوم واسع النطاق على إدلب.
شرط فرضته موسكو
وقال رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن «المفاوضات إلى الآن لا تزال مستمرة بين المخابرات التركية وهيئة تحرير الشام والفصائل (الجهادية)».
وترغب روسيا، التي ساعد تدخلها العسكري في 2015 لدعم النظام السوري في استعادة قوات النظام للأراضي التي خسرتها في الأيام الأولى للنزاع المستمر منذ 7 سنوات، في تفكيك هيئة تحرير الشام، بحسب ما قال عبدالرحمن.
وأضاف: «هذا هو الشرط الذي فرضته موسكو لتجنب عملية عسكرية واسعة النطاق، التي يبقى شنها أو تعليقها رهينة فشل أو نجاح المحادثات مع هيئة تحرير الشام».
علاقة تركيا بهيئة تحرير الشام
وفي تصريحات نشرتها في وكالة «إباء» التابعة لهيئة تحرير الشام، يبدو أن الهيئة تترك الباب مفتوحاً لحل تفاوضي.
وقالت الهيئة إن «موضوع حل الهيئة – إن صح – فهو أمر داخلي يناقش داخل مجلى شورى الهيئة.. وليس عبر إملاءات داخلية أو خارجية».
وأضافت: «نحن في هيئة تحرير الشام نسعى جاهدين للوصول إلى حل ناجع في الشمال المحرر يحفظ أهلنا من عدوان محتمل للنظام المجرم وحلفائه».
وفيما تدعم تركيا فصائل مسلحة من المعارضة في إدلب، إلا أن نفوذها على الهيئة التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة، ليس واضحا، وحذر عبدالرحمن من أن فرص النجاح ضئيلة.
وقالت المحللة إليزابيث تيومان، من معهد دراسات الحرب «ستادي اوف وور»، إن «علاقة تركيا بهيئة تحرير الشام معقدة وأفضل وصف لها هي أنها عداوة تعاونية».
«جرح متقيح»
وتملك كل من تركيا وروسيا وإيران «نقاط مراقبة» في إدلب في إطار اتفاق إقامة مناطق «خفض التوتر» الذي تمت الموافقة عليه العام الماضي ويهدف إلى خفض العنف في المحافظة.
ولكن ومع اقتراب هجوم النظام يعزز الجيش التركي نقاط مراقبته الـ12 هناك.
وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي عادل الجبير ألمح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن الهجوم ربما أصبح وشيكاً.
وقال: «من الضروري الفصل بين ما يسمى المعارضة المعتدلة وبين الإرهابيين، وفي الوقت ذاته تحضير عملية ضدهم مع تقليل المخاطر على المدنيين».
وأضاف: «يجب تصفية هذا الجرح المتقيح».
كما أجرى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس الأربعاء، محادثات لم تعلن مسبقاً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة.
«كارثة إنسانية»
استمر الاجتماع بين جواد ظريف وأردوغان زهاء الساعة، إلا أنه لم ينشر أي شيء عما دار فيها.
وذكر الإعلام الروسي هذا الأسبوع أن موسكو تعزز تواجدها العسكري في المنطقة وأصبح لديها 10 سفن وغواصتان في المياه السورية.
وأثار احتمال شن هجوم واسع بدعم من روسيا لاستعادة المحافظة البالغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة -نحو نصفهم قد نزحوا- المخاوف من وقوع مأساة إنسانية أخرى.
وأبدى مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، الخميس، استعداده للتوجه إلى إدلب من أجل المساهمة في «تأمين ممر إنساني».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذر، أمس الأربعاء، من «الخطر المتنامي لحدوث كارثة إنسانية في حال حصول عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة إدلب في سوريا».
ومن بين المخاوف الرئيسية أن يقوم النظام السوري باستخدام أسلحة كيميائية، بعد أن اتهمه الغرب باستخدام هذه الأسلحة العام الماضي في عملية ضد الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية.
كما أن محافظة إدلب شكلت وجهة لإرسال عناصر الفصائل المقاتلة والمدنيين الذين تم إجلاؤهم من جيوب معارضة بموجب «اتفاقات تسوية» في الأشهر الأخيرة.
والمقاتلون الذين يرفضون اتفاقات مماثلة في إدلب ليس أمامهم أي مكان للتوجه اليه، ما يزيد من فرص حصول معارك أكثر دموية في حال شن هجوم واسع النطاق.
وذكر معهد «صوفان غروب» أن إدلب «شكلت ملجأ للمقاتلين والمدنيين اليائسين، ولكن الآن لا توجد إدلب أخرى يمكن أن يفروا إليها».