وول ستريت جورنال: تنظيم داعش يزيد من جهوده للحفاظ على سمعته
قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن تنظيم «داعش » يواصل رغم هزائمه العسكرية بناء «ماركته» على الإنترنت. وفي مقال أعده سون إنجل راسموسين أشار فيه لخسارة تنظيم داعش معظم مناطقه في كل من العراق وسوريا ويحاول المواصلة والتنافس مع بقية الجماعات الجهادية الأخرى لكن المجال الاهم الذي يمكن للتنظيم ان يواصل فيه أفكاره هو الإنترنت أو «السايبرسبيس». فقد كان هذا المجال هو الأداة الأقوى للتنظيم كي يبني ماركته ويجلب له الأتباع من حول العالم عبر البروباغاندا وأحيانًا المزاعم الكاذبة. وأصبح التنظيم بحاجة للحفاظ على مفهوم إنه قادر على تشكيل تحركات أتباعه مهم خاصة بعد انهيار كل المناطق التي كانت تحت سيطرته وكذا ما أطلق عليها الخلافة.
وأصبح دور الإنترنت مهماً في دعاية التنظيم بعدما زعمت مواقع تابعة للتنظيم أن شخصاً قام بطعن أمه وأخته حتى الموت في فرنسا وأنه استجاب لدعوات مهاجمة أبناء الدول المشاركة في الحملة الدولية لإضعاف وهزيمة تنظيم الدولة. ورد وزير الداخلية الفرنسي على مزاعم التنظيم قائلاً إن الجاني كان غير مستقر نفسياً. وجاء الزعم بعد يوم من بث التنظيم ما قال إنه تسجيل صوتي لزعيمه أبو بكر البغدادي وهو الأول منذ عام تقريباً حيث حث فيه أتباعه على مهاجمة المدن الأوروبية. وفي أكتوبر العام الماضي زعم التنظيم أنه ألهم السفاح ستيفن بادوك الذي قام بإطلاق النار على تجمع في لاس فيغاس وقتل 59 شخصاً كانوا يحضرون حلة موسيقية.
وبعد شهر زعم التنظيم انه زرع قنبلة في طائرة كانت متجهة إلى بريطانيا حيث توقفت في باريس لفحص ما قال عنه المسؤولون «تهديداً أمنياً مباشراً» ولكن السلطات البريطانية والفرنسية نفت الخبر. كما زعم التنظيم أن الرجل الذي هاجم كازينو في العاصمة الفلبينية مانيلا في يونيو2017 كان «جندياً» من جنود الخلافة رغم ما أعلنته عنه السلطات أن الجاني كان مقامراً يعاني من الديون وحاول الحصول على مليوني دولار. كل هذه المزاعم تكشف عن النظرة التي ينظر منها التنظيم للدعاية حيث يعتبرها «صواريخ» تطلق ضد الإعلام الرئيسي. فالتهديدات والمزاعم بتنفيذ هجمات تهدف لتدمير معنويات العدو.
وفي معظم الحالات التي لم تستطع فيها السلطات الربط بين المهاجم في الغرب وتنظيم الدولة فإن التحقيق يكشف لاحقاً أنه كان من المستهلكين لدعاية التنظيم. ويتعامل هذا مع «حروب المعلومات» بالقدر نفسه الذي يتعامل فيه مع المعارك العسكرية. ويرى تشارلي وينتر، الباحث في معهد دراسة الراديكالية والعنف السياسي في لندن «يستخدم تنظيم الدولة الدعاية كامتداد لأساليبه العسكرية». وقال في مقابلة هذا العام إن «الإرهاب هو طريقة للتواصل أكثر من أي شيء آخر».
وفي دراسة مسحية لحوالي الف صفحة على الفيسبوك لمشروع مكافحة التطرف الذي يتابع اتباع التنظيم في 96 دولة بما فيها دول بعيدة مثل ناميبيا والأرجنتين وجمهورية الدومينكان أظهرت الكيفية التي توسع فيها تأثير التنظيم وأفكاره والأماكن التي يوجد له فيها «جنود» قد يعودون للقتال من أجله.
وقال روبرت بوستينغ الباحث الذي شارك في إعداد الدراسة «إن وجود شبكة تنشر دعايته وتوسعه يعد مفتاحاً رئيسياً» و «بهذه الطريقة يواصلون التأثير ويستطيعون دفع الذين يلهمونهم للتشدد».
كل هذا في وقت تقلص فيه وجود التنظيم الجهادي على الأرض خاصة في سوريا والعراق. ففي الأولى أصبحت هيئة تحرير الشام التنظيم الجهادي السائد فيما تعتبر القاعدة الأكثر تأثيراً في دول أخرى. ولكن لا تستطيع أي منهما منافسة التنظيم على المجال الإلكتروني حيث تعتمد هذه على الخطب والملصقات والتجمعات العامة وما إلى ذلك.
في الوقت الذي يستخدم فيه تنظيم «الدولة» الإنترنت لتوجيه أتباعه القيام بعمليات إرهابية. فالمدبر الرئيسي لهجمات باريس عام 2015 هو بلجيكي من أصل مغربي قام بعد عودته من سوريا بإنشاء خلية ضمت أفراداً تولوا أمر الاستكشاف حيث سافروا في كل أنحاء أوروبا وجمعوا له المعلومات حول أهداف محتملة واستخدموا مئات صفحات الفيسبوك. ولم ينتبه المسؤولون على الفيسبوك للمعلومات المزيفة قبل الهجوم. ويقوم الفيسبوك بالبحث عن محتويات مؤيدة لتنظيم الدولة وحذفها. إلا أن مئات الصفحات التي تعود للمتعاطفين مع الجهاديين لا تزال فاعلة.
ففي عام 2016 قام قراصنة مؤيدون للتنظيم بنشر أسماء أكثر من 70 جندياً أمريكياً قالوا إنهم شاركوا في الغارات على سوريا والعراق وجاء في بيان لمجموعة أطلقت على نفسها «فرقة القرصنة لتنظيم الدولة» «اقتلوهم حيث وجدتوهم وأطرقوا على ابوابهم واذبحوهم واطعنوهم وأطلقوا على وجوههم أو فجروهم». وكلما حاولت المخابرات الغربية مهاجمة دعاية تنظيم الدولة على الإنترنت عادت للظهور من جديد.
وفي عملية شاركت فيها كندا والولايات المتحدة وست دول أوروبية في إبريل نجحت في استهداف تطبيق وواجهات للتنظيم ولكن عاد بعد أيام، الكثير منها. ويتخذ التنظيم خطوات احترازية كي لا يتم حذف الحساب من وسائل التواصل الإجتماعي من خلال حسابات رديفة. وفي إشارة للطريقة التي يعمل فيها أنصار التنظيم أشار وينتر إلى ظهور أكثر من مئة حساب على التطبيق المشفر «تلغرام» وفي يوم واحد هذا الربيع. ورفض التطبيق التعليق على ما جاء في التقرير ولكنه وعد العام الماضي بمنع حسابات تابعة للتنظيم ولكنه فعل بعد تهديد دول منعه.