لماذا لا تريد أمريكا وإسرائيل اغتيال قاسم سليماني؟
عندما تسمع عن عملية عسكرية بالعراق أو سوريا أو حتى في اليمن، مؤيِّدة للشيعة، تذكر دوماً أن وراءها الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
هذا الرجل، الذي يكتنف الغموض تحركاته في المنطقة القريبة من طهران، هدد قبل أيامٍ، الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بقوله: «لا ننام إلا ونفكر فيك، وقواتي بالقرب منك».
التصريح المثير لسليماني دفع البعض لافتراض وضعه من قِبل ترمب على قوائم الاغتيالات، على غرار زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، لكن ثمة مؤشرات خطيرة وتداعيات أخطر قد تهدد المصالح الأميركية إذا ما أقدمت واشنطن أو تل أبيب على هذه الخطوة، بحسب تقرير لصحيفة “ديلي بيست” الأمريكية.
عقد من الضربات ضد القوات الأميركية
منذ أكثر من عقد مضى، يتحرَّش المقاتلون التابعون للواء الإيراني قاسم سليماني بجنود أميركيين ويقتلونهم بفاعلية كبيرة في العراق، لدرجة أنَّ الكثير من الضباط الأميركيين الذين خدموا هناك، ومن ضمنهم جيمس ماتيس، الذي أصبح الآن وزيراً للدفاع، لم ينسوا ذلك الأمر أو يسامحوا فيه قط.
ومؤخراً، أصبح سليماني، بصفته القائد الأعلى لأقوى الميليشيات الشيعية في العراق، هو الحاكم الفعلي هناك. ويُعَد عملاؤه، ومن ضمنهم حزب الله اللبناني، محوريِّين في بقاء نظام بشار الأسد في سوريا. وللعمليات السرية التي نظَّمها فيلق القدس التابع له، تاريخ طويل من استخدام الإرهاب في معاقبة أعداء إيران بالعالم، من الجزيرة العربية وحتى الأميركتين.
أحد الأسباب المعلنة لانسحاب ترمب من الاتفاقية النووية مع إيران وإعادته فرض عقوبات اقتصادية متشددة، هو محاولة إلجام سليماني. ويُعَد سليماني تجسيداً لـ»الفوضى والإرهاب»، اللذين أدانهما ترمب في شهر مايو 2018، عندما اتهم إيران بتأجيج الصراعات في المنطقة ودعم «الوكلاء الإرهابيين» الذين «فجَّروا السفارات والمنشآت العسكرية الأميركية، وقتلوا مئات الموظفين الأميركيين، واختطفوا وسجنوا وعذَّبوا مواطنين أميركيين».
لكنَّ سليمان رفع الرهانات عندما سخر من الرئيس ترمب مباشرةً وكأنه يقول: «أرني ما يمكنك فعله»، متحدياً القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية العاطفيَّ أن يُسقطه، ومهدِّداً بعواقب مخيفة لو حاول ترمب فعل ذلك.
وقال سليماني بلهجة مشؤومة، في ظهورٍ تلفزيوني الشهر الماضي «لا تمر ليلة ننام فيها دون التفكير فيك. أيها السيد المقامر ترمب، إنَّنا قريبون منك بشكل لا يمكنك توقُّعه».
هل سيصبح سليماني هدف ترمب القادم؟
وبحسب الموقع الأميركي، قطعاً سيكون سليماني هدفاً مغرياً لترمب، الذي قد يحاول تصوير القضاء على الجنرال الإيراني بأنَّه عمل أكثر أهمية من قضاء باراك أوباما على أسامة بن لادن في الماضي. لكن سليماني ليس مختبئاً على النحو الذي كان عليه أسامة بن لادن.. إنَّه يظهر ليلتقط صوراً في أرض المعركة، ويلقي خطابات تظهر لاحقاً على الشبكات الاجتماعية، وضمن ذلك صفحته الشخصية على إنستغرام، التي تحظي بـ68 ألف متابع. وربما لا يكون وجه سليماني ذو اللحية المشذَّبة بدقة وشعره المصفف بعناية، الذي ابيَضَّ كله الآن، وعيناه السوداوان العميقتان- مألوفاً للإيرانيين كما هو حال وجه المرشد الأعلى ووجه رئيسهم، لكنَّه قطعاً قريب من ذلك.
إذاً، فإنَّ سليماني هدفٌ مُغرٍ لكلٍّ من ترمب وإسرائيل، التي تشعر بالقلق من الميليشيات المسلحة التي ساعد سليماني في تنظيمها بسوريا. ومع ذلك، فثمة تردُّد كبير داخل المؤسسة الأمنية الأميركية، وفي إسرائيل أيضاً، عندما يتعلق الأمر باستهداف شخصيات مهمة مثل سليماني، مهما بلغ خطره.
إذ قال مسؤول سابق كبير بالأمن القومي الأميركي، خدم في فترة حكم أوباما: «ليس سليماني مجرد قائد عسكري؛ بل أيضاً زعيم سياسي كبير داخل إيران. ويُنظَر إليه باعتباره شخصية بارزة جداً، لدرجة أنَّ استهدافه شخصياً سيَعُدُّ الإيرانيون عملاً بالغ الاستفزاز إلى حد أنَّه سيشعل شرارة التصعيد».
إسرائيل في حيرة تقتله أم لا؟
وكان العميد بجيش الدفاع الإسرائيلي، عساف أوريون، كتب ورقة بحثية في شهر يوليو/تموز 2018، لمعهد دراسات الأمن القومي بتل أبيب، دافع فيها عن استهداف فيلق القدس، ولو أنَّه لم يدعُ لهجومٍ على سليماني نفسه. وقال أوريون لموقع The Daily Beast الأميركي: «نحن هنا بصدد الحديث عن منظمة ومؤسسة. يمكن رؤية ثمار هذا التنظيم بلبنان، وفي سوريا، وبالعراق، وهي الآن تستهدف الناقلات في مضيق باب المندب، وتطلق الصواريخ صوب الرياض. يمكنك رؤية هذه المنظمة بكل عمل لإلحاق الضرر. طالما تحارب الوكلاء فقط، فستراهم يعاودون الظهور والتجدد. إذا أردت، فتوقَّف عن مطاردة التوابع، واستهدف المصدر ذاته».
وكانت الولايات المتحدة صنَّفت فيلق القدس منظمة إرهابية قبل سنوات، مُتَّهِمةً إياه بدعم عناصر من طالبان أفغانستان والميليشيات العراقية الشيعية التي تستهدف القوات الأميركية، والتآمر لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، وإدارة مؤامرات تزوير وغسل أموال، وتقديم الصواريخ للمتمردين اليمنيين الذين يقاتلون الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، ونقل أسلحة وعسكريين عبر الخطوط الجوية التجارية في المنطقة. وتنظر إسرائيل إلى سليماني باعتباره زعيم هذه الخطة الطموحة لتجنيد وتدريب وتجهيز ودعم الميليشيات المتزايدة جنوب سوريا بالقرب من إسرائيل.
وقالت صحيفة كويتية مغمورة أواخر العام الماضي (2017)، إنَّ إسرائيل تلقت ضوءاً أخضر من إدارة ترمب لاستهداف سليماني. ولم يعتبر الكثيرون أنَّ لهذا التقرير مصداقية كبيرة، لكن بالنظر إلى تشدد شخصيات في إدارة ترمب بشأن قضية إيران، مثل مستشار الأمن القومي جون بولتون، فمن المحتمل ألا يستغرق الأمر كثيراً من الوقت حتى يوافق البيت الأبيض على مثل هذه المغامرة، بحسب الموقع الأميركي.
وقال المسؤول البارز في إدارة أوباما: «بوجود ترمب وبولتون، فإنَّني أشعر بأنَّ الإسرائيليين لو تقدَّموا للإدارة بأي شيء يريدون فعله ضد الإيرانيين في المنطقة، فإنَّ الإدارة لن تمانع».
ومن شأن قتْل مسؤول حكومي بارز مثل سليماني أن يكون أمراً غير مسبوق، وهو ما يكافئ اغتيال جنرال ذي 4 نجوم مسؤول عن قوات العمليات الخاصة في الجيش الأميركي.
وعلى الرغم من وقوف سليماني خلف القوات التي قتلت مئات الجنود الأميركيين في العراق، فإنَّ نحو 6 مسؤولي استخبارات وضباط أمن قومي سابقين وخبراء -على اطلاع بما يجري في واشنطن- أخبروا The Daily Beast بأنَّ الولايات المتحدة لم تفكر قط بجدية في استهداف سليماني مباشرةً بالطريقة ذاتها التي استهدف بها الأميركيون بن لادن، أو زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي، بحسب الموقع الأميركي.
الأمر سيفتح أبواب جهنم على الأميركيين
قال مايكل نايتس، الباحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، للموقع الأميركي: «سيكون أمرٌ كهذا حساساً للغاية؛ إذ لا تزال هناك محادثات غير رسمية ومُرسَلة بشأن الخيارات التي قد تكون متاحة لقتل أشخاص بعينهم. ولا تُسمع مثل هذه المحادثات عن سليماني قط».
ولما كان مايكل دوروثي بحاراً قبالة سواحل لبنان في الثمانينيات، شهد الهجمات التي وقعت على القوات الأميركية في بيروت على يد سليماني أو أسلافه، وبعد ذلك بعقود، عايش الوابل الصاروخي الذي استهدفه هو وزملاءه حين كان عضواً بفريق إعادة إعمار المناطق جنوب العراق، التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
وقال دوروثي: «أُطلِقَت علينا الصواريخ، وكانت هناك عبوات ناسفة على جانب الطريق كانت تُشكِّل تهديداً لنا ولجنودنا. لكن بالنظر إلى أنَّنا في البصرة كنا على بُعد 20 كيلومتراً فحسب من الحدود العراقية، وكانت هذه الحدود مفتوحة بشكلٍ كبير- فإنَّني لا أعتقد أبداً أنَّ الإيرانيين استخدموا قدراتهم الكاملة ضد أيٍّ من بعثاتنا. لقد كانت أفعاله ضد البعثة الأميركية في العراق موزونة للغاية. ولم يكن الأمر شخصياً تماماً».
ووصف كثيرون فكرة استهداف سليماني بأنَّها ستأتي بنتائج عكسية، قائلين إنَّ الأمر ينطوي على مخاطر جمة دون أية فوائد مضمونة. ومن المشهور أنّ سليمانيتواصل عام 2008 مع الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس؛ لإعلامه بأنَّه الشخص الذي يمكنه وقف الهجمات الصاروخية التي تستهدف القواعد الأميركية في العراق. ومنذ ذلك الحين، استطاعت الولايات المتحدة التواصل بصورة غير مباشرة مع سليماني عبر أكراد العراق ومسؤولين آخرين. وقال المسؤول البارز في الأمن القومي الأميركي إبَّان إدارة أوباما، إنَّ الولايات المتحدة فكَّرت في التواصل المباشر مع سليماني؛ ليطلبوا منه كبح جماح الميليشيات التي تقصف القوات الأميركية حين كانوا يحاولون الانسحاب من البلاد عام 2011.
ومن بين كبار المارقين ومثيري المشكلات وأمراء الحرب الفاعلين في ألعاب الاختراق والحيل بالشرق الأوسط، فإنَّ سليماني شخص يمكنك الحديث معه على الأقل.
وقال مسؤول سابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، خدم في العراق وعمل على الملف الإيراني: «ثمة تاريخٌ عامٌّ متنوع من جهود الولايات المتحدة للتواصل. ما يزال سليماني وغداً، لكنَّنا نعرف عقليته. نحن نعرفه. ما يفعله ليس سراً».
خطر آخر غير الانتقام الإيراني قد يمنع محاولة اغتيال سليماني
وبحسب الموقع الأميركي، ثمة اعتبار آخر؛ إذ يُشبِّه بعض المسؤولين السابقين سليماني بـ»هو تشي منه» (الزعيم السابق لفيتنام الشمالية الذي دعم حركة الفيت كونغ) على نحوٍ ما، لكنَّه يشرف على زمرة من الشبان الأكثر جسارة وجرأة وأشد قسوة، يتوقون إلى العمل ونيل الاعتراف بهم. لو تخلصت من الحاج قاسم، كما يُعرَف سليماني بين مؤيديه في العالم الشيعي، فإنَّ السلطة قد تنتقل إلى يد شاب صعب المراس أكثر تهوراً وشغفاً لصنع اسمٍ لنفسه. وقال المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية: «لو كان ثمة جيل أصغر وأشد قوة ينتظر فرصة لاستغلالها، فإنَّني أُفضِّل البقاء مع الجد».
لو اغتالت الولايات المتحدة أو إسرائيل سليماني بطائرة من دون طيار في سوريا، فإنَّ إيران قد تجد نفسها مُجبَرةً على الرد بتفجير سفارة أو ربما أحد ممتلكات ترمب، وذلك حتى قبل اندلاع المظاهرات المعادية لأميركا ومواكب العزاء. وحينها سيتعيَّن على الأميركيين الرد. وماذا بعد..؟ في حين قد يُولِّد قتل الحاج قاسم عناوين أخبار حماسية في إسرائيل والولايات المتحدة، فإنَّه سيؤدي أيضاً إلى صداع لا يمكن توقعه.
قال مجتبى موسوي، محرر موقع أخبار Iran Views المحافظ ومقره طهران: «سيؤدي فعلٌ كهذا إلى رد قوي من إيران، ولن تربح إسرائيل أكثر من حملة علاقات عامة».
وحذَّر المسؤول الكبير في إدارة أوباما من أنَّ البيت الأبيض ينبغي له عدم البدء بشيء ليس مستعداً لإنهائه. وقال: «لو كانوا يفكرون في هذا الأمر، فهل يفعلون ذلك وهم مُتحسِّبون للخطوة الثانية والثالثة والرابعة في هذا المنزلق شديد الانحدار؟».
إسرائيل توقفت في اللحظة الأخيرة خوفاً من اغتياله
وذكر مايكل نايتس (من معهد واشنطن)، حادثة لم تُوثَّق جيداً في السنوات الأخيرة، حين كان الإسرائيليون يهمُّون بتنفيذ واحدة من ضرباتهم الجوية المعتادة ضد قائد يُشتبه في انتمائه
إلى حزب الله بجنوب سوريا، فإذا بهم يُبلَّغون أنَّ سليماني ربما سيكون هناك. فاختاروا وقف الضربة.
وقال نايتس: «لو أصيب سليماني بأزمة قلبية غداً فلن يبكي عليه أحد، لكنَّ قتله سيكون عملاً حقيقياً من أعمال الحرب».
ومع ذلك، فإنَّ خطاب سليماني، الذي ألقاه بأمان من داخل مدينة همدان الإيرانية، كان خطاباً محسوباً بعناية، وجاء رداً على تغريدة كتبها ترمب بالبنط العريض، ربما لم تكن محسوبة. فمنذ أيام قلائل، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: «ينبغي للأميركيين أن يفهموا أنَّ السلام مع إيران هو أُمّ كل سلام، وأنَّ الحرب مع إيران هي أُمّ كل حرب». ورد ترمب على ذلك، قائلاً بالبنط العريض: «إيَّاك أن تهدد الولايات المتحدة أبداً، وإلا فستعاني عواقب لم يعانِ مثلها إلا قليلون عبر التاريخ».
فردَ سليماني قائلاً: «أنت تعرف أنَّ هذه الحرب ستدمر كل ما تملك. ستبدأ هذه الحرب، لكنَّنا سنكون الجانب الذي يفرض نهايتها. لذا، ينبغي أن تحذر إهانة الشعب الإيراني ورئيس جمهوريتنا».
وتابع سليماني: «أنت تعرف قوتنا بالمنطقة وقدراتنا في حربٍ غير متكافئة. سنتحرك وسنعمل… لا تمر ليلة ننام فيها دون التفكير فيك. أيها السيد المقامر ترمب، إنَّنا قريبون منك بشكل لا يمكنك توقُّعه».
وضاعف سليماني من استهزاءاته المحسوبة عندما سخر من إخفاقات الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان، وقال إنَّ القوات الأميركية كانت بحاجة لإمدادات من «حفّاضات البالغين».
ولا بد من أنَّ تحذير سليماني من أنَّ رجاله يرصدون المصالح الأميركية قد دقَّ نواقيس الخطر بين المسؤولين الأميركيين وحلفائهم في إسرائيل ودول شبه الجزيرة العربية وما وراء ذلك.
ويشعر المسؤولون الأوروبيون بالغضب بسبب مؤامرة مزعومة من جانب عناصر في قوات الأمن الإيرانية لتفجير اجتماع للمعارضة الإيرانية بباريس نهاية شهر يونيو/ حزيران 2018، حضره عددٌ كبير من المسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى، من ضمنهم محامي ترمب، رودولف جولياني. (على الرغم من إلقاء القبض على دبلوماسي إيراني في فيينا وعدد كبير من المشتبه فيهم الآخرين، فإنَّ الحكومة الإيرانية أصرَّت على أنَّ هذه العملية «زائفة» تهدف إلى إدانة طهران)، بحسب الموقع الأميركي.
وقال فيليب سميث، الأستاذ بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمتابع من كثب لتحركات إيران والقوات المدعومة إيرانياً في الشرق الأوسط: «يقول سليماني إنَّ لدينا أشخاصاً يراقبون الأميركيين. سيضعه هذا الأمر تحت الرادار، ومن المؤكد أنَّه سيرفع درجته كقوة معادية».
يأخذ كل الاحتياطات من أجل سلامته
وقال المسؤول السابق في إدارة أوباما إنَّه على الرغم من كون سليماني «شخصاً مشهوراً»، فهو أيضاً بالأساس المُتزعِّم لكل شيء تفعله إيران يزعزع استقرار المنطقة، فكيف يمكن أن يسوء الأمر أكثر من ذلك؟».
وعلى الرغم من ارتفاع مكانة سليماني، فإنَّه يتخذ الكثير من الاحتياطات. ففي العراق، عادةً ما يكون محاطاً بحشود من مقاتلي الميليشيات. وفي سوريا، يتمتع بحماية دولة بشار الأسد. وقال ديفيد ويتي، العقيد السابق بقوات العمليات الخاصة الأميركية والذي خدم في العراق: «يبدو أنَّ سليماني يحظى بتأمين جيد فعلاً».
وعندما تظهر صورة سليماني على الشبكات الاجتماعية، فإنَّها عادة ما تكون مقصوصة بعناية وتكون بعض الوجوه مشوشة، وتظهر هذه الصور على الإنترنت بعدما يكون قد غادر الموقع بفترة جيدة. وقال العميد اللبناني المتقاعد طنوس معوض، وهو خبير أمني يدير شركة بحثية استشارية: «دائماً ما يتحرك سليماني بتكتم شديد، وعلى نحوٍ غير متوقع، ودون سابق إنذار أو جدول زمني مسبق».
وتهدف إجراءات الحماية هذه إلى حمايته من الجماعات الجهادية التي تقاتل الحكومات الموالية لإيران في بغداد ودمشق، بالقدر نفسه الذي تهدف به إلى حمايته من أي هجوم أميركي أو إسرائيلي محتمل. وقال نايتس: «إنَّني متأكد من أنَّ داعش سيحاول قتله لو استطاع تحديد موقعه»، بحسب الموقع الأميركي.
وقلَّل العميد الإسرائيلي المتقاعد يوسي كوبرفاسر من مخاطر التصعيد. فحتى لو قُتِل سليماني في هجومٍ أميركي أو إسرائيلي، فإنَّ النظام في طهران سيكون لديه من الحكمة ما يكفي للإحجام عن أي خطوات من شأنها إثارة مواجهة شاملة. فقال كوبرفاسر: «الإيرانيون ماهرون في لعب الشطرنج؛ ولهذا لا أعتقد أنَّهم سيقامرون بخسارة الوزير والملك أيضاً».
ويُعد كوبرفاسر، الرئيس السابق للأبحاث بشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، واحداً من أعلى الأصوات ضد إيران، لكنَّه يقول إنَّه يعارض أي عملية اغتيال ما لم يكن ثمة خطر وشيك.
وقال كوبرفاسر: «لستُ مغرماً بهذا النوع من الأعمال. فالأمر ليس متعلقاً بهذا الشخص أو ذاك. إنَّنا نتعامل مع نظام، منظمة، أيديولوجيا. ليس هو المقصود. إنَّه شخص سيئ للغاية، لكن ثمة مئات مثله بين قوات الأمن الإيرانية والقيادة الإيرانية».