المنافع الاقتصادية للدول المستضيفة للمهاجرين
تثير الهجرة الكثير من الأسئلة في بلدان الاستقبال، حيث ينقسم المثقفون والسياسيون بشأن أثرها الاقتصادي؛ ليبرز التساؤل هنا: هل المهاجرون نقمة أم نعمة؟
وبين البطالة والنمو والمالية العامة تتنوع التقييمات، وتختلف الأوضاع كثيراً بحسب بلدان الاستقبال والفترة ونوعية المهاجرين (عائلات او مهاجرين اقتصاديين او لاجئين).
كيف تؤثر الهجرة على سوق العمل؟
في تقرير نُشر في يونيو الماضي، أشارت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلى أن «أزمة اللاجئين فاقمت القلق لدى الرأي العام إزاء الفوائد المفترضة للهجرة» وسط شعور بالقلق بشأن «الأجور أو الوظائف».
ورأت إيمانويلا أوريول، من معهد تولوز للاقتصاد، أنه «من الخطأ» القول: إن استقبال المهاجرين «يفاقم البطالة». ولفتت إلى أن «المهاجرين يتولون أعمالاً تكون في غالب الأحيان شاغرة، سواء في قطاع البناء، أو المطاعم، أو الخدمات الفردية».
والميزة الأخرى للهجرة، بحسب مجموعة الأبحاث بي إس اي إيكونوميكس، هي أن تدفق المهاجرين يزيد الطلب، ويحفز الاستهلاك، ما «يؤدي على الأرجح إلى استحداث وظائف» في القطاعات الاخرى.
وفي العام 2012 قدّرت اللجنة الاستشارية للهجرة، وهي هيئة بريطانية شبه عامة، بـ 160 ألفاً عدد البريطانيين الذين لم يعثروا على عمل في السنوات الخمس التي سبقت بسبب المنافسة الناجمة عن الهجرة.
وفي دراسة نشرت في 20 يونيو الماضي، قدرت منظمة التعاون والتنمية أن عدد العاطلين عن العمل يمكن «أن يرتفع بنحو 6 بالمئة»، بحلول ديسمبر/كانون الأول 2020 في ألمانيا، في غياب إجراءات تساعد «اللاجئين على الحصول على عمل».
وعلى الرغم من أن هذا أثر سلبي، لكن العديد من الخبراء الاقتصاديين قالوا: إنه ظرفي، حيث أكد الباحث أنتوني ايدو أنه «في المعدل وعلى الأمد البعيد، تتفق الدراسات على أن الهجرة لا تترك أثراً سلبياً على العمل».
تدفق المهاجرين يحفز الاستهلاك ,يؤدي على الأرجح إلى استحداث وظائف بقطاعات أخرى
ما أثر الهجرة على النمو؟
يقول جان كريستوف دومون، رئيس قسم الهجرة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية: «ما من شك في أن الهجرة ترفع الناتج الإجمالي» في دول الاستقبال عبر تحريك الاستهلاك والنشاط الاقتصادي.
وفي دراسة نشرت منتصف يونيو الماضي خلص باحثون فرنسيون أيضاً وتحديداً بشأن طالبي اللجوء وبناء على قاعدة بيانات 15 بلداً أوروبياً، إلى أن تدفق المهاجرين يزيد الناتج الإجمالي لكل فرد بما قدره 0,32 بالمئة كل سنتين.
وأشارت أوريول إلى أنه «في غالب الأحيان، يكون المهاجرون الواصلون لا يملكون شيئاً وهم بحاجة لكل شيء»، مضيفة: «منحهم المال يؤدي إلى نوع من خطة الإنعاش».
وعلى الأمدين المتوسط والبعيد عادة ما يكون ميل المهاجرين إلى الأعمال أكبر. وبحسب دراسة لجمعية «ناشونال فنتشر كابيتال» على عينة من عشرة آلاف مهاجر في الولايات المتحدة، فقد تبين أن 62 منهم أسسوا شركات، وهي نسبة أعلى مرتين منها لدى مواطني البلاد.
وبحسب خبراء اقتصاد معهد «ماكينسي غلوبال»، فقد ساهم المهاجرون بنحو 10 بالمئة في الناتج الإجمالي العالمي في 2015، في حين أنهم لا يمثلون إلا 3,4 بالمئة من سكان العالم.
ما أثر الهجرة على المالية العامة؟
وكثيراً ما ينظر إلى الهجرة كعامل سلبي على المالية العامة، خصوصاً في دول مثل فرنسا وإيطاليا المثقلتين بالديون. وكثيراً ما يدل على ذلك على أن المهاجرين يحصلون على منح اجتماعية تفوق ما يقتطع منهم.
وهي فكرة مسبقة، بحسب أنتوني أيدو الذي يرى أن الأثر الضريبي للهجرة «متعادل»؛ لأنه في مقابل أن الدولة توفر الحماية الاجتماعية للمهاجرين، فإن هؤلاء هم في الغالب شبان ويعملون.
وبحسب منظمة التعاون والتنمية، فإن الأجانب أكثر تمثيلاً في المنح الاجتماعية في السنوات الأولى لوصولهم، لكنهم يساهمون لاحقاً في الاقتصاد بالنظر إلى أعمارهم التي تجعلهم أقل وطأة على معاشات التقاعد.
ولفت تيتو بويري، مدير الضمان الاجتماعي الإيطالي، هذا الأسبوع، إلى أن بلاده التي تعاني تراجعاً ديموغرافياً بحاجة إلى مهاجرين لدفع معاشات متقاعديها. ونصح بالإبقاء على تدفق قانوني للمهاجرين؛ لضمان توازن صناديق التقاعد الإيطالية.