العبادي صاحب الفضل بهزيمة داعش يدفع ثمن فشله في محاربة الفساد
يبدو أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي يُحسب له “النصر” على تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، دفع ثمن فشله في محاربة الفساد من قِبل ناخبيه الذين يطالبون بالأفعال لا بالأقوال.
وفي وقت توقَّع فيه كثيرون أن يكون العبادي، المدعوم من المجتمع الدولي، متصدراً للانتخابات التشريعية، جاءت النتائج الجزئية محبِطة له نوعاً ما، بمعاقبة من الناخبين، الذين صاروا يطلقون عليه لقب “صاحب شعار سوف وسوف”.
ودعا العبادي كل الكتل السياسية، الإثنين 14 مايو/أيار 2018، إلى احترام نتائج الانتخابات البرلمانية، وقال إنه مستعد للعمل مع الكتل الفائزة لتشكيل حكومة خالية من الفساد.
وقال العبادي، في خطاب تلفزيوني على الهواء، إنه مستعد للعمل والتعاون في تشكيل أقوى حكومة للعراق خالية من الفساد.
وشكَّل العراقيون مفاجأة سياسية بإيصال قائمتين مناهضتين للتركيبة السياسية الحالية لتتقدما الانتخابات التشريعية، بحسب ما أظهرته نتائج جزئية رسمية، بفارق كبير عن العبادي.
يقول المحلل السياسي هشام الهاشمي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن “الناخبين شعروا بالصدمة حين أتى العبادي بشخصيات تُعتبر من صقور حزب الدعوة وجعلهم وجوهاً بارزة في ائتلاف النصر”.
هل أطاح الحشد الشعبي به؟
ويضيف الهاشمي أن “الكل كان يعتقد أن ائتلاف النصر سيكون شبيهاً بائتلاف سائرون من حيث اختيار الشخصيات الشابة والوجوه الجديدة، لكن في الواقع جاء رئيس الوزراء بوجوه صُنفت على أنها كانت مشتركة في الحكومات المتوالية على مدى 15 عاماً، وإنجازاتها لم تكن بالمستوى المطلوب”.
يرى مراقبون أن أول أخطاء العبادي، الحاصل على دكتوراه بالهندسة الكهربائية من جامعة مانشستر البريطانية، هو تشكيل تحالف مع “الفتح” الذي يضم قيادات من فصائل الحشد الشعبي وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، والذي سرعان ما انهار بسبب رد فعل الشارع.
أما الخطأ الثاني، وفق مراقبين، فهو السماح لشخصيات تناوبت في المناصب خلال السنوات الـ15 الماضية، بأن تترشح على لائحته.
ولا تشمل النتائج الجزئية الرسمية التي ظهرت ليل الأحد/الإثنين، تصويت القوات الأمنية والمغتربين والنازحين، الذين يمكنهم تغيير المعطيات بعد فرز أصواتهم.
“لم يكن شجاعاً”
أبرز الاتهامات التي تكال ضد العبادي هي انعدام مصداقيته في محاربة الفساد الذي استشرى بالبلاد، وأبقى الأمر مجرد وعود من دون تطبيق على أرض الواقع.
وخلال فترة حكمه، شرَّع البرلمان قانون العفو العام، الذي سمح لعدد كبير من حيتان الفساد بالإفلات من العقاب والعودة إلى ممارسة أدوارهم بشكل طبيعي.
يقول الصحفي كاظم عجرش، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن “العبادي لم يكن شجاعاً كفاية للإطاحة برموز الفساد، رغم الدعم الكبير من المرجعية والجماهير. بقي متردداً حتى عاد الفاسدون مجدداً”.
ووعد العبادي في أكثر من مناسبة، بأنه سينتصر على الفساد “كما تم تحقيق النصر على الإرهابيين”.
ويرى التاجر الأربعيني عامر العامري، أنه “كانت أمام العبادي فرصة فريدة لم يستغلها. اليوم يدفع ثمن فشله عندما تمسَّك بحزبه والفاشلين من حوله”.
ويضيف: “لو كان صارماً بقراراته في ضرب الفاسدين كما دحر داعش، لحظي بولاية ثانية”.
ويُجمع العديد من الناخبين على أن بقاء العبادي ضمن حزب الدعوة، كان أحد أسباب تعرضه لهذا الخذلان.
وانقسم حزب الدعوة، الذي كان معارضاً لنظام صدام حسن، إلى جناحين في الانتخابات الأخيرة؛ الأول بقيادة العبادي والثاني بقيادة سلفه نوري المالكي.
ووسط الضغط الشعبي على العبادي، الذي نجح في استعادة الأراضي التي استولى عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” في زمن المالكي، قرر خوض الانتخابات بعيداً عن رفيقه في الحزب، الذي يعتبره كثيرون سبباً في سقوط ثلث البلاد بيد الجهاديين.
لكن العبادي، الذي حظي للمرة الأولى بتأييد في المناطق السُّنية، وخصوصاً بمحافظة نينوى التي جاء فيها أولاً، لم يبتعد كثيراً عن تأثيرات حزبه.
ويعتبر محمود الداود أن “شجاعته في معالجة بعض الملفات لم تكن بمستوى التأييد الذي حظي به”.
ويضيف أن “إصراره على استقطاع الرواتب رغم تحسُّن أسعار النفط، وإصراره على الخصخصة وهو يعلم علم اليقين أن قطاع الكهرباء واحد من أبرز بؤر الفساد في العراق، كانا لهما أثر كذلك”.
ويرى الداود أن “لوبي رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، في الحكومة الحالية يعمل على إفشال تجربته”.