مسيحيو القدس يواجهون حربا على ثلاث جبهات
يواجه الوجود المسيحي في القدس القديمة، خطرا مصدره المستوطنون اليهود المتشددون، الذين يتبنون إستراتيجية قائمة على ثلاثة محاور، حيث يتعرض رجال الدين المسيحيين لإساءات لفظية وجسدية، كما تحاول الحكومة الإسرائيلية فرض ضرائب على الكنائس، فضلا عن محاولات لسن قانون إسرائيلي يسمح بمصادرة أملاك الكنائس.
فبحسب تقرير نشرته صحيفة “الغارديان”، سجلت حالات تعرض رجال دين مسيحيين للإيذاء اللفظي والجسدي في القدس القديمة، هذا إلى جانب تخريب ممتلكات خاصة بالكنائس.
وتصاعد التوتر هذه السنة في الأحياء المسيحية والأرمنية الواقعة في القدس القديمة، والتي تضم كنيسة القيامة، ذات الأهمية الدينية الكبيرة بالنسبة للمسيحيين، حيث تحدث بطريرك القدس للروم الأرثوذكس، ثيوفيلوس الثالث للصحيفة البريطانية قائلاً: “تواجه الكنيسة اليوم تهديدا يعد الأخطر في تاريخها، على أيدي بعض المجموعات من المستوطنين المتشددين، ممن يواصلون محاولاتهم لتقويض الوجود المسيحي في القدس”.
وأضاف ثيوفيلوس الثالث: “شهدنا خلال السنوات القليلة الماضية تدنيسا وتخريبا غير مسبوق لعدد من الكنائس والأماكن المقدسة المسيحية، كما وصلتنا أعداد كبيرة من التقارير من كهنة ومصلين، تعرضوا لاعتداءات دون أن يتم معاقبة المهاجمين”.
وتشعر كنيسة الروم الأرثوذكس في القدس بالقلق إزاء السيطرة على ممتلكاتها بالقرب من بوابة يافا، والتي تمثل المدخل الرئيسي للحي المسيحي والأرمني.
ومن المتوقع صدور حكم قضائي في وقت لاحق من هذا العام، بشأن بيع متنازع عليه لفنادق “إمبريال” و”بتراء”، وذلك بعد أن طعنت الكنيسة في الاتفاق الذي عقده مسؤول في عهد البطريرك السابق.
وتقول الكنيسة، بأن منظمة “عطيرت كوهانيم” الاستيطانية، تقف وراء شراء عقارات ذات أهمية إستراتيجية كبيرة، وذلك ضمن خطة تتبناها، لتعزيز التواجد اليهودي في المدينة القديمة.
وأنكر دانييل لوريا من “عطيرت كوهانيم” اتهامات الكنيسة بأن المنظمة تريد إخراج المسيحيين من القدس القديمة، حيث قال: “تؤمن المنظمة بالتعايش مع المسيحيين والمسلمين جنبا إلى جنب، بدون أي حدود أو سياج، في أي مكان بالقدس”.
وأضاف دانييل: “إن فكرة عدم السماح لليهود بالعيش في مناطق معينة غير مقبولة. فالمسيحيون والمسلمون العرب، اشتروا عقارات، ويعيشون جنبا إلى جنب مع اليهود في الأحياء التي تقطنها غالبية يهودية، فلماذا لا يستطيع اليهود، أو لا ينبغي عليهم شراء عقارات، أو العيش في مناطق ذات أغلبية عربية”.
وكانت السلطات الإسرائيلية أمرت في وقت سابق من فبراير الماضي، بتعليق حسابات كنائس القدس كافة، في محاولة لإجبارها على دفع ضريبة أملاك لبلدية الاحتلال، حيث تقول إسرائيل، إن هناك ديونا مستحقة على كنائس القدس، تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار أميركي.
وردا على القرار الإسرائيلي، أعلن ممثلو الكنائس في القدس المحتلة، إغلاق كنيسة القيامة إلى أن تتراجع إسرائيل عن قرار الحجز على الحسابات المصرفية للكنائس.
ولم يتم إلغاء الإغلاق إلا بعد تدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي شكل لجنة للنظر في مسألة ضرائب الكنيسة، كما أوقف مؤقتا قانونا مقترحا لمصادرة أراضي الكنائس، التي يمكن بيعها لمطوري القطاع الخاص.
ويحظى مشروع القانون المذكور بدعم 40 من أعضاء الكنيست، الذين يقولون إن الكنيسة الأرثوذكسية التي تمتلك حوالي ثلث الأراضي في البلدة القديمة، ومواقع رئيسية حول القدس، بما في ذلك الأرض التي بنيت عليها الكنيست، ومكاتب حكومية إسرائيلية والمتحف الإسرائيلي، تبيع الأراضي بأسعار مخفضة للمطورين، الأمر الذي يهدد مصالح المستأجرين.
وكان ثيوفيلوس الثالث قد سافر خلال الشهور القليلة الماضية إلى بريطانيا والفاتيكان والولايات المتحدة وأماكن أخرى حول العالم، للحصول على دعم المؤسسات المسيحية، للحفاظ على الوضع الراهن في القدس، ووقف التجاوزات الإسرائيلية في المدينة القديمة.