تزايد الضغط على ماكرون مع اتساع نطاق التظاهرات
استقبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بصيحات استهجان خلال قيامه بزيارة الى بلدة في شرق البلاد الاربعاء في الوقت الذي يواجه فيه ضغوطا متزايدة مع اتساع نطاق الاحتجاجات الطلابية وبدء جولة رابعة من الاضرابات في قطاع السكك الحديد في غضون شهر.
ويواجه ماكرون (40 عاما) التحدي الاكبر في رئاسته التي قاربت على العام مع احتجاجات سائقي القطارات والطلاب وعمال القطاع العام على اصلاحاته الاقتصادية.
واستقبل ماكرون خلال زيارة الى سان دي ديه فوج بصيحات استهجان وصفير نقابيين من قطاع التجارة من الكونفدرالية العامة للعمل “سي جي تي” والتي تترأس الجهود من اجل التصدي للمشاريع الاصلاحي للرئيس.
وقال ماكرون “يمكن ان نكون على خلاف لكن علينا احترام بعضنا البعض”، وطلب مجددا من العمال المضربين وقف تحركهم الذي بدأ في مطلع الشهر الحالي وسيستمر حتى اواخر يونيو.
وتم تسيير واحد من كل ثلاثة قطارات فائقة السرعة “تي جي في” وواحد من كل أربعة قطارات بين المدن، على ان يكون الامر مشابها الخميس مع الدعوة الى جولة جديدة من التظاهرات الحاشدة والاضرابات في مختلف انحاء البلاد.
ودُعي موظفو القطاع العام والعاملون في مراكز التقاعد والطلاب الى التظاهر الخميس وذلك للمرة الثانية بعد 22 اذار/مارس عندما نزل نحو 300 الف شخص الى الشوارع.
لكن خلافا للمرة السابقة، فان مترو باريس سيواجه بلبلة بعد أن أعلنت النقابات عزمها الاضراب، بينما حذر مسؤول نقابي من قطع “محدد” للتيار الكهربائي ضمن حملة من أجل انشاء شركة وطنية جديدة للكهرباء.
الثلاثاء، اعتصم طلاب في كلية العلوم السياسية في باريس بعد سلسلة جامعات أخرى احتجاجا على اصلاحات يقول معارضوها انها ستؤدي الى تراجع في الخدمات العامة.
وكُتب على لافتة علقت من احدى نوافذ الجامعة التي خرّجت عددا من كبار السياسيين من بينهم الرئيس نفسه “طلاب العلوم السياسية ضد دكتاتورية ماكرون”.
– ثابت في موقفه –
وشدد ماكرون على انه لن يتراجع عن موقفه بتحسين القطاع العام الذي يحظى بقسم كبير من نفقات الدولة.
ودافع ماكرون الاربعاء عن اجراءات اخرى لا تلقى تأييدا على غرار زيادة الضرائب على المتقاعدين وخفض السرعة القصوى في الطرق الرئيسية الى 80 كلم في الساعة في مسعى للحد من الحوادث القاتلة.
وقال ماكرون لاحد المارة “انهم في الشارع لانهم لا يريدون أي تغيير”، مضيفا “اذا تنازلت حول السرعة القصوى او امام عمال السكك الحديد … فستكون النهاية”، مشددا “لن يعود عندها بوسعنا الثبات او القيام بأي شيء”.
وكشف استطلاع للرأي أجراه معهد “ايفوب-فيدوسيال ونشر الاربعاء ان 58% من الفرنسيين مستاؤون من ادائه، في ما يتوافق مع احصاءات اظهرت ان شعبيته تقارب 40%.
ويواجه ماكرون الذي يزور المانيا الخميس للتباحث مع المستشارة انغيلا ميركل معارضة لمقترحاته من أجل اصلاح الاتحاد الاوروبي بعد البرودة التي أبدتها برلين إزاء بعض مشاريعه.
– اقرار مشروع اصلاح السكك الحديد –
لكن رغم المعارضة لمقترحاته، فان هناك دوافع تحمل ماكرون على التفاؤل. فالبلبلة في السكك الحديد أقل بالمقارنة مع الاضراب في الايام السابقة عندما لم يتم تسيير سوى واحد من أصل سبعة من القطارات السريعة وقالت الشركة الوطنية للسكك الحديد “إس إن سي إف” الشركة العامة المشرفة على القطارات في فرنسا ان عدد المضربين تراجع بشكل حاد الى 19,8% من القوى العاملة بالمقارنة مع 34% في مطلع الشهر الحالي.
الثلاثاء صوت مجلس النواب بالاجماع لصالح مشروع قانون من أجل اصلاح السكك الحديد بتأييد 454 نائبا ومعارضة 80 آخرين بحيث سيتم الغاء التوظيف مدى الحياة وضمانات التقاعد المبكر من أجل توظيف عاملين جدد اعتبارا من الاول من كانون الثاني/يناير 2020.
يأمل ماكرون في ان تتم المصادقة على اصلاح السكك الحديد امام مجلس الشيوخ سريعا لقطع الطريق أمام المتظاهرين.
وصرحت وزيرة العمل مورييل بينيكو لقناة “فرانس 2” ان “الديموقراطية تدعو النقابات الى ايجاد حل من أجل المضي قدما وليس الى الوراء”.
في جامعة ستراسبورغ، في شرق البلاد، أظهر استطلاع شمل 16 الف طالب ان 72% يؤيدون استئناف الدروس ما يدعم وجهة نظر الحكومة بان أقلية من المشاغبين وراء حركات الاعتصام.
كما هناك اربعة فقط من اصل 70 جامعة مغلقة بشكل تام بينما تعرضت تسع جامعات اخرى لبلبلة في عملها.
الا ان هذه التظاهرات لا تزال بعيدة عن الاضرابات الشاملة في القطاع العام التي ارغمت حكومة اليمين آنذاك على التراجع عن اصلاحاتها للتقاعد في 1995 أو تظاهرات مايو 1968 عندما تحولت باريس الى ساحة مواجهة بين السلطات وطلاب وعمال.