8 تجارب طبية غير أخلاقية أبشعها وقعت في المعسكرات النازية
تقوم جمعيات حقوق الحيوانات حول العالم بتنظيم مظاهرات من وقت لآخر للمطالبة بالكف عن استخدام الضفادع والفئران وغيرها في التجارب الطبية التي تؤدي غالباً إلى موت تلك الحيوانات أو إصابتها بالأمراض، لكني أتساءل ماذا سيكون موقف هؤلاء إن علموا أن بعض الأطباء كانوا يجرون تجارب غير أخلاقية على البشر بحجة السعي لفهم الطبيعة البشرية أو إيجاد علاج لأمراض معينة؟
تجارب غير أخلاقية على البشر
ينقذ التقدم الطبي حياة الناس، لكن أحياناً ما يدع العلماء آمالهم في تحقيق الطفرات تتعارض مع السبل الأخلاقية للوصول إلى مآربهم.
فمثلاً، أصدرت الولايات المتحدة اعتذاراً رسمياً إلى غواتيمالا بسبب التجارب التي أجرتها في أربعينيات القرن العشرين، والتي تضمنت إصابة المساجين وذوي الأمراض العقلية بعدوى الزهري.
حيث أن مشروع جواتيمالا هو مجرد واحد من ضمن العديد من التجارب البشعة التي أُجريت باسم الطب.
إن بعض السقطات الأخلاقية هي أخطاء ارتكبها أفراد واثقين أنهم يفعلون الشيء الصحيح، إلا أنه في أوقات أخرى يكون الدافع شراً محضاً.
وإليكم في ما يلي 8 من أسوأ التجارب التي أجريت على البشر في التاريخ بحسب موقع LiveScience الأمريكي.
فصل التوائم الثلاثية
بدعوى العلم، وتحديداً لمعرفة دور التربية في تكوين شخصية الإنسان، أجرى علماء النفس تجربة سرية في ما بين ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، فصلوا خلالها التوائم الثنائية والثلاثية عن بعضهم، وعرضوهم للتبني كل على حدة باعتبارهم مواليد فرادى.
واكتُشفت التجربة، التي يقال إن المعهد الوطني للصحة العقلية موَّلها، عندما عثر توأم ثلاثي متطابق على بعضهم في عام 1980، ولم يكن لديهم أدنى فكرة أنهم أقرباء.
لقد سلب الأخوة الثلاثة 20 عاماً من العيش سوية وكانوا مجرد فئران تجارب لعلماء النفس.
ووفقاً للتقارير الإخبارية، فلم يُبد الطبيبان النفسيان للأطفال اللذان ترأسا الدراسة بيتر نيوباور وفايولا بيرنارد أي ندم، حتى أنهما قالا إنه فعلاً شيئاً في صالح الأطفال بتفريقهم حتى يبني كل منهم شخصيته الفردية، حسب قول بيرنارد الاستشارية في وكالة Louise Wise للتبني.
أما بالنسبة لما اكتشفه نيوباور من تجربته السرية «الشريرة»، فهذا متروك لنا لنخمنه، فقد خُزنت نتائج الدراسة المثيرة للجدل في أرشيف جامعة ييل، ولا يمكن فتحه قبل عام 2066 بحسب ما ذكرته الإذاعة الوطنية العامة في عام 2007.
ولقد سجل المخرج تيم واردل حياة التوأم الثلاثي في فيلم بعنوان Three Identical Strangers الذي عُرض للمرة الأولى في مهرجان صاندانس السينمائي عام 2018.
التجارب الطبية النازية
لعل أشهر التجارب الشريرة على الإطلاق كانت تلك التي أجراها جوزيف مينغلي، وهو طبيب في قيادة الإس إس في معسكر أوشفيتز.
كان مينغلي يفتش عن التوائم ليجري عليها تجارب، على أمل إثبات نظرياته بتفوق العرق الآري.
توفي كثير من الأطفال الذين خضعوا لتجاربه، وقد كان مينغلي يجمع أعين «مرضاه» الموتى، بحسب ما ذُكر في متحف ذكرى الهولوكوست في الولايات المتحدة.
كان النازيون يستخدمون أيضاً السجناء في اختبار علاجات للأمراض المعدية وأسلحة الحرب الكيميائية، في حين كان آخرون يُجبرون على البقاء في درجات حرارة تصل لدرجة التجمد، وغرف ذات ضغط منخفض من أجل اختبارات الطيران.
كما خضع عدد هائل من السجناء لعمليات التعقيم.
وبحسب شهادات تاريخية مجمعة في متحف الهولوكوست، رُبط ثديا إحدى النساء بخيط حتى يرى أطباء وحدة إس إس كم سيظل طفلها حياً قبل أن يموت من الجوع.
وفي النهاية، حقنت المرأة طفلها بجرعة قاتلة من المورفين لتوقف معاناته.
ولقد حوكم بعض الأطباء المسؤولين عن هذه الأعمال الوحشية لاحقاً بوصفهم مجرمي حرب، إلا أن مينغلي فر إلى أمريكا الجنوبية، ثم مات في البرازيل عام 1979 من جراء جلطة.
الوحدة 731 اليابانية
خلال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، شن جيش اليابان الإمبراطوري حرباً بيولوجية وأجرى
اختبارات طبية على المدنيين، وكان أغلبهم من الصين.
وبلغت حصيلة القتلى من جراء هذه التجارب الوحشية غير معروفة تحديداً وقدرت بقرابة 200 ألف قتيل، وفقاً لما ورد في تقرير لصحيفة New York Times عام 1995.
وكان من بين الأعمال الوحشية التي ارتُكبت نشر الكوليرا والتيفود في آبار المياه، ونشر البراغيث الحاملة للوباء في أنحاء المدن الصينية.
وكان السجناء يقادون في المناخ المتجمد، ثم تُجرى عليهم التجارب لاكتشاف أفضل علاج للسعة الصقيع.
وقال الأعضاء السابقون في الوحدة إن السجناء كانوا يُعطون جرعات من الغاز السام، ويوضعون في غرف مرتفعة الضغط حتى تنفجر أعينهم، بل إنهم تعرضوا للتشريح وهم على قيد الحياة وفي وعيهم حتى.
ووفقاً لتقرير صحيفة New York Times، فقد ساعدت الحكومة الأمريكية بعد انتهاء الحرب في الحفاظ على سرية التجارب في إطار خطتها لاتخاذ اليابان حليفاً لها في الحرب الباردة.
جرائم قتل بيرك وهيل
حتى ثلاثينيات القرن التاسع عشر، كانت الجثث الوحيدة المسموح لخبراء التشريح بتشريحها هي جثث القتلة
المعدومين.
وكانت هذه الجثث نادرة نسبياً، لذا كان خبراء تشريح كثيرون يشترون الجثث من نابشي المقابر، أو حتى يسرقونها بأنفسهم.
أخذ ويليام هير صاحب نُزل إدنبرة وصديقه ويليام بيرك هذا النشاط الريادي إلى خطوة أبعد؛ ففي الفترة بين عامي 1827 و1828، خنق الرجلان ما يفوق 12 من النزلاء، وباعا جثثهم لخبير التشريح روبرت نوكس، حسبما ذكرت المؤلفة ماري روتش في كتابها «Stiff: The Curious Lives of Human Cadavers» (دار دابليو دابليو نورتون آند كومباني للنشر، صدر عام2003).
وعلى ما يبدو أن نوكس لم يلحظ أو لم يهتم بأن الجثث التي كان يجلبها له مورداه كانت حديثة على نحوٍ مريب، كما ذكرت روتش.
أُعدم بيرك شنقاً لاحقاً جزاءً لجرائمه، ودفعت هذه القضية الحكومة البريطانية إلى إرخاء القيود على التشريح.
التجارب الجراحية على العبيد
اكتسب مؤسس علم أمراض النساء الحديث جيه. ماريون سيمز قسطاً كبيراً من شهرته بإجرائه التجارب الجراحية على نساء العبيد (أحياناً أكثر من تجربة على شخص واحد).
ويظل سيمز شخصية مثيرة للجدل حتى اليوم، لأن الحالات الطبية التي كان يعالج النساء منها، والتي من ضمنها الناسور المثاني المهبلي، كانت تسبب آلاماً جمة.
كانت النساء المصابات بالناسور، وهو تهتك بين المهبل والمثانة، مصابات بالسلس، وغالباً ما كان المجتمع يرفضهن.
كان سيمز يجري العمليات الجراحية دون تخدير، وهذا يرجع جزئياً لحداثة اكتشاف التخدير، وإلى أن سيمز كان يعتقد أن هذه العمليات «ليست مؤلمة للحد الكافي لتبرير (استخدام المُخدر)» على حد قوله في محاضرة ألقاها عام 1857.
وما زال الجدل قائماً حول ما إذا كانت مريضات سيمز سيوافقن على إجراء هذه الجراحات لو كانت لهن الحرية الكاملة للاختيار.
ومع ذلك، فبحسب ما كتبه أستاذ الخدمة الاجتماعية في جامعة ألاباما دوريندا أوجانوغا عام 1993 في دورية Journal of Medical Ethics، فإن سيمز «تلاعب بالمنظومة الاجتماعية للعبيد لإجراء التجارب على البشر، وهو أمر غير مقبول بأي حال».
دراسة الزهري في غواتيمالا
يعتقد كثيرون على نحو خطأ أن الحكومة تعمدت حقن المشاركين في تجربة توسكيجي بالزهري، لكن الأمر لم يكن كذلك.
غير أن عمل البروفيسور سوزان ريفيربي من كلية ويليسلي كشف مؤخراً عن زمن ارتكب فيه الباحثون من خدمات الصحة العامة الأمريكية هذا الأمر بالضبط؛ في الفترة بين عامي 1946 و1948.
إذ اكتشفت ريفيربي أن الولايات المتحدة وحكومات غواتيمالا تشاركت رعاية دراسة تتضمن إصابة السجناء في غواتيمالا ومرضى المصح العقلي عن عمد بمرض الزهري.
وكان الهدف من الدراسة هو اختبار مواد كيميائية للحد من انتشار المرض، وفيها عمد الباحثون إلى أن يصاب الخاضعون للدراسة بالمرض من خلال دفع المال لهم نظير ممارسة الجنس مع فتيات البغاء المصابات بالمرض، وبكشط جلد القضيب ووضع بكتيريا الزهري المستنبتة على الجرح.
واكتشفت ريفيربي أن الذين أصيبوا بالزهري أخذوا البنسلين كعلاج، لكن السجلات التي اكتشفتها أشارت إلى عدم وجود متابعة أو موافقة من المشاركين على المشاركة في التجربة.
وفي تاريخ الأول من أكتوبر 2010، أصدرت كل من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزيرة الصحة والخدمات البشرية كاثلين سيبيليوس بياناً مشتركاً تعتذران فيه عن هذه التجارب.
دراسة توسكيجي
استمرت السقطة الأشهر في أخلاقيات الطب في الولايات المتحدة لمدة 40 عاماً.
ففي عام 1932، وفقاً لما ذكرته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، أطلقت خدمات الصحة العامة الأمريكية دراسة على الآثار الصحية الناجمة عن عدم علاج الزهري.
ولسوء حظ المشاركين الغافلين، فهذه الدراسة كانت تقتضي عدم علاج الزهري.
راقب الباحثون تفاقم المرض لدى 399 رجلاً أسود في ألاباما (تبعهم 201 من الرجال الأصحاء) بدعوى أنهم يعالجونهم من «الدم الفاسد».
وفي الحقيقة، لم يتلق الرجال أي علاج مناسب، حتى في عام 1947 عندما صار البنسلين هو العلاج المعروف للزهري.
ولم تُفضح الدراسة على الملأ حتى تناولها مقال في جريدة عام 1972، لدرجة أن المسؤولين أوقفوا الدراسة بعد ذلك.
تجربة سجن ستانفورد
في عام 1971، شرع فيليب زيمباردو، وهو الآن بروفيسور فخري في علم النفس بجامعة ستانفورد، في اختبار «الطبيعة البشرية» للإجابة عن أسئلة مثل «ماذا يحدث عندما تضع أناساً طيبون في مواقف شريرة؟».
وكانت الطريقة التي شرع فيها للإجابة عن تساؤلاته حول الطبيعة البشرية، وبإجماع كثيرين، لا أخلاقية.
أعد البروفيسور سجناً، ودفع المال لطلاب الجامعة لتأدية دور حراس وسجناء، الذين بدا تحولهم إلى حراس متعسفين وسجناء مضطربين لا محالة منه.
أُوقفت التجربة التي كان من المفترض استمرارها لأسبوعين بعد ستة أيام فقط لأن الأمور سرعان ما تحولت إلى فوضى.
كتب زيمباردو على موقعه الإلكتروني: «تحول الحراس في أيام قليلة إلى السادية، وأصاب الاكتئاب السجناء وأظهروا علامات التوتر الشديد».
عامل الحراس السجناء بطريقة سيئة منذ البداية، مع إهانتهم وتجريدهم من ملابسهم ورش المواد الكيميائية لمكافحة القمل على أجسادهم والتحرش بهم عموماً وتهديدهم.
ووفقاً لتقرير نشرته منصة Medium الإخبارية في يونيو 2018، لم يتسم الحراس بالعدوانية من تلقاء أنفسهم، بل شجعهم زيمباردو على السلوك التعسفي، فضلاً عن أن بعض السجناء زيفوا انهياراتهم العاطفية.
على سبيل المثال، قال دوغلاس كوربي، أحد السجناء المتطوعين، أنه زيف انهياره للإفراج عنه مبكراً.
وبالرغم من ذلك، فقد شكلت تجربة سجن ستانفورد الأساس لعلماء النفس والمؤرخين حتى لفهم كيفية إمكان تحول الأشخاص السليمين إلى أشخاص أشرار عندما يوضعون في مواقف معينة.