5 مراحل أمام إسرائيل لتعطيل “الجنائية”: بدءاً من هدم الخان الأحمر حتى لاهاي
في محاولة لتبرير دور وزارة العدل والنيابة العامة في قرارات سياسية وأمنية، استضافت النائبة السابقة تسيبي لفني العام الماضي كبار رجالات السلك الدولي لوزارة العدل والنيابة العامة العسكرية في الكنيست. وادعى هؤلاء، كعادتهم بأن “جهاز القضاء هو القبة الحديدية القانونية للجيش الإسرائيلي ضد الاتهامات بجرائم حرب في المحافل الأجنبية والدولية”.
مع القرار الأخير لفاتو بنسودا، المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية لجرائم الحرب، رأينا أن هذا الخط، الذي استحدثه القاضي أهرون باراك منذ التسعينيات ليس إلا كذبة. فقد جاء ليبرر التدخل من جانب قضاة محكمة العدل العليا ووزارة العدل والنيابة العامة العسكرية، في صلاحيات قادة الجيش الإسرائيلي ومنتخبي الجمهور.
نهاية الكذبة –التي وصلت مع بيان بنسودا– هي ضرر استراتيجي هائل للدولة ومس لدرجة تعريض حياة جنود الجيش الإسرائيلي للخطر هم وقادتهم ومنتخبو الجمهور.
مثلما أوضح البروفيسور آفي بال من على صفحات هذه الصحيفة، فإن هذا هو فشل الاستراتيجية التي تبنتها إسرائيل لمواجهة المعركة السياسية التي تدار ضدها في الساحة الدولية. والآن، كي نبدأ بإصلاح الضرر الهائل الذي ألحقه بنا أولئك المستشارون الذين يعتبرون عباءة القضاء، يقول بال بشكل لا لبس فيه إن على إسرائيل أن تلغي هذه الاستراتيجية وتستبدلها باستراتيجية سياسية موازية.
لهذه الاستراتيجية السياسية خمسة عناصر
1. نقل المسؤولية عن المعركة للمحافل ذات الصلة.. رئيس الوزراء ووزير الخارجية. على بنيامين نتنياهو أن يأمر اليوم كل محافل القضاء، من المستشار القانوني مندلبليت، عبر الدائرة الدولية في وزارة العدل، والمستشار القانوني لوزارة الخارجية، وفرع القانون الدولي في النيابة العسكرية العامة، بالكفّ عن كل معالجة للمسألة. لقد ثبت بما لا يرتقي إليه الشك بأنه لا يوجد أي قاسم مشترك بين محكمة الجنايات الدولية والمحكمة الدولية.
2. العنصر الثاني تشريعي. فبخلاف إسرائيل، فإن الأمريكيين الذين هم الهدف الثاني لمحكمة الجنايات الدولية، فهموا جوهرها المعادي منذ البداية. وعليه، ففي 2002 سن الكونغرس “قانون الحماية على خادمي الولايات المتحدة”.
القانون، الذي يسمى “قانون اجتياح لاهاي” يدعو إلى “حماية رجال قوات الجيش الأمريكي، المنتخبين والمسؤولين من حكومة الولايات المتحدة ضد الدعاوى الجنائية في محكمة الجنايات الدولية التي تعتبر الولايات المتحدة ليست عضواً فيها”.
ويخول القانون الرئيس لأن يستخدم “كل الوسائل اللازمة والمناسبة لتحرير كل خادم أمريكي أو خادم لحليف أمريكي (أي إسرائيل) يعتقل أو يسجن من قبل أو من أجل أو بناء على طلب محكمة الجنايات الدولية”.
كما أن القانون يحظر كل هيئة حكومية في الولايات المتحدة على مساعدة محكمة الجنايات الدولية بأي شكل من الأشكال. كما أن القانون يحظر على الدول الأعضاء في المحكمة تلقي مساعدة عسكرية من الولايات المتحدة.
على الكنيست أن تعمل في إجازتها كي تسن قانوناً مشابهاً. الحقيقة هي أن هذه فضيحة من إنتاج النيابة العامة للدولة التي لم تسن حتى الآن قانوناً كهذا.
3. العنصر الثالث لاستراتيجية معالجة التهديد من محكمة الجنايات الدولية هو عنصر سياسي. فانطلاقاً من الاعتراف بأن تحقيقات هذه المحكمة هي تهديد على أمن الولايات المتحدة وجنودها، وقع الأمريكيون على اتفاقات ثنائية مع عشرات الدول تعهدت فيها الأطراف بعدم التعاون مع هذه المحكمة، وعلى إسرائيل أن تحذو حذوها.
على وزارة الخارجية أن تتوجه لكل دولة تتلقى مساعدة من إسرائيل، بما فيها الدول الإفريقية وتوقع معها اتفاق دفاع متبادل كهذا، بل وتشترط استمرار المساعدة بهذا التوقيع.
4. العنصر الإعلامي. من الآن فصاعداً، وحتى إغلاق محكمة الجنايات الدولية، على كل ممثلي إسرائيل في العالم أن يتلقوا تعليمات لا لبس فيها لمهاجمتها في كل فرصة وطريقة. والهدف هو تفكيك حقها في الوجود. تجدر الإشارة إلى أنه محظور على هذه المحكمة أن تنال أي موطئ قدم في إسرائيل.
ينبغي منع دخول أي جهة ترتبط بهذه المحكمة بشكل مباشر أو غير مباشر إلى إسرائيل. كل وأي جهة توجد في المناطق التي تحت سيطرة إسرائيل يجب أن تطرد فوراً.
5. العنصر الأخير هو في مجال سياسة إسرائيل في الضفة. حسب ما هو معروف، فإن مندلبليت ورفاقه استغلوا فحص محكمة الجنايات كوسيلة لمنع إخلاء الخان الأحمر، ومنع إحلال القانون الإسرائيلي على غور الأردن والمستوطنات في الضفة.
إذا كان هذا الاعتبار أمام ناظر نتنياهو، فعليه أن يأمر بإخلاء الخان الأحمر فوراً وألا ينتظر يوماً واحداً لاتخاذ قرار حكومي يبسط القانون الإسرائيلي على هذه المناطق.
الادعاء بأن جهاز القضاء يحمي إسرائيل ضد الدعوى صحيح بالنسبة لمحافل قانونية أجنبية، أما القرار اللاسامي من جانب محكمة الجنايات الدولية لإدانة الصهيونية ودولة إسرائيل فيثبت أن هيئة بنسودا ليست هيئة قانونية بل سياسية ومعادية جداً.
لقد أخطأت القيادة السياسية خطأ جسيماً إذ أنصتت لرجال القانون المخطئين والمضللين من عطشى القوة.
يجب أن تسحب من هؤلاء مرة واحدة وإلى الأبد مسؤولية التعاطي مع محكمة الجنايات في لاهاي بهولندا ومقاتلة الأعداء السياسيين لدولة إسرائيل بالأدوات السياسية ذات الصلة بالواقع الحالي.